يأتي التكريم في محله ووقته، لعله يذكر هذه الأجيال برائد فذ من رواد حركة الفكر الاجتماعي والتاريخي في المملكة إذ ان الشيخ حمد الجاسر لم يحصر اهتمامه في علمه الدقيق المعروف لدى البحاثة والمستشرقين، بدراسة المواقع الجغرافية في جزيرة العرب وإنما هو فوق ذلك على مبارز من علامات التنوير في بلادنا. إن الشيخ حمد مثلاً فكّر في مطالع الخمسينيات الميلادية بإحداث نهضة ثقافية تنطلق من وسط الجزيرة عبر رعايته لجريدة الرياض التي تحولت إلى مجلة اليمامة احساسا منه بأن حراكا اجتماعيا قد بدأ على خلفية اكتشاف النفط ودخول المملكة عالم العصر الحديث مما ترتب على ذلك نشوء قوى اجتماعية جديدة كان لابد لها من وجود منبر تعبر فوق صفحاته عن مطامحها الجديدة وهكذا كان، حيث أصبح الشيخ حمد الجاسر أستاذاً لجيل من الكتاب والصحفيين والباحثين، أما فيما يتعلق بمعرفته الهائلة بالمواقع الواردة في الشعر العربي القديم، فقد كان مثار اعجاب المستشرقين، وكبار الباحثين العرب حتى ان الدكتور طه حسين عندما استقبل شيخنا الجاسر عضوا مراسلا في مجمع الخالدين بالقاهرة أشار في خطبته العصماء الى أن الشيخ حمد يكاد يكون الأعرف في هذا المجال بين المختصين فيه، عربياً وعالمياً وهكذا شهدنا جملة من المشروعات البحثية الوطنية والعلمية التي قادها الشيخ حمد قد أتت على هذه الخلفية فالمعجم الجغرافي للمملكة يؤكد هذه الحقيقة وقد ذهب بنفسه يقف على المواقع بكل قاصية ودانية لم يعتمد على ما أورده البلدانيون العرب الأقدمون بل انه صحح لهم وكثيراً ما فعل مع ياقوت الحموي في (معجم البلدان) وغيره، إلا ان الجاسر طود شامخ بما حققه لأمته من إنجازات على صعيد التحقيق والتأليف ولمجتمعه على صعيد النهضة والتنوير.