تحية طيبة إشارة إلى التغطية الإعلامية لجريدة الجزيرة لفعاليات اللقاء التاسع للإشراف التربوي على مستوى المملكة والمنعقد بمنطقة القصيم بالفترة (6-9-3-1425ه) بأعدادها الصادرة (11531-11532-11533) وكون الجزيرة من الصحف الرائدة في تناول قضايا التربية والتعليم وطرحها على بساط صفحاتها سواء كانت أخبارا أو تعليقات أو تحقيقات.. في الآونة الأخيرة أصبحت شؤون وشجون التربية حديث المجتمع بكافة فئاته وتطرق قضاياه عبر المنتديات والملتقيات وتطرح أيضا عبر وسائل الإعلام المتنوعة.. صحيح أن هناك تذمرا، وصحيح أن هناك قصورا، وصحيح أن هناك إهمالا، لكن المشكلة الحقيقة هل نحن معشر التربويين نجرأ على أن نقول الحقيقة كما هي فعلاً؟! وهل معشر المسؤولين عن قطاع التربية يملكون الجرأة والصراحة ليتفوهوا عن واقع التعليم؟! والجواب أننا نتردد كثيرا في قول الحقيقة والإفصاح عن الواقع كما هو واقع فعلاً لأسباب عديدة منها ما يتردد على ألسنة البعض بقوله: (مالي ومالي الناس) ومنهم من يقول: ( لماذا اضع نفسي في أمر قد يسبب لي مشكلة الخلاص منها ليس بالأمر الهين). وسوف يرتكز حديثي عن شؤون التربية وشجون التعليم بحكم أنني جزء من هذا الكيان التربوي الكبير والذي أفتخر بالانتماء إليه وهذا الانتماء يحتم علي أن أفصح عن واقع مرير لم تُقَل كلمة الحق فيه بعد للأسباب آنفة الذكر، وبعد أن بلغ الأمر ذروته كان ولا بد من أن نتصارح ونتكاشف وأن نقول الحقيقة كما تعلمناها في مناهجنا من الصدق والنصح وقول الحق وأن لا نخشى لومة لائم.. هذا الموضوع الذي أشغل بال الكثيرين من منسوبي ومنسوبات التعليم على اختلاف وظائفهم ومواقعهم هو كثرة الاجتماعات واللقاءات والتي دأبت وزارة التربية على عقدها بشكل سنوي ونصف سنوي وشهري وأسبوعي على مستوى المملكة أو على مستوى الوزارة نفسها أو إدارات التعليم بالمدن والمحافظات والتي لم نلمس أثرا حقيقياً لنتائج وثمرات هذه الاجتماعات والتي يصرف من أجلها أموال طائلة ما بين انتدابات وتذاكر سفر وإقامة وإعاشة وما بين جهد يبذل وأوقات تضيع تشكل لها اللجان الرئيسية والفرعية ويكون لها فرق عمل تواصل الليل بالنهار الهدف هو إظهار المناسبة بما يتناسب مع الحدث فقط تفتتح بما اعتادت عليه من خطابات المدح والثناء وكلمات الشكر والتقدير للمنظمين أو المستضيفين وعلى مدار تلك الأيام تستحوذ الخطب على النصيب الأكبر مما يدور داخل تلك القاعات وتختتم بتوصيات لا تسمن ولا تغني من جوع وهذا هو واقعها وعملها.. وحتى لا أوصف بالتحامل أو التجني سأدعم القول بالشواهد والحقائق لنكون على بينة من أمرنا، كلكم تذكرون ذلكم الحدث الذي طرق إعلامياً وبتصريحات غير معهودة من منسوبي وزارة التربية عن صدور الموافقة السامية لعقد أكبر ندوة في تاريخ الوزارة تحت شعار (ماذا يريد المجتمع من التربويين؟ وماذا يريد التربويون من المجتمع؟) في الفترة ما بين: 18-20-11-1423ه هذه الندوة التي استنفرت لها الوزارة وجميع إدارات التعليم للبنين والبنات وتواصل العمل من أجلها على قدم وساق شكلت لها لجان على أعلى المستويات ودعي لها كبار الشخصيات من الداخل والخارج وصحبها تغطية إعلامية منقطعة النظير كلفت الكثير والكثير من المال والجهد والوقت ولكن ماذا بعد هذه الندوة؟ وما الفائدة التي جنيناها للميدان التربوي؟ وما القرار الوحيد على الأقل الذي أثمرت عنه هذه الندوة لصالح التربية؟! وكنت في وقتها لست متفائلاً بنتائج إيجابية منها وأصبحت الندوة في خبر كان.. ولكن الوزارة مصرة على هذا النهج فكل عام تعقد اجتماعاً على مستوى المملكة بأحد المناطق يكلف الوقت والجهد والمال بل تتعطل بسبب ذهاب كافة مسؤولي الوزارة وإدارات التعليم إلى ذلك الاجتماع والنتيجة محسومة سلفا كسابقتها من الاجتماعات كالذي عقد مؤخرا بمكة المكرمة وحضره كل منسوبي الوزارة ومديري عموم التعليم للبنين والبنات ومسؤولات مكاتب الاشراف النسوي. وعلى مدار ثلاثة أيام كانت النتيجة وعلى المعتاد توصيات لا قرارات. ولم يكن لمشاكل الميدان التربوي نصيب من الأخذ والعطاء أو النقاش والحوار لأن الصفوة الذين اعتادوا حضور هذه الاجتماعات هم يبعدون كل البعد عن واقع الميدان التربوي وساحاته لأنهم لا يتعاملون إلا مع الاوراق أما الواقع فنحن نعاني منه وهم بعيدون عنه. أقولها لأنني معايش لأوضاع التعليم من الميدان وليس من المكاتب من خلال تجربة عملية طيلة إحدى عشرة سنة ما بين معلم ومدير ومشرف دخلت دهاليز الإدارة والوزارة تعرفت على المشاكل والمعانات وعرفت مواطن السلب والإيجاب ومكامن الضعف والقوة وكوني شاهداً لمثل هذه اللقاءات وحاضراً لمثل هذه الاجتماعات المصغرة والتي تستمد نهجها وسياستها من الاجتماعات الكبيرة تكون المحصلة توصيات لا فائدة ترجى منها.. وخلاصة الفائدة تنحصر بأربعة أمور: أولها: أننا نتعرف على زملاء سابقين وآخرين جدد، والثاني: ننعم بموائد فيها ما طاب ولذ، وثالث: نحصل على انتدابات مالية، ورابع: نعيد حفظ خطابات تعاد وتكرر وكلمات يزاد فيها المديح والثناء، وهكذا قدر أن تكون اجتماعات الوزارة على هذا المنوال. أما الصراحة والوضوح والمكاشفة وقول الحقيقة برمته فوالله ما سمعت أذني بها بل المؤلم أننا نسمع الحقيقة والنقد بعد أن تنتهي تلك الاجتماعات وتعود تلك الوفود إلى مواقعها سالمة وقد وضعت عينها على رفع أوراق الانتدابات على وجه السرعة. ان كتابتي عن هذا الموضوع ربما حملت نوعا من الحدة هو من منطلق المسؤولية المشتركة والمواطنة الحقة وأن هموم التعليم وشجونه يجب أن نعايشها في سويداء قلوبنا. ناصر بن عبدالعزيز الرابح/ مشرف تربوي بتعليم حائل