عبر عدد من الإعلامين عن بالغ اسفهم برحيل الدكتور عبدالقادر طاش مساء أمس الأول بعد مرض شديد لم يمهله طويلاً وقالوا في احاديثهم ل(الجزيرة) ان الامة خسرت رمزاً من رموزها الإعلامية والفكرية، ففي البداية عبر الدكتور عبدالملك بن عبدالعزيز الشلهوب استاذ الإعلام بجامعة الامام محمد بن سعود الإسلامية عن اسفه برحيل الدكتور عبدالقادر طاش وقال ل ( الجزيرة): ماذا عساني ان اقول استاذي ومعلمي الدكتور عبدالقادر طاش رحمه الله قد رحل عنا مساء أمس الأول لكن اعماله تتحدث عنه.. رحل بعد ان ساهم بعلمه وعمله في تأسيس قسم الاعلام في جامعة الامام محمد بن سعود الإسلامية.. لقد كان النجاح ملتصقاً دائماً بالدكتور عبدالقادر بنيته الصادقة، فنجاح وانطلاق قسم الاعلام كان بفضل الله ثم بجهده ثم قناة اقرأ وعرب نيوز وكذلك والبلاد والمسلمون من بعدها موضحاً انه امتاز رحمه الله بالاخلاق الفاضلة التي جعلته محبوباً من الجميع.. كان دمث الخلق.. حسن السيرة.. اميناً في قوله وعمله يشهد له بذلك كل من عاشره او عمل معه ورغم مرضه الا انه كان ذا عزيمة كبيرة لم يكن يعاملنا ونحن طلابه الا بكل حب يأخذ بيدنا ويشجعنا مذللاً لاي صعوبات تواجهنا.. ان مصابنا بالدكتور عبدالقادر طاش مصاب كبير فلم تخسره اسرته انما خسرناه نحن لاننا فقدنا احد رموزنا الاعلامية في مملكتنا الغالية ولكن عزاءنا يا ابا عادل ذكراك وسيرتك العطرة وابناءك وطلابك ..تغمدك الله بغفرانه ونقلك الى رضوانه وجعل الحسنى التي اعدها الله سبحانه لاوليائه مقرك ومأواك انه سميع مجيب.. من جانبه قال ممدوح بن محمد الحوشان مدير تحرير مجلة خيرية: ان مصطلح الإعلام الإسلامي على مستوى العالم الإسلامي ارتبط ارتباطاً وثيقاً بأكاديمي مخضرم هو الدكتور عبد القادر طاش.. درس الإعلام وآمن بأثره في المجتمع، وأشرف بنفسه على عدد لا يستهان به من الدراسات والبحوث المتخصصة فيه، وعمل على أرض الواقع في إدارة مؤسسات إعلامية نجح خلالها في تجسيد وتحديد ملامح الإعلام الإسلامي الهادف بصورته المهنية المميزة وأفلح هذا النابغة العملي المنظم في تقديم الدلائل العملية على صدق قناعته الراسخة بامتلاك الامة الإسلامية القدرة على إنجاز مشروع حضاري إسلامي واستطاع من خلال تخصصه وموقعه بوصفه إعلامياً مخضرماً جمع بين التأهيل والدراسة الأكاديمية والتطبيق والتجربة العملية، استطاع ان يبرهن للمشككين في جدوى الانفاق على الاعلام الهادف على قدرة هذا الاعلام على الحضور والتأثير متى توفرت له الادورات والكوادر والدعم المادي الكافي. منذ ان كان طالباً مبتعثاً في الولاياتالمتحدة.. و ( عبدالقادر طاش) مؤمن بمشروع أمته الحضاري لم تبهره بلاد العم سام بثقافتها ليعود بوقاً وداعياً لها كما فعل بعض رصفائه، بل على العكس تماماً عاد اكثر اقتناعاً بقيمه ومبادئه، ولكنه عاد وهو اشد تصميماً على استثمار الإعلام كوسيلة في نشر وتوسيع رقعة الفكر الإسلامي، وهو بهذا لم يكن ( واعظاً) يضاف اسمه الى وعاظ البرامج الدينية، بل لقد عاد من هناك وهو مفكر متسلح بالعلم والمعرفة يرنو الى تطوير مضامين وآليات الإعلام الإسلامي، والخروج به من دائرته الضيقة الى رحاب اوسع ومتلقين أكثر.وأكد الحوشان ان ( أبوعادل) أول من دعا لاجتماع تشاوري بين عمداء الكليات والاقسام المعنية بالاعلام الإسلامي في جامعات المملكة، حيث وضعت اذ ذاك اللبنات التأسيسية الاولى للإعلام الإسلامي كتخصص اكاديمي جديد على جامعاتنا الإسلامية.مشيراً الى ان والدكتور طاش من أوائل الأكاديميين الذين جسروا العلاقة بين أقسام الإعلام والصحف والمؤسسات الصحفية، إذ هو صاحب البادرة الأولى التي الزمت طلاب قسم الإعلام بجامعة الإمام بالتدريب في الصحف السعودية كجزء من متطلبات التخرج نظراً لقناعته الراسخة بدور التدريب العملي في صقل المعلومات الاكاديمية، ولإيمانه الشديد بحاجة الطالب الى خوض تجربة ميدانية صحفية يستطيع من خلالها صقل مواهبه واكتشاف اخطائه. واوضح ان فترة رئاسته ل ( جريدة المسلمون) كانت تمثل- في تقديري- نقطة تحول كبيرة في مسيرة عطائه المهني لأن هذه التجربة هي التي حولته وبشكل قاطع من قاعات الجامعات الى صالات تحرير الاخبار في المؤسسات الإعلامية التي تسنم ادارتها. وبهذه الخطوة خلع الدكتور طاش عباءة الاستاذ الجامعي وارتدى ثوب رئيس التحرير ليعيد لهذه الجريدة الرائدة مكانتها المرموقة في العالم الإسلامي كله وليصنع منها انموذجاً يُحتذى في الالتزام بالمضامين الشرعية، وكانت فترة رئاسته لها فترة ذهبية في تاريخ الجريدة، اذ ارتفعت معدلات التوزيع عبر العواصم العربية ويعود ذلك لعدة اسباب لعل من اهمها- في تقديري- العمق في الطرح والمعالجة للقضايا السياسية والفكرية والشرعية والقدرة المذهلة لابي عادل على اقتحام الدوائر الحمراء دون المساس بهيبة او كرامة الافراد والدول والمؤسسات، مما مكن الجريدة من ايصال رسالتها دون الدخول في مشاكل مع الرقيب. ولقد نلت شرف المشاركة مع استاذي الدكتور عبدالقادر طاش في تأسيس قناة اقرأ الفضائية وكان ( أبو عادل) يمثل رأس الهرم لمجموعة من الإعلاميين الذين يمثلون جيلاً إعلامياً متحمساً لرؤية قناة فضائية هادفة تزاحم غثاء الفضائيات العربية، وتقدم للمشاهد العربي مادة إعلامية مميزة تحترم عقله وترتقي بذائقته وتمتعه بإعلام لا يخشى على طفله أو زوجته من آثاره الوخيمة. رأيت بأم عيني استاذنا الكبير متنقلاً بين العواصم العربية والعالمية ليتابع بنفسه مراحل التأسيس، ويشرف على انتاج البرامج، ويضع بفكره وثقافته ملامح العمل الفضائي الإسلامي وما كان بهذا يمارس دوراً إدراياً صرفاً أو عملاً يدوياً مجرداً من الفكر والمنهج، بل كان يقوم بدور رسالي فكري ولهذا عقد ونظم- رحمه الله- أكثر من ندوة، فكرية وشرعية قدمت فيها العديد من البحوث والدراسات التأصيلية التي بحثت جوانب من مجالات العمل الإعلامي الإسلامي أو طرحت فيها العديد من أوراق العمل التي كانت اجتهادات الباحثين فيها محل نقاش واسع على مستوى العالم العربي كله). الى هنا ويرى الزميل عبدالعزيز قاسم المشرف على ملحق الرسالة بجريدة المدينة ان الامة فقدت بوفاة الدكتور عبدالقادر طاش احد المفكرين الإسلامين الذين كانت لهم اسهامات بارزة في العمل الإعلامي فهو اول من انشأ قسم الاعلام في جامعة الامام محمد بن سعود الإسلامية وقناة اقرأ الفضائية كما تولى رئاسة المسلمون وفي عهده كان لها رواجاً كبيراً وطرحاً جيداً في موضوعاتها كما انه رحمه الله قدم لونا جديداً في الصحافة الإسلامية الى جانب مؤلفاته القيمة ومقالاته البارزة. واشار الزميل الى انه رغم مرضه الشديد فقد شهد قبل ثلاثة اسابيع من الان حفل الملتقى الاول للاعلام الذي اقيم بمحافظة جدة وحظي بتكريم من صاحب السمو الملكي الأمير عبدالمجيد بن عبدالعزيز، وقال رئيس قسم الاعلام بامانة جدة أحمد بن محمد الغامدي لقد عرفت الدكتور طاش عن قرب بعد ان كنت أقرأ عنه في الصحف والاصدرات التي قام باصدارها، وقد وجدت فيه الحرص على خدمة الاخرين وحب العمل والتفاني فيه، حيث ان (دار إعلام) التي اسسها الدكتور طاش هي الجهة الاستشارية لامانة محافظة جدة في الشؤون الاعلامية. رحم الله الدكتور عبدالقادر طاش رحمة واسعة وأسكنه فسيح جناته وألهم ذويه الصبر والسلوان.