كشف عدد من علماء السنة والسيرة من داخل المملكة وخارجها عن مخالفة أصحاب الأفكار المنحرفة من المتطرفين والإرهابيين لما جاءت به السنة النبوية المطهرة، والسيرة العطرة من نصوص ومواقف تحرم سفك الدماء المعصومة، وترويع الآمنين، وتنبذ العنف والإرهاب بكل صورهما. وأشار علماء السنة والسيرة في الحلقة الأولى من الاستطلاع الذي أجرته (الجزيرة ) حول مسؤولية علماء السنة والسيرة في مجابهة الغلو والتطرف ، وإلى ضرورة تكاتف جهود العلماء لبيان خطأ تأويلات بعض الأحاديث من جانب المتطرفين، وإنزالها على غير مواضعها لتبرير جرائمهم.. وفي هذه الحلقة الثانية من الاستطلاع نواصل رصد آراء علماء السنة والسيرة في هذا الاتجاه. الأفكار القديمة بداية يقول الدكتور أبولبابة بن طاهر حسين رئيس قسم الدراسات الإسلامية بجامعة الإمارات العربية المتحدة: إن الأفكار الهدامة المنحرفة لم تخرج في الأيام الاخيرة فقط، إنما هي قديمة جدا، فأعداء هذه الأمة من الصليبيين، ومن العلمانيين، ومن أصحاب الأفكار الهدامة سعوا إلى نشر أفكارهم منذ زمن بعيد، وقد تصدت لهم الأمة وعلماؤها، واستطاعت أن تحمي، وتحصن شعوبها، وأفرادها من تلك التيارات، إلا أنهم رغم الجهود التي بذلت تمكنوا واستطاعوا أن يستولوا على أفكار الكثير من شبابنا، فنجد من أبناء أمتنا من يحمل أسماءنا، ويحمل ملامحنا إلا أنه ينظر إلى الدنيا بعيون غريبة بعيدة كل البعد عن أمان الوطن، وعن قيم الوطن، وعن دين الوطن، ومن هنا تجلت هذه المخاطر، التي أصبحت تهدد سلامة الأمة، بل تكاد تهدد وجودها، ودور علماء السنة وعلماء السيرة النبوية الشريفة هو السعي لبيان، ولتجلية الحقائق التي جاءت بها السنة النبوية الشريفة، والتي نلمسها في سيرة المصطفى- صلى الله عليه وسلم- حتى تكون القدوة والمثل لهذا الشباب، وبذلك يتحصن من كل انحراف، ويتحصن من التردي في هذه الحفر الخطيرة التي يحفرها أعداء الأمة بأفكارهم الهدامة، التي تتنافى مع أصالتنا، ومع ديننا، وعقيدتنا، وقيمنا، وأخلاقنا، وتاريخنا، وتراثنا. ويضيف د. أبو لبابة: ودور العلماء حقيقة كبيرة جداً، لكن من الضروري أن يكون للعلماء مكانة محترمة، وأن يكونوا في المستوى المطلوب، أما أن يكونوا أغلب الوقت في مؤخرة القافلة يقدم عليهم أناس دون هذا المستوى بكثير، ولا نذكر هؤلاء العلماء إلا في الملمات، فهذا أمر غير طبيعي على الإطلاق، فالعالم، والعلم ينبغي أن ينال في ربوع هذه الأمة المكانة التي يستحقها حتى يؤدي الواجب المنوط به على الوجه المطلوب في تحصين شبابنا، وأبناء مجتمعنا من كل المخاطر التي تدهم الأمة، وهي كثيرة، وخطيرة جداً، يشنها أعداؤنا الذين يملكون القوة والقدرة على التأثير في الشباب الغض. مسؤولية العلماء من جانبه يقول الدكتور يوسف الكتاني عضو هيئة التدريس بجامعة القيروان بالمغرب: إن دور علماء السنة في إشاعة مبادئ الإسلام من سماحة وتيسير، والوقوف في وجه تلك الشرذمة من أهل الضلال والزيغ الذين أخذوا يفتتنون أمة الإسلام ودول الإسلام، ويعكرون صفو الأمن والاستقرار، وهذا الدور يشترك فيه أهل المسؤولية والحكم إلى جانب علماء الأمة الذين يوجهون عقول أبنائها، ويُقومون سيرتهم، ويدفعونها إلى المسير على درب الله، وعلى الصراط المستقيم، وكلما كانت مناهج التربية الإسلامية ومناهج التعليم صالحة وقائمة على مبادئ القرآن الكريم، وسيرة رسول الله- صلى الله عليه وسلم- كانت عاصمة لسلوك وسيرة أبنائنا وشبابنا، وكلما قصرت في هذا الارتباط بالكتاب والسنة الأصليين إلا وظهر الفساد في الأمة، ولا شك أن مسؤولية العلماء مسؤولية كبيرة وضرورية من توجيه وإرشاد وتصليح وإصلاح وتقويم، وأن من أهم هذه المسؤوليات التركيز على مبادئ الإسلام التي تدعو إلى الأمن، وإلى الاستقرار، وأن يحترم كل مسلم حرية أخيه، ودينه، وأمنه، واستقراره، وما ظهرت هذه البوادر أو هذه الشراذم المتطرفة المنحرفة إلا لتقصير جهة من الجهات نحو تطبيق مسؤوليتها، والقيام بدورها الفعال في سبيل الأمة. ويضيف د. الكتاني: وأن المسؤولية اليوم، وفي هذا الوقت بالذات تتضخم وتكبر نحو العلماء باعتبارهم الموجهين للأمة والمرشدين لها والدالين لها على الله - سبحانه وتعالى - وعلى منهج الإسلام القائم على الخير والفضل والسماحة والتيسير، ومن هنا نتطلع جميعا إلى تفعيل جهود العلماء من خلال الندوات والمؤتمرات شريطة ألا تبقى توصياتهم مجرد أوراق للحفظ والتوثيق وإنما ينبغي أن تُفعل وأن تحول إلى مبادئ تطبق، وإلى توجيه في إذاعات، وفي كل وسائل الاتصال وتوجيه الأمة عن طريق الخطباء، وعن طريق المدرسين، وعن طريق الوعاظ، وعن طريق الدعاة، فهذا خير إصلاح وخير وسيلة لتقويم الانحراف، وتقويم المعوجين والضالين، وعلى وسائل الإعلام أيضاً أن تضاعف جهودها، وأن تضاعف نشاطها، وأن تنوع برامجها، وأن ينزل العلماء إلى جميع المستويات، فقد كان الشيخ جمال الدين الأفغاني: يقول إن أقرب الناس إلى الدعوة، وإلى التوجيه هم رواد المقاهي ومجمعات الشباب وهم مجمعات الثقافة الذين لا يصلهم لا دين، ولا إسلام، إذ إن رواد المساجد مؤمنون صادقون متقون يخافون الله، فأحوج الناس من فئة الشباب في مراكزهم ونواديهم، وكافة الهيئات المدنية والأدبية والإدارية المعنية بالشباب، ويجب أن تتسع جهود العلماء لكل هذه الهيئات، ولكل هذه الجهات، وأن تبلغ كل الشرائح، وخاصة الشباب لأنهم قوام الأمة، وهم مستقبلهم وهم أملها - والحمد لله - أن الإسلام بعد اضمحلال الشيوعية، وبعد تقويض أركانها في بلدها أصبح يأخذ مكانة في قلوب أبنائها، وفي عقولهم وصار الإقبال على أخلاق رسول الله، وسيرة رسول الله ومناهج الإسلام قويا، فعلينا أن نضاعف نحن كعلماء وكمرشدين وكدعاة وكمدرسين وكعلماء في الجامعة هذه الجهود لنقضي على كل هذا الزيغ وهذا الضلال، وهذا الغزو الفكري الذي أحاطنا من كل جانب. الخوارج والمعتزلة أما الدكتور صهيب حسن عبدالغفار عضو هيئة التدريس في الكلية المفتوحة بلندن ورئيس جمعية القرآن الكريم في لندن فيقول: قال تعالى في كتابه المجيد {وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطًا لِّتَكُونُواْ شُهَدَاء عَلَى النَّاسِ وَيَكُونَ الرَّسُولُ عَلَيْكُمْ شَهِيدًا}، فالإسلام في منهجه كله وسط واعتدال في جميع الأمور، وليس التطرف أو العنف أو الإرهاب من شأن الإسلام أبدا، وهذه الأفكار المنحرفة التي ظهرت في الآونة الأخيرة من ناحية التكفير، وكذلك من ناحية العنف والإرهاب حتى ضد المسلمين، إنما هي أفكار قديمة، وامتداد لفكر الخوارج والمعتزلة، ولكنها ظهرت في ثوب جديد في هذه الأيام، والرد على هذه الأفكار مثل الرد تماماً على فكر المعتزلة والخوارج، فالخوارج الذين استباحوا دماء الناس وأموالهم لأجل فكرهم المنحرف، والمعتزلة التي أثاروا ادعاءات فكرية بين صفوف الأمة، وكذلك امتحنوا الناس من أجل أفكارهم الزائغة مثل محنة الإمام أحمد بن حنبل في فتنة خلق القرآن الكريم، فهذه الأفكار هي نفس الأفكار القديمة، ونحمد الله تعالى أن علماء السنة من أمثال الشيخ عبدالعزيز بن باز، والشيخ محمد بن صالح بن عثيمين، والشيخ الألباني - رحمهم الله تعالى جميعاً - قد تصدوا بالرد على هذه الأفكار في كتبهم ومقالاتهم، وكذلك في خطبهم ومواعظهم، وهناك كثير من العلماء الأجلاء في المملكة العربية السعودية وغيرها من الدول الإسلامية من يواصلون المسيرة في مواجهة هذه الانحرافات على صفحات الجرائد والصحف، ومجلات باللغة الإنجليزية مثل جريدة ايمبكت، وجريدة الصراط المستقيم الصادرتين من انجلترا، وكذلك الصحف في باكستان مثل جريدة محدث، وترجمان القرآن، وجريدة البلاغ صحيفة ترجمان الصادرة من الهند، وفي هذه الجرائد كلها مقالات طيبة تتحدث عن وسطية الإسلام، ومنهجه المعتدل. ويضيف د. عبدالغفار: وعلى علماء الأمة بأجمعهم واجب مهم، وهو أن يبرزوا وسطية الإسلام خاصة في خطبة الجمعة، لأن خطبة الجمعة تستقطب عدداً كبيراً من جماهير المسلمين، وهي منبر أسبوعي متاح لكل إمام وخطيب، حتى يتكلم عن أهم المواضيع التي تجابه الناس في هذا الزمان، وعلى علماء المسلمين أن يهتموا بهذا، ويستغلوا هذا المنبر في التصدي والرد على هذه الأفكار بالكتابات الهادفة المستقيمة على صفحات الجرائد والصحف وغيرها من وسائل الإعلام، فهذه كلها ميادين متاحة للمسلمين في الوقت الحاضر، ناهيك عن أحدث الطرق مثل الإنترنت، ولا سيما أن هذه المجموعات التي تكفر المسلمين، أو تدعو إلى الإرهاب والعنف هي الآن في حالة تراجع وهزيمة، تراجع المسلمين بأجمعهم، عرفوا خطورة هذه الأفكار، وما تأتي به على المسلمين من نتائج وخيمة من دمار، وخراب الديار، وقتل الأبرياء في بلاد المسلمين، وغيرهم، فالناس قد أدركوا خطر هذه الأفكار ويريدون أن يتجنبوها فلذلك يجب أن يهتم علماء السنة والعلماء بصفة عامة بالرد على هذه الأفكار، وعلى عموم المسلمين أن يكونوا على حذر تام من الأفكار الزائغة. الكنوز الكثيرة من جانبه يقول الدكتور مهدي رزق الله أحمد عضو هيئة التدريس بقسم الثقافة الإسلامية بجامعة الملك سعود: إن السيرة النبوية هي جزء من السنة المطهرة فيها كنوز كثيرة يجهلها بعض الناس، ولو تم توظيفها لتربية شبابنا في مراحل التعليم المختلفة لكان ذلك سبباً - إن شاء الله سبحانه وتعالى - يقينا من شرور كثير من الفتن التي تتعرض لها أمتنا الإسلامية، ويتعرض لها شبابنا، وجراء البعد عن ذلك المنبع الصافي من سيرة المصطفى- صلى الله عليه وسلم- في التعامل مع الآخرين في التعامل مع الصغير، ومع الكبير ومع المسلم، وغير المسلم طبعا، وفي هدي الرسول- صلى الله عليه وسلم- الكثير مما يمكن أن يكون إضاءة تضيء لنا الطريق في ظلمات هذه الفتن التي تحدث تارة هنا، وتارة هناك، والله نسأل أن يبصرنا بما عندنا من الكنوز المتعلقة بفهم ديننا الحنيف الذي ينهى عن كل أمر يمكن أن يشين هذا الدين، فهو دين التسامح وليس دين العنف، وهو دين الوسطية، وليس دين التطرف، هو دين الحسنى، والتعامل مع كل الناس، فالرسول- صلى الله عليه وسلم- يقول فيما يتعلق بالمستأمنين وأهل ذمتنا: (من آذى ذمياً فقد آذاني ومن آذاني فقد آذى الله) ومن عظيم ما قاله الرسول- صلى الله عليه وسلم- : (من قتل معاهدا أو انتقصه حقه، فإنه لا يريح رائحة الجنة)، وهناك أحاديث كثيرة في هذا الشأن، بل القرآن الكريم هو الموجه الأول يقول تعالى: {لَا يَنْهَاكُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذِينَ لَمْ يُقَاتِلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَلَمْ يُخْرِجُوكُم مِّن دِيَارِكُمْ أَن تَبَرُّوهُمْ وَتُقْسِطُوا إِلَيْهِمْ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ} هذا هو المبدأ، وهذا هو المنطلق من كتابنا الكريم، وتطبيقاته العملية من سنة وسيرة رسولنا الكريم- صلى الله عليه وسلم- وتطبيقات أئمتنا وسلفنا الصالح من الصحابة، وعلى صفة خاصة الخلفاء الراشدين الذين طبقوا هذه المبادئ، فكانوا مثلاً عليا لنا في كل زمان ومكان، ومسؤولية العلماء هي بيان ذلك ليجنبوا الشباب تلك المنعطفات الخطيرة، وعلى علماء الأمة الإسلامية أن يكونوا خير معين وقدوة بعد الله سبحانه وتعالى لشبابنا حتى يبصروهم في مراحل التعليم المختلفة، وهذا هو دور العلماء، فالعلماء هم ورثة الأنبياء، كما هو معلوم، فمهمتهم مهمة شاقة لتبصير الشباب بما ينفعهم في دينهم ودنياهم، ويبعدهم عن كل ما يمكن أن يندرج في خانة الغلو والتطرف. مسؤولية العلماء أما الدكتور صالح بن أحمد رضا رئيس قسم أصول الدين في جامعة الشارقة في دولة الإمارات العربية المتحدة فيقول الله عزوجل: لرسولنا- صلى الله عليه وسلم- الرحمة المهداة، في كتابه العزيز: {فَبِمَا رَحْمَةٍ مِّنَ اللّهِ لِنتَ لَهُمْ وَلَوْ كُنتَ فَظًّا غَلِيظَ الْقَلْبِ لاَنفَضُّواْ مِنْ حَوْلِكَ}، فهذا الرسول الكريم- صلى الله عليه وسلم- في كل سنة من سنته، وفي كل طريق من سبيله في السيرة النبوية الشريفة نرى فيه الرحمة، والسماحة، ونرى فيه كل خلق رفيع عال، لا يعرف عنه أنه أساء لأحد، بل من المعروف أيضاً أنه لم يضرب امرأة، ولا عبداً قط، فهو رحمة كله، رحمة في كلامه، رحمة في أفعاله، رحمة في تشريعاته، فلذلك إذا رأينا أحداً من المسلمين الذين ينتمون إلى الإسلام يعادون أحداً، أو يضرون بأحد فلنعلم أنهم ليسوا على سنة النبي المصطفى- صلى الله عليه وسلم-، بل إنه - عليه الصلاة والسلام - قال: (إن الإنسان بنيان الله ملعون من هدم بنيان الله) فأين هؤلاء المتطرفون الإرهابيون من سنة النبي - عليه الصلاة والسلام - ومن سيرته، وهم يقتلون الأبرياء ويهتكون الأمن والسلام في هذه الحياة الدنيا لا شك أنهم لا يسيرون وفق ما يريده- صلى الله عليه وسلم-. ويضيف د. صالح رضا: ولذلك كان على علماء السنة النبوية والسيرة الذين يدرسونها في الجامعات، أو المدارس والمعاهد عليهم أن يؤصلوا هذا الأساس، أساس الرحمة، والسماحة والتعامل الحسن بين الناس جميعاً، وبخاصة بين المؤمنين فنحن مطالبون كعلماء بالسنة النبوية والسيرة المصطفى- صلى الله عليه وسلم- أن نرسخ هذا المفهوم في نفوس الناس تعليماً وتدريساً، وأيضاً أن نكون نحن قدوة لهؤلاء الناس في الرحمة، وفي السماحة وفي السهولة. أما بالنسبة لعلماء الأمة الإسلامية عامة، فلا شك أنهم أيضاً وهم يمثلون دين الله - عز وجل - في كل فروعه في السنة، وفي الفقه، وفي أصوله، وكلها تصب في معين واحد هو معين الصلاح والإصلاح معين السلام، والأمانة، فهم جميعاً مسؤولون عن ترسيخ هذه المعاني الطيبة المباركة في مجتمع المسلمين ليعيش الناس جميعاً، ليس المسلمون فقط، بل جميع الناس يعيشون في أمان وفي سلام، ولنعلم أن ديننا الحق لم ينتشر في كثير من بلدان العالم وبقاعها إلا بالمعاملة الحسنة، والمعاملة الطيبة المباركة، فلنسر نحن على طريقهم، وننسخ هذه المعاني الطيبة، ولنقم بواجبنا تجاه هذه الأمة وتجاه شبابنا لنجعلهم قادة وقدوة للناس في السماحة وفي الرحمة. الإرث النبوي الشريف من ناحيته يقول الدكتور فاروق حمادة أستاذ السنة وعلومها بكلية الآداب في جامعة محمد الخامس بالرباط: لا شك أن الإسلام بناء متكامل مثاله الأعلى هو محمد- صلى الله عليه وسلم- في كل حياته، وفي كل شؤونه، ولهذا فإن بعث صفات هذا النموذج، وتجديدها في حياة الإنسان المسلم خاصة، والإنسان عامة له أثر كبير جداً في إضفاء السعادة والسكينة والطمأنينة على الإنسان فرداً وجماعة وأسرة، والتعايش الإسلامي والإنساني في العالم كله، ولهذا فإن التقاء علماء السنة والسيرة على هذا الهدف لقاء مهم وطيب ومثمر جدا، وذلك بأن يتذاكروا الجوانب التي تحتاجها الأمة في حياتها، ويحاولوا بعثها، وترسيخها في نفوس الأمة، وذلك لأن العلماء، وخاصة علماء السنة والحديث والسيرة هم المؤتمنون على هذا الإرث النبوي الشريف، والإنسان قد تتضخم فيه بعض الأجزاء على حساب أجزاء أخرى، فيسمى عند جميع الناس مرضا يعالج، وكذلك الحياة الاجتماعية عندما تتضخم فيها بعض الأشياء على حساب البعض الآخر، لابد من علاجها، وهذا العلاج يكون بأن تعود إلى التوازن والرشد الحقيقي بميزان صحيح، هذا الميزان هو شخص النبي- صلى الله عليه وسلم-، ثم سلوكه ثم هديه وسيرته وسنته، ثم حياته التي كان يعيشها بين أصحابه إذ كانت هذه الحياة متوازنة هادئة آمنة مطمئنة في جميع جوانبها وأركانها هذا الاطمئنان في جميع الجوانب والأركان، ما كان إلا نتيجة التوازن الإسلامي القرآني الرباني الذي جاء من الله سبحانه وتعالى في كتابه العزيز وفي سنة نبيه- صلى الله عليه وسلم- ليحقق للناس وللبشر الراحة والاستمرار، والسعادة، ولهذا فإن علماء الأمة، وعلماء الحديث والسنة خاصة هم روح هذه الأمة، وهم المؤتمنون على نصحها وإرشادها وعلى مسيرتها وعلى هديها إلى ما ينفعها حالا ومآلاً، ولهذا فإن أخذهم للدور الذي أناطه الله بهم في التوجيه والإرشاد والقيادة الصحيحة للحياة الإسلامية بكل أبعادها واجب لابد أن يقوموا به على الوجه الأكمل والطريق الواسع الأشمل لتكون الأمة هانئة الحال مضمونة العاقبة والمآل.