اقتبس من قيم الإسلام «المعاني» لإنشاء «صروح» التفكير واقتنص من شيم الكرام «التفاني» لبناء «طموح» التدبير.. فكان «الفاعل» المعلوم المرفوع بالهمة مشكلاً الأفعال عبر ضمير متصل تقديره «ذاته» مكوناً جملته الاسمية من مبتدأ «الوفاء» ومن خبر «الاستيفاء» تاركاً اسمه في متون «الذكر» وناقشاً وسمه في شؤون «الشكر» ليبقى رحيله «موعداً» يوزع دعوات الرحمة وينثر ابتهالات الغفران في فنون «الاقتداء» وشجون» الاحتذاء». إنه الإعلامي والمثقف الإسلامي المعروف الدكتور عبدالقادر طاش رحمه الله أحد أبرز الأسماء الإعلامية والقامات الثقافية في المملكة. بوجه أبيض عريض الوجنتين تكسوه تقاسيم «المروءة» وملامح ودودة ترتقي أدبًا وتسمو تهذيباً وعينين واسعتين تدمعان حين التأثر وتلمعان حيث التأثير ولحية خفيفة غزاها شيب مبكر زاده بهاءً وأكمله زهاءَ مع محيا خليط بين الود والجد يتكامل على شخصية أنيقة تعتمر الأزياء الوطنية ومحيا قويم وطلة باهية تميزها ابتسامة صافية وبسمة ضافية وصوت جهوري خليط بين اللهجة الحجازية بواقع النشأة واللغة الفصيحة بوقع التنشئة ولغة فريدة تستند على عبارات لغوية عميقة واعتبارات نحوية متعمقة وخطاب مكتظ بالحسنى وبيان ممتلئ بالمحاسن قضى طاش من عمره سنين وهو يتنقل عبر محطات «العلم» ويسير بين دروب «المعرفة» ممتطياً صهوة «الإحسان» مشفوعاً بحظوة «الإيمان» مسجوعاً بقوة «الإنسان».. في منزل متواضع بمدينة الطائف ولد عام 1371 وسط أسرة علمته ماهية «الفلاح» سراً وعلانية.. وتعتقت روحه بالورد الطائفي ونشأ مسكوناً بحب والديه وأقاربه وجيرانه عندما كان يوزع ابتساماته البريئة في ميدان «النقاء» وأسئلته الجريئة بين جيران المكان باحثاً عن موهبة اعتمرت وجدانه ومهارة غمرت كيانه فظل ملازماً لمسجد حيه الصغير قارئاً للقرآن مستقرئاً للسنة متلحفاُ بتوجيه أبوة حانية موشحاً بحنان أمومة متفانية. ركض طاش بين أحياء مدينته مراقباً الصبر ومرتقباً العبر في ثنايا «عشيرته» وعطايا «قومه» تاركاً الذكريات حديثاً جائلاً تحول مستقبلاً إلى نقطة «اعتبار» ومحطة «انتظار» في يقين ذاتي وتيقن نفسي معجباً بقوافل المعتمرين المتجهة إلى مكةالمكرمة وفلول السائحين المقيمة في جبال الهدا والشفا مولياً قبلة «طفولته» نحو نجاحات عائلته موجهاً بوصلة «براءته» شطر حوانيت حارته التي استلهم منها «تجارب» واقعية ناهلاً من «مشارب» حياتية راسماً في عقلة عناوين «القناعة» في وجوه البسطاء وتفاصيل «البراعة» في أيام الكادحين.. أنهى طاش مراحل التعليم العام بتفوق متجاوزاً أسوار الأحلام باتجاه أمنيات تتوافق مع بعد نظره ثم نال شهادة البكالوريوس في اللغة العربية وآدابها من جامعة الإمام محمد بن سعود عام 1395 ثم واصل دراساته العليا وحصد الماجستير في الصحافة والإعلام من جامعة أوكلاهوما بأمريكا عام 1400 ثم الدكتوراه في الصحافة والإعلام الدولي من جامعة جنوب ألينوي بأمريكا عام 1403ه. وأصدر أثناء دراسته بأمريكا مجلة اسماها «الأمل» وأسس مركز إسلامي في ولاية الينوي وأسلم على يده عشرات الأمريكيين. عاد طاش إلى أرض الوطن موزعاً بشائر «العلا» في مصائر «المعالي» فكراً وتخطيطاً وإنتاجاً واحترافاً حيث عمل في القطاع الأكاديمي على وظيفة أستاذ مساعد ثم مشارك ثم رئيساً لقسم الإعلام بجامعة الإمام محمد بن سعود.. ولأنه مسكون بالأعلام ومفتون بالابتكار.. وظف العمل الأكاديمي مع الإنتاج الإعلامي وربط الفكر المتطور مع المنهج الدعوي حيث عمل رئيساً لتحرير مجلة الدعوة عام 1410 وصحيفة المسلمون عام 1411 واستمر فيها خمس سنوات وترأس تحرير صحيفة عرب نيوز الصادرة بالإنجليزية عام 1414 وقام بتأسيس قناة اقرأ الفضائية عام 1418وعمل مديرًا لها لمدة عامين ووضع خططها الإستراتيجية التي لا تزال تعمل بها حتى الآن في منهجية فاخرة وترأس تحرير صحيفة العالم الإسلامي ثم تولى رئاسة صحيفة البلاد عامي 1422 و1423ه. وشغل منصب رئيس مجلس الإدارة والمدير التنفيذي لدار إعلام للدراسات والاستشارات الإعلامية وبرع في عدة مهام ومسؤوليات منوعة.. قام طاش بتأليف عشرات الكتب في مجال الإعلام والدعوة والفكر وقضايا الأقليات المسلمة وأشرف على عدة رسائل ماجستير ودكتوراه وكتب بانتظام في عدة صحف سعودية وعربية وكان ينوي قبل وفاته عمل مشروع صحيفة «المستقبل» في مصر وشارك في العديد من البرامج الإذاعية والتلفزيونية ومثل بلدة في مؤتمرات ومناسبات دولية مختلفة.. توفي رحمه الله في 14 صفر 1425 في المستشفى التخصصي بجدة بعد معاناة مع المرض عن عمر يناهز 53 عاماً ورغم مرور سنوات على رحيله الباكر لا يزال حاضراً في الأذهان في مدى الامتنان وصدى العرفان لما قدمه من نفع وشفع ولما ورثه من قيم وهمم وما أبقاه من ذكر وفكر.. عبدالقادر طاش أحد رواد الإعلام الإسلامي.. وخبير التطور الإعلامي.. المسؤول الموهوب والإنسان المحبوب.. الذي صنع سيرة إعلامية ومسيرة فكرية توزعت بين المهن وتنوعت وسط المناصب وارتقت في المكاتب وتعالت في المنصات وازدانت في المكتبات بتوقيع خبير ملأ مكانه وعلا شأنه في اتجاهات حافلة بالأُثر وأبعاد محتفلة بالمآثر.