تفاعلاً مع ما كتبه الأخ علي بن عبد الله الحسين من بريدة في صفحة الرأي بتاريخ 25 محرم حول الكفالة وما تجره على بعض الكفلاء من المتاعب والندامة. والأخ الكاتب لا يتحدث من فراغ ولكنه يتحدث عن بعض ما سمعه من القصص والأخبار الكثيرة التي يجد فيها الكفيل نفسه في وضع لا يحسد عليه بسبب تورطه في كفالة أحد المدينين المتعثرين في سداد بعض أو كل ما عليهم لدائنيهم بعد أن أصبح توريط الكفلاء والتحايل عليهم أمراً مألوفاً من قبل البعض ولم يكن الحال كذلك إلا بعد أن تردت الأخلاق في الأزمنة المتأخرة. فالمشتكى إلى الله. ثم أن هناك مفارقة تلفت النظر في مسألة الكفالة. وهي أن المدين عندما لا يفي بالتزاماته تجاه الدائن يرفع الدائن دعوى إلى الجهات الحقوقية المختصة ضد الكفيل, ولا خلاف في مسئولية الكفيل لكن لماذا لا تكون الدعوى أول الأمر على المدين. فإذا ثبت عجزه أو إعساره لا يضيع حق الدائن بل يلزم الكفيل في هذه الحال بالتسديد حيث ان مسئولية الكفيل لا خلاف عليها لكنها ليست بأكبر من مسئولية المدين الذي انتفع بالقرض وتسبب في توريط نفسه وتوريط الكفيل. خاصة وقد وجد ان أكثر حالات عدم وفاء المدينين بما عليهم لدائنيهم ليست ناجمة عن عجز حقيقي ولكن بسبب المماطلة واستغلال النظام الذي يمسك بتلابيب الكفيل ويلزمه بالتسديد ويترك المدين يسرح ويمرح ويتفرج على ما يجري للكفيل. فهل يا ترى تعيد الجهات المختصة النظر في هذه الإشكالية إنصافاً للكفيل في الوقت المناسب وحتى لا تنقطع الشهامة والمروءة بين أفراد المجتمع بسبب بعض التصرفات غير المسئولة من بعض أفراده. إنها دعوة للجهات المسئولة ودعوة أيضاً لاخواني المواطنين الذين يتهاونون بموضوع الكفالات أن يأخذوا العبرة مما يجري لبعض الكفلاء من المتاعب والغرابيل لأن هذا من شأنه تقييد اندفاعية البعض لكفالة من هب ودب من المعارف والأصدقاء، ثم أن سهولة الحصول على كفيل قد تسببت في إغراق الكثير من الذمم بالديون، فالكفيل في هذه الناحية يضر المدين من حيث يريد مساعدته. وعلى العموم، فالدَين لا خير فيه، فالمدينون يتسببون أحياناً في جلب الضرر على أنفسهم ويتسببون في جلب الضرر على غيرهم من الدائنين والكفلاء، ويتسببون في التضييق على أسرهم بسبب تراكم الديون عليهم، أما عن كراهيته من جهة الشرع فيكفي أن الرسول صلى الله عليه وسلم امتنع عن الصلاة على الجنازة عندما علم أن عليه ديناً وقال: (صلوا على صاحبكم) كما أن الدين من الأشياء التي استعاذ منها عليه الصلاة والسلام.