يشير عبده رباح (49 عاما) بحسرة الى المنظر الخلاب امام بيته بالقرب من حرج من السرو في بلدة العيزرية (شرق مدينة القدسالمحتلة) الذي اضطر الى هجره بسبب بناء الجدار الفاصل مؤكدا انه سيعود رغما عنه الى احد احياء القدسالمحتلة بعيدا عن الجدار. وقال عبده رباح الذي يسكن في مشروع الاسكان في العيزرية :(لقد دفعت كل ما عندي من اجل هذا البيت واقترضت من احد البنوك قرضين كبيرين لشرائه عام 1982 وما زلت اسدد قروضه التي تنتهي في عام 2007 ، ولكنني اضطررت لتركه لانني ساكون ضمن السور واسرائيل تعتبرالمنطقة ضفة غربية وسافقد اقامتي الدائمة في القدسالمحتلة). واضاف: (انتقلت الى حي الثوري انا وزوجتي وبناتي الثلاث ونحن نسكن في غرفة واحدة في شقة والد زوجتي الذي يسكن هو الآخر في غرفة صغيرة. . انا لا استطيع دفع ايجار في ظل الوضع الاقتصادي المتدهور. كذلك انا لا استطيع التخطيط او التفكير بأي شيء قبل ان نعرف مصيرنا مع هذا الجدار). واوضح: ما زلت اسدد قرض بيتي وادفع قرابة 150 دولارا شهريا، نحن لسنا مرتاحين لتركه، فلنا فيه مساحتنا وخصوصياتنا، ولكني لو اردت بيع بيتي الآن فلن يشتريه احد وبات سعره (بتراب المصاري). . واضاف رباح :احضر انا وبناتي لنتفقد البيت والاعتناء به مرة في الاسبوع. وبدا حي الاسكان في العيزرية خاليا من سكانه الذين هجروه ليعودوا للعيش داخل مدينة القدس خشية ان يفقدوا اقامتهم الدائمة في المدينة ويفقدوا معها حق العيش فيها. كما انهم لن يستفيدوا من نظام التأمينات الصحية ومخصصات الشيخوخة والاولاد التي تدفعها مؤسسة التأمين لسكان القدسالمحتلة. وقال تقرير اعده معهد القدس لأبحاث اسرائيل ونشرته الصحف الفلسطينية والاسرائيلية ان آلاف الفلسطينين الذين يحملون هوية القدس الزرقاء ويقطنون خارج حدود القدسالشرقية يعودون للقدس هربا من شبكة الاسوار والجدران والعوائق التي تقام شمال وجنوب وشرق المدينة. واكد التقرير ان نحو 300 فلسطيني يعودون اسبوعيا للعيش ضمن حدود البلدية. وفي القدس القديمة بدأ بعض الفلسطينين ينتقلون للسكن في المخازن او في غرف من البناء القديم معتمة ورطبة وتشبه الاقبية، او في بيوت على الاسطحة مغطاة بالواح الزنك او الاسبست تاركين بيوتا حديثة في الضواحي او البلدات التي تعتبرها اسرائيل ضمن الضفة غربية. وباتت القدسالمحتلة مكتظة بالسكان وارتفعت اسعار البيوت. وقال جمال النتشة مدير مكتب القدس للخدمات العامة والعقارات ان الناس تحاول ان تخرج من اماكن سكناها من محيط القدس بشكل جماعي وكبير والعودة الى الدائرة التي حددتها اسرائيل لمدينة القدس. واضاف ان اسعار العقارات ارتفعت بشكل كبير. . فإيجار بيت مكون من غرفتي نوم يتراوح بين 500 و 700 دولار وهو متوسط رواتب العمال، اما معدل سعر الشقة ، على العظم ، (قبل الانتهاء منها) فيبلغ 120 الف دولار لمساحة 120 مترا ومعظها بدون رخص، اضافة الى ان الملاكين يطلبون الدفع نقدا وفورا. وتابع النتشة: لقد انخفض سعر الاراضي والعقارات بنسبة 60 % في القرى والبلدات التي اعلن انها سيبنى حولها جدار مثل بلدة الرام وبير نبالا (شمال القدس) والعيزرية (شرق). واضاف ان بلدة الرام منطقة سكنية وتجارية وتعتمد على سكان القدس في تجارتها، وكان التاجر يدفع مئة الف دولار ثمنا للخلو فيها، لكن اسواقها ستدمر بفعل السور. وتابع: المشكلة الاساسية في مدينة القدس انه لا توجد اصلا عقارات كافية فيها، لان اسرائيل طوال سنوات الاحتلال صادرت معظم اراضيها وبنت حولها حزاما من المستوطنات. ولا يوجد اي تناسب بين زيادة عدد السكان المقدسيين وبين عدد الرخص الممنوحة لهم للبناء. فهناك قوانين جائرة تفرضها بلدية القدس الاسرائيلية اذ انها لا تمنح رخص بناء للعرب الا بالقطارة، بل هي تهدم البيوت وحتى الجدران غير المرخصة. اما يعقوب عواد الذي يسكن في بلدة الرام فقال: انا اسكن في بناية مع اخوتي في ضاحية الاقباط في الرام عرض علينا بيعها عام 2001 وكانت مكونة من ثلاث شقق ودفع ثمنا لها 600 الف دولار اما الاآن وقد اصبحت اربع شقق وقد عرضناها للبيع فاصبح ثمنها 390 الف دولار وبالتقسيط الممل. واضاف يعقوب: نحن نريد بيع البناية للانتقال والعيش في منطقة القدس فانا لا اعرف ماذا سيكون مصيرنا والى اين سنتجه وماذا سيحدث مع مدارس اولادي التي ستصبح خارج الجدار الاسرائيلي. وقال تقرير اعدته جمعية القانون (جمعية حقوقية تعنى بحقوق الانسان) ان جدار الفصل العنصري سيشرد نحو 200 الف فلسطيني من بيوتهم وممتلكاتهم تمهيدا لطردههم. واضاف التقرير ان جدار الفصل حول مدينة القدس الشريف يهدف الى عزلها عن محيطها الفلسطيني وتهويدها وطمس هويتها الاسلامية والتاريخية والروحية والعربية .