شارك نحو ثلاثة آلاف شيشاني امس الاثنين في قرية تسينتوروي جنوب شرق الشيشان في جنازة الرئيس الشيشاني الموالي لروسيا احمد قديروف الذي قتل الأحد في انفجار استهدفه. وحمل رمضان وسليم خان جثمان والدهما احمد إلى مقبرة هذه القرية التي تعتبر معقلا لهذا المفتي السابق للشيشان. وشارك أيضا في الجنازة الرئيس الشيشاني بالوكالة سيرغي ابراموف ووزير الداخلية الشيشاني علو الخانوف الذي أصيب في عملية التفجير في غروزني. وبدأت أمس مراسم حداد تستمر ثلاثة أيام وطقوس دينية في الشيشان وأدانت الحكومة الأمريكية الانفجار الذي أسفر عن مقتل رئيس الشيشان واخرون. وقال المتحدث باسم البيت الأبيض سكوت ماكليلان في بيان إن (الولايات المتحدة ترفض بصورة قاطعة جميع أعمال الإرهاب ومن يرتكبونها. لا توجد قضية وطنية أو عرقية أو دينية أو أي قضية أخرى تبرر استخدام الإرهاب). واعتبرت القيادة في موسكو أن الحادث يمثل لطمة شديدة لخططها الخاصة بتحقيق السلام في الشيشان. فباغتيال قديروف فقد الكرملين حليفه الرئيسي في الحرب ضد القوات المتمردة التي قيدت حركة عشرات الآلاف من القوات الروسية في شمال القوقاز منذ عام 2000. كما جاهد الجراحون لإنقاذ حياة قائد القوات الروسية في الشيشان الكولونيل جنرال فاليرى بارانوف الذي أصيب إلى جانب 50 شخصا آخرين في التفجير الذي دبرته قوى زعم الكرملين وقديروف أنه لم يعد بوسعها شن هجمات كبيرة. وقال قديروف في تصريح في شباط-فبراير الماضي (إنهم لا يمتلكون الموارد. ولا توجد قرية واحدة هنا ليست تحت سيطرتنا). ولدى تلقى الرئيس الروسي فلاديمير بوتين أنباء الانفجار أكد أن (العدالة سوف تسود والعقاب حتمي). ولكن نظرا لان بوتين هو الرجل الذي قام بتنصيب قديروف قبل أربعة أعوام وساند بقوة انتخابه رئيسا للشيشان في تشرين الاول-أكتوبر الماضي فإنه يدرك تماما أنه لا يوجد شخص واضح لملء الفراغ المفاجئ. وأصدر بوتين أوامره إلى رئيس وزراء الشيشان الروسي المولد سيرجي ابراموف الذي أصيب إصابة طفيفة في الهجوم بتولي منصب القائم بأعمال الرئيس وتنظيم انتخابات جديدة بحلول أيلول-سبتمبر القادم. كما سمعت نداءات جديدة في موسكو تدعو بوتين إلى تطبيق الحكم الرئاسي المباشر في الشيشان والاستغناء تماما عن منصب الرئيس الجمهوري. وعلى الرغم من أن قديروف كان دائما معرضا لخطر الاغتيال فقد راهنت روسيا تماما على رجل واحد. وخرج المنافسان الواقعيان وهما إسلام بيك اصلاخانوف نائب الشيشان في البرلمان الروسي ومالك سيدوليف رجل الأعمال الشيشاني الذي يتخذ من موسكو مقرا له من حلبة المنافسة بعد التدخل من جانب الكرملين. ونظرا لأنه لم يكن هناك بديل حقيقي في الأفق فقد ساند معظم الناخبين قديروف بالتالي. ومع فوزه الساحق في الانتخابات كانت موسكو تأمل بوضوح في إنهاء مشكلة الشيشان تماما. وفي الشهور التالية لم تخل جداول الأعمال المحلية والدولية من نزاع الشيشان المتأجج. وكنتيجة أخرى لاغتيال قديروف سوف يكون هناك تركيز غير مريح على استمرار الانتهاكات في الشيشان مثل عمليات الاختطاف والقتل التي كثيرا ما زعم أن أعضاء من رفاق الرئيس الراحل كانوا متورطين فيها. ولكن على الرغم من الاتهامات الموجهة إليه وتصوير البعض له على أنه دمية في يد موسكو كان قديروف شخصية ذات نفوذ كبير ويتمتع بخلفية غير عادية ساعدت على إضفاء الشرعية عليه في نظر الكثيرين من الشيشان العاديين. وقديروف باعتباره أحد أفراد عائلة بينوي ذات النفوذ وأحد كبار رجال الدين المسلمين الذين حاربوا مع القوات الانفصالية في الحرب الشيشانية الأولى 1996/1994 فقد كان بمثابة حجة على الأقل إن لم يكن شخصا جديرا بالحب. كما أن علاقاته القوية ببوتين وفرت الأمل بأن بوسعه المساعدة في تخفيف الحملة العسكرية الوحشية من جانب القوات الفيدرالية والحفاظ على قدر يسير من الحكم الذاتي مع إعادة حكم الشيشان لروسيا. والآن وبعد اغتيال قديروف يحتفل الانفصاليون بهذه المناسبة ويستعد حوالي 40 ألفا من القوات الروسية بشن هجماتهم ويبدو أن السلام والشيشان بالنسبة للشيشان مازالا بعيدين كما كان الحال دائما.