بات استهداف الصحفيين الذين يكشفون الوجه القبيح والأعمال الإجرامية المخزية فاضحين النيات الأمريكية والصهيونية عمل يومي تقوم به قوات الاحتلال في سبيلها لطمس الحقائق ونياتها تجاه الشعب الفلسطيني وأصبح الصحفيون في نظرهم مثل رجال المقاومة ولكن وجه الاختلاف أن الأول يحمل (القلم) والثاني يحمل (السلاح) ومع هذا لا تشفع الهوية ولا الديانة في تحديد المستهدف ولكن أخذت القوات الأمريكية بعبارة الرئيس بوش عندما قال: (من لم يكن معنا فهو ضدنا) في عملهم الميداني سواء كانوا مدنيين، عسكريين ، صحفيين،أو مقاومين! فقد سجل العام الماضي مقتل (36) صحفياً لتغطيتهم للحروب وأمس الأول استهدف مصور ومراسل قناة (العربية) برصاص القوات الأمريكية حتى أودوا بحياتهما رغم ان السيارة التي تقلهما تحمل شعار الصحافة واسم القناة. (الجزيرة) استطلعت آراء رجال الإعلام والأكاديميين في أقسام الإعلام بالجامعات السعودية عن استهداف الصحفيين في الحرب التي تقودها الولاياتالمتحدةالأمريكية ضد الإرهاب ، إلى تفاصيل الاستطلاع: في البداية يقول رئيس تحرير جريدة (الندوة) الدكتور عبدالرحمن بن سعد العرابي: دون شك أن هذا العمل يدحض الادعاءات الأمريكية بحماية حقوق الإنسان وضمان حرية إعلامية مستقلة وكما هو معروف منذ بداية الحرب على العراق وحتى نهايتها تعرض كثير من المؤسسات الإعلامية سواء قنوات فضائية أو مطبوعات صحفية إلى انتهاك مباشر ومتعمد من القوات الأمريكية وهذه الحادثة - على وجه التحديد - تؤكد مرة أخرى أن القوات الأمريكية لا تعير أي اهتمام بحماية المدنيين وإفساح المجال للصحف لتغطية مستقلة، وكما نقلت الأنباء أن السيارة التي كانت تقل فريق قناة (العربية) لتغطية الحدث كانت تحمل شعار الصحافة واسم القناة ولكن الدبابات الأمريكية كانت تطاردها وأطلقت عليها النار بقصد القتل فلم تكن عملية عشوائية بل تعلم أنها سيارة إعلامية ولكن مع هذا أصرت على انتهاك حرية الصحافة والإعلام والتعدي على أرواح هؤلاء وهناك أمثلة كثيرة سبق ان عملتها القوات الأمريكية. وأضاف الدكتور العرابي ان هذا الفعل يؤكد مدى التخبط الذي تعيشه القوات الأمريكية داخل العراق ولم تفرق بين مدني وغير مدني ومسالم وغير مسالم وإلا لما شاهدنا هذه الكوارث. وأشار رئيس تحرير جريدة (الندوة) إلى أنه إذا كانت أمريكا صادقة في السعي لإثبات انها راعية حرية الأفراد وحرية الإعلام المستقل فلابد ان تثبت هذا في العراق وكما تقول أمريكا إنها حامية الديمقراطية وراعية حقوق الإنسان فلتعمل بحماية حقوق هؤلاء المدنيين المسالمين وكذلك تطبق فعلياً رعايتها لإعلام مستقل. ويشير البند الأول من الدستور الأمريكي إلى (حرية الحديث) وينطوي تحت هذه العبارة كامل الحرية وان يتحدث الشخص بما يرى انه في مصلحته ومصلحة المجتمع ولو انتقد الإدارة الأمريكية ومؤسساتها فهذا البند يحميه ولكن ما نراه فعلياً على الأرض يخالف هذا البند الذي يطلق كشعار فقط. وفي ذات السياق يقول نائب رئيس تحرير جريدة (عكاظ) الأسبق الدكتور أيمن محمد حبيب :إن الصحفيين أصبحوا مستهدفين في العراق وغير العراق سواء من قبل إدارة الاحتلال الأمريكي في أنحاء العراق أو حتى في أفغانستان ولا يقل عن ذلك أهمية ما يتعرض له الصحفيون في الأراضي الفلسطينية وربما في مناطق أخرى حتى إن عدد الصحفيين الذين راحوا في مثل هذه الانتهاكات التي تفضح مزاعم محاربة الإرهاب والنيات الاحتلالية بلغ (36) صحفياً تقريبا في العام الماضي وهو أكبر عدد خلال عام واحد بل هو ضعف العدد مقارنة بالعام السابق وهذا يؤكد التناقض الأمريكي مع الدعوة الى التحرر والديمقراطية والمطالبة بالإصلاحات والأمريكيون هم أحوج الناس إليها ولعل التناقض الأمريكي كشف قبح الوجه الأمريكي الذي حدث إبان حرب الخليج الثالثة قبل عام من الآن والتعتيم على وسائل الإعلام الأمريكية وهي سابقة لم تحدث في أمريكا بل تجاوزتها أمريكا على بعض وسائل الإعلام واسعة الانتشار كما حصل وان قصف مكتب قناة (الجزيرة) واستهداف قناة (العربية) على كل هذه الأعمال المقصودة والمتعمدة تدل دلالة واضحة على سوء النيات الأمريكية وعدم مصداقية ما يطرحونه من شعارات زائفة، وإلا لماذا يكون الصحفيون أعداء للنيات الأمريكية المعلنة إلا لأنهم يكشفون وقائع مخزية تمارسها قواتهم في العراق وما يمارسونه من بشائع في أفغانستان ولابد لمنظمات حقوق الإنسان والمنظمات المختصة بالصحفيين في العالم بالمطالبة بمحاكمة دولية لهذه التصرفات ولهؤلاء الأشخاص الذين يقومون بها. وأضاف الدكتور أيمن:إنه لا يكفي ان نتعاطف ونحزن على ما فقدته المؤسسات الصحفية من قوى بشرية بل لابد ان تبقى قضية ملحة ومستمرة في النداء والتنديد من أجل رفع الظلم وحماية حقوق الصحفيين التي تكون مؤمنة في دول أقل مكانة مما تدعيه أمريكا، وكذلك لابد ان تكون هناك حماية للصحفيين من مؤسساتهم وتوفير حقوق وضمانات أكبر لهم عندما يوفدون إلى مناطق الحروب والكوارث ولابد من الصحف المحلية السعودية ان تعمل بهذه المادة لكي نوفر الاحترام والحقوقية للصحفيين السعوديين. من جهته قال عضو قسم الإعلام بجامعة الملك سعود الدكتور إبراهيم بن عبدالعزيز البعيز: الحكومة الأمريكية متورطة في العراق، وهذا لم يعد سراً يمكن إخفاؤه أو تجاوزه، ولا ينكر ذلك إلا مكابر ، فالشواهد على ذلك متعددة وكثيرة، ويكفي الإشارة إلى حالة الانفلات الأمني التي تعانيها وتدفع ثمنها القوات الأمريكية بشكل يومي ، لقد اعتقدت الولاياتالمتحدة في البداية أن لديها الخبرة والتجربة في التعامل مع وسائل الإعلام، لكن التجربة العملية أثبتت عكس ذلك، وبينت ان توقعات الإدارة الأمريكية كانت مبنية على فرضيات وحسابات خاطئة. الريادة العالمية للولايات المتحدة في مجال الإعلام وصناعة الترفيه، جعلتها تنظر إلى الإعلام الأجنبي - بما في ذلك وسائل الإعلام الأوروبية - نظرة دونية، ولم تكن تدرك أن الإعلام خارج الولاياتالمتحدة بما في ذلك الإعلام العربي قد عاش طفرة تقنية متقدمة مكنته من الوصول إلى احترافية إعلامية تضاهي في تناولها ومتابعتها للأحداث وسائل الإعلام الأمريكية التي كانت ولا تزال تعتقد أن الصناعة الإعلامية تضاهي في تناولها ومتابعتها للأحداث وسائل الإعلام الأمريكية التي كانت ولا تزال تعتقد أن الصناعة الإعلامية قصر عليها. شهد العالم في السنوات القليلة الماضية قيام عدد من القنوات التلفزيونية الإخبارية، مشكلة العسكريين الأمريكيين انهم يرغبون في ان تتعامل معهم هذه القنوات بنفس المعاملة التي يجدونها من القوات الأمريكية، وهذا بالتأكيد غير ممكن مهنياً أو أخلاقياً. لذا فإنه ليس من المستغرب أن تلجأ القوات الأمريكية في العراق إلى الإقصاء أو التهديد أو القوة ضد هذه القنوات الأجنبية العربية أو الأوروبية - على حد سواء. وأضاف البعيز :إن علاقة الإدارة الأمريكية ممثلة في وزارتي الخارجية والدفاع مع وسائل الإعلام الأمريكية تتميز بالتحالف والتعاون والتضامن في المواقف من القضايا الخارجية، وهذا ليس بالأمر الجديد، فالدراسات والبحوث في مجال الإعلام والسياسة الخارجية تعود إلى الستينيات. وقد أشار إلى ذلك عدد من رواد المدرسة النقدية في الولاياتالمتحدة أمثال هربرت شيلو ونعوم شاموسكي وغيرهم وسائل الإعلام الأمريكية كانت ولا تزال تدعم الحروب والسياسة الخارجية للإدارة الأمريكية، وتحصل في مقابل ذلك على جملة من الامتيازات والحماية التي تساعدها في الحصول على الأخبار وإجراء التحقيقات والمقابلات التي تخدم القائمين على السياسة الخارجية وكبار المسؤولين العسكريين. هذه الامتيازات لا يحصل عليها الإعلاميون الأوروبيون فما بالك بالإعلاميين العرب؟ ارتباك وتورط الإدارة الأمريكية في العراق جعلها تنسى قيم الممارسة الإعلامية التي كانت تدعي وتنادي بها، قيم الحرية والموضوعية واستقلالية الرأي.