(العودة للمدارس) شعار ترتفع لافتاته في كل مكان لكن يبدو أن الاهتمام التجاري به يفوق الاهتمام النفسي بالتعلم والتعليم، فالقرطاسيات والمحلات التجارية تسعى إلى استقطاب المستهلكين والزبائن من الطلبة وأولياء الأمور استعداداً للعام الدراسي الجديد، والمطلوب الأهم هو الاستعداد النفسي والسلوكي للطلاب بهدف تهيئتهم لاستقبال عامهم الدراسي الجديد بهمة ونشاط وبدافعية وقابلية للتعلم بعد فترة استرخاء جسمي وذهني سيطرت عليهم خلال الإجازة الصيفية مما يساعدهم على زيادة توافقهم النفسي والتكيف والتأقلم مع الجو الدراسي. هذه التهيئة مسئولية مشتركة بين الاسرة والمدرسة والطلاب أنفسهم: فالأسرة لها دورها الأساس في تهيئة أبنائها لبدء العام الدراسي الجديد لا سيما مع أطفالهم الصغار وذلك بتكوين اتجاهات نفسية ايجابية نحو المدرسة والمرحلة الدراسية الجديدة التي يدرسون بها، وبث روح التفاؤل والنظرة الجيدة للمستقبل، واستخدام الكلمات الايجابية وتلبية حاجاتهم وإظهار السرور بمناسبة العودة للمدارس، ومن المهم كذلك توفير الجو الأسري الآمن الخالي من المشاحنات والتوتر أمام الأولاد. مع أهمية ضبط ساعات مشاهدة التلفاز والسهر, والنوم مبكرا والاستيقاظ في الصباح الباكر للتكيف مع وقت الدوام المدرسي. وللمدرسة دورها المهم في عملية التهيئة ليس فقط بالتجهيزات المادية؛ ولكن من خلال الاستقبال الحافز بالترحيب والتعارف وممارسة الانشطة الترفيهية والعروض الهادفة المحببة بالمدرسة. يروي شاهد عيان كان في رحلة إلى إيطاليا كيف تستعد المدارس هناك لاستقبال الطلاب فيقول إن العاملين بالمدارس شغلهم الشاغل قبيل بدء العام الدراسي مباشرة هو كيفية الابداع والابتكار في أسلوب استقبال التلاميذ وخاصة الجدد وصغار السن الذين التحقوا بالدراسة لأول مرة.. ليحولوا المبنى المدرسي الى مكان جاذب للطفل، وترى حوائط الفصول ملونة بألوان زاهية ومقاعد الفصل دائرية والمدرس او المدرسة تقف في الوسط يراها كل من بالفصل وكأنها امامه وحده. أكثر جهود المعلمين تنصرف إلى المهام الأكاديمية لعملهم، وقلما تبذل جهود صادقة لغرس الألفة. وعندما يواجه المعلمون سلوكاً سيئاً من طلابهم، فإنهم يستخدمون إجراءات انفعالية تضاعف من النفور والاستياء لدى الطرفين. لنتذكر أن الترحاب بطالب العلم سنة نبوية كريمة، كما روى الإمام أحمد بإسناد جيد، عن صفوان المرادي رضي الله عنه قال: أتيت النبي صلى الله عليه وسلم وهو في المسجد متكئا على برد له أحمر، فقلت: يا رسول الله إني جئت طالباً للعلم, فقال: «مرحباً بطالب العلم إن طالب العلم تحُفُهُ الملائكة بأجنحتها). أما طلابنا فلهم دورهم النشط في عملية التحضير للعودة إلى المدارس والجامعات، لقد انقضت الإجازة الصفية، وإن كان بعض الطلاب يجعل من العام الدراسي إجازة مفتوحة!! ونتوقع من طلابنا إظهار الحماس والاهتمام والتهيئة الذهنية بالتعرف على مناهج العام الجديد ومن خلال الانترنت وغيره. نريد أن يتعلم طلابنا وطالباتنا استحضار النية، فهي روح العمل لقول رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (الْأَعْمَالُ بِالنِّيَّةِ وَلِكُلِّ امْرِئٍ مَا نَوَى). قال الإمام أحمد: «العلم لا يعدله شيء لمن صحّت نيته»، قالوا: كيف ذلك؟ قال: «ينوي رفع الجهلَ عن نفسه وعن غيره». ولحفز الجهود للتعلم جاءت البشارة بأن كل ما يبذله المتعلم في تعلمه هو خطوة إلى الجنة، فعن أبي الدرداء رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: «من سلك طريقاً يلتمس فيه علماً سهل الله له طريقاً إلى الجنة، وإن الملائكة لتضع أجنحتها لطالب العلم رضاً بما يصنع، وإن العالم ليستغفر له من في السماوات ومن في الأرض حتى الحيتان في الماء، وفضل العالم على العابد كفضل القمر على سائر الكواكب، وإن العلماء ورثة الأنبياء، إن الأنبياء لم يورثوا ديناراً ولا درهماً إنما ورثوا العلم، فمن أخذه أخذ بحظ وافر). لعل من المشوق أن يجد طلابنا في هذا العام جديدا في مسيرة التطوير نحو مجتمع المعرفة كما يظهر من اهتمام وزارة التربية والتعليم بتجويد العملية التربوية والتعليمية بهدف مواكبة التغيرات والتطورات العالمية المبنية على أعلى معايير الجودة وتحقيق أهداف سياسة التعليم على نحو تكاملي وفق رؤية المملكة بحلول عام 1444ه كما أعلن مدير عام التربية والتعليم بالمنطقة الشرقية الدكتور عبدالرحمن بن إبراهيم المديرس الأسبوع الماضي، إنه هدف طموح علينا جميعا أن نشارك في الإعداد له. ولندع بدعاء نبينا صلى الله عليه وسلم (اللهم انفعنا بما علمتنا، وعلمنا ما ينفعنا، وزدنا علماً).