مما لا شكك فيه أن رقي الأمم وحضارتها يعتمد على ثقافة الفرد وما يمارس من قيم ومبادئ يعود نفعها على مجتمعه الصغير أولاً، ومن ثم على المجتمع الذي يعيش فيه فيؤثر فيه ويتأثر به..! ومن الخطوات الايجابية الهامة نهوض التعليم بأوسع مجالاته في دولتنا، ولا يقتصر على فئة معينة وأفراد معينين، بل شمل تعليم السيدات اللواتي لم يأخذن نصيبهن في هذا المجال.. فافتتحت لهن مدارس محو الأمية في كل مدن المملكة، مما يؤكد العزم على نشر التعليم لجميع أفراد الوطن الغالي، وحرص الأمهات ومثابرتهن في دراستهن يثلج صدرونا.. لأن الأم هي نواة هذا المجتمع.. وتعلمها شرط أساسي لخلق مجتمع واع بعيداً عن المؤثرات الخارجية التي تزرع في أبنائنا الأفكار الهدامة، وأن خوض المرأة في تعلم مهنة أو حرفة أو نيل شهادة لهي بادرة خير في مجتمعنا، مما يدلل على أن حكومتنا تولي التعليم اهتماما كبيرا وحرصها الدائم، في تقديم كل ما ينهض بالبلاد في مجال العلم والمتعلمين، من حيث تقديم التسهيلات اللازمة بفتح المدارس لمن فاتها فرصة التعليم.. ونجد- ولله الحمد- الكثيرات اللواتي يحملن شهادات ثانوية ومتوسطة، وبرعن في مجال القراءة والكتابة وحاولن بعزيمتهن القضاء على الأمية..! وهؤلاء الأمهات هن فخر لوطنهن وإعزاز لإصرارهن على تكملة هذه المسيرة الشاقة، التي لابد لها من الجلد والصبر، حتى يرقين بمجتمع واع يحمل عبء المسؤولية على عاتقه، سواء من رجال أو نساء يكونون منارة لوطنهم في المستقبل القريب بإذن الله! فتعليم المرأة في مجتمعنا أمر هام، وقد حث ديننا على طلبه، فعن أبي الدرداء- رضي الله عنه-، قال: قال رسول الله- صلى الله عليه وسلم- (مثل الذي يتعلم العلم في صغره كالنقش على الحجر، ومثل الذي يتعلم العلم في كبره كالذي يكتب على الماء) رواه الطبراني. وعن كثير بن قيس قال كنت جالساً عند أبي الدرداء في مسجد دمشق، فأتاه رجل فقال: يا أبا الدرداء أتيتك من المدينة مدينة رسول الله- صلى الله عليه وسلم- لحديث بلغني أنك تحدث به عن النبي- صلى الله عليه وسلم-، قال: فما جاء بك تجارة قال: لا قال: ولا جاء بك غيره، قال: لا، فإني سمعت رسول الله- صلى الله عليه وسلم- يقول:(من سلك طريقاً يلتمس فيه علما سهل الله له طريقا إلى الجنة، وإن الملائكة لتضع أجنحتها رضا لطالب العلم، وإن طالب العلم يستغفر له من في السماء والأرض حتى الحيتان في الماء وإن فضل العالم على العابد كفضل القمر على سائر الكواكب، إن العلماء ورثة الأنبياء لم يورثوا ديناراً ولا درهماً إنما ورثوا العلم، فمن أخذه أخذ بحظ وافر).