ودّعنا ظهر الثلاثاء الماضي الشاعر السعودي الكبير حسن عبدالله القرشي بعد معاناة مع المرض.. رحل شاعرنا إلى الدار الآخرة نسأل الله ان يتغمده في رحمته وأن يلهم ذويه الصبر والسلوان.. ودعنا ونحن بأمس الحاجة إلى كلماته الأصيلة الصادقة التي تعبق منها رائحة شعرائنا الأوائل.. رقة كلماته وحسه المرهف وجمالها وأناقتها وعذوبة التقسيم والايقاع لعلها أن تخفف عنا ضغط الحاضر وتنسينا الألم ونزف الجرح الذي ما برح يتصبب من جسد الأمة، أبناؤنا ما فتئوا يرددون ويستعيدون سيرة رسولهم الكريم صلوات الله وسلامه عليه وصحبه الكرام في قصيدتك عن مهبط الوحي ومهوى الأفئدة (مكة). كنت نبعاً صافياً ومنهلاً عذباً كنت مرجعاً في العربية حفظت قصائد شعرائها ودرست قواعدها وعرفت فنونها.. جددت في الشعر وفتحت آفاقا وأعطيت مساحة للشاعر بأن يتحرر بعض الشيء من قيود الشعر لكنك لم تهمل الأصل وتلغي الأساس وتردد مقولة (الفراهيدي) له زمنه ونحن لنا زماننا أو مثلاً نحن في عصر متقدم عصر رقي وتقنية فلابد أن ندع القديم وننهل من عصر الذرة لابد أن (نُطلسِم) ونأتي بقصيدة حداثية تحكي عصر الحداثة لابد أن تكون ألفاظا مبعثرة وطلاسم غير مفهومة حتى تصبح فعلاً شاعراً حضارياً وأبدعت بقصيدة حضارية.. أبداً أنت أيها القرشي لم تكن كذلك.. فكنت رحمك الله امتداداً للشعر القديم.. كنت تعيش بيننا بهدوء وسكينة ورحلت عنّا أيضاً بهدوء فلم تكن مشاكساً أو تسير في اتجاه معاكس لأمتك ودينك لم تغتر بشاعريتك وبجمال قلمك وتأخذ بالنيل من ثقافتك وتهميش واقعك والاستهزاء بعقيدة ومرجعية أمتك. أنت رحلت عنّا لكنك موجود بيننا نقرؤك كل يوم عبر نتاجك وجهدك الثقافي الكبير نستمتع بألفاظك وأناقة كلماتك عبر دواوينك.. (مواكب الذكريات الأمس الضائع.. البسمات الملونة.. عندما تحترق القناديل.. الخ) وعن طريق أعمالك الأخرى النثرية منها والنقدية والأدبية فمن القصة مثلاً (أنّاة الساقية.. وأصداء من الماضي) ومن الدراسات مثلاً دراسة عن (الشريف الرضي) ودراسة عن (أبي القاسم الشابي) وبعض المؤلفات مثل (شوك وورود) (أنا والناس).. فوداعاً أيها الشاعر الأصيل الكبير إلى رحمة من الله وعفو وغفران.