محافظة الزلفي وهي تستقبل اليوم معالي وزير النقل الدكتور/ جبارة الصريصري في زيارة خاصة في مسماها، لكنها في واقعها رسمية في ذهن معاليه ووجدانه لأن أصحاب المعالي الوزراء يترجمون توجيهات قيادتنا الرشيدة في تخصيص جل وقتهم لمصلحة الوطن والمواطن، تعيش هذه المحافظة وأهلها يوماً مشرقاً وباسماً وهم يرحبون بمعاليه ويتمنون أن تكون الساعات التي سيقضيها بينهم ومعهم مريحة وممتعة حتى يتمكن من معرفة احتياج هذه المحافظة ومراكزها وقراها، من طرق رئيسية وفرعية وبمناسبة هذه الزيارة الكريمة وفي ظل الاسم الجديد لوزارته - وزارة النقل - يبدو أن هناك قاسماً مشتركاً وعلاقة ارتباط بين هذه الوزارة وأبناء هذه المحافظة، وللتأكيد على تلك العلاقة وللتدليل عليها أجد المبرر المنطقي لأن أذكر أمراً لم يكن مجهولاً في الأصل للخاصة، ولكنه ربما يكون غير معلوم للكثيرين وبالذات من تقل أعمارهم عن الخمسين سنة. ألا وهو أن أبناء هذه المحافظة كانوا هم أول من قام بمهمة النقل مع موحد هذه البلاد جلالة الملك عبدالعزيز رحمه الله وأسكنه فسيح جناته وغفر لآبائنا وأهلنا الذين قاموا بتلك المهمة الشاقة وأحسن خاتمة من بقي منهم على قيد الحياة - ولا أظن أحداً منهم الآن حياً. وقد جاء في وثيقة بخط اليد - حسب المتبع في ذلك الوقت 1347ه ومما جاء فيها (من سعود بن عبدالله بن جلوي إلى من يراه. من قبل السلاح المذكور في هذه الورقة وهي التي سلمت لأهل الزلفي وقد استلمت المبلغ المذكور أعلاه بموجب الأسماء المذكورة - وعددهم مائة شخص برئاسة برجس العثمان - تسعة وستين بندق معها ألفين وسبعمائة وستين زهبة من يد برجس وأيضاً واحد وثلاثين بندق منها ألف ومائتان وأربعون زهبه من يد أهلها، الجملة مائة بندق وأربعة آلاف زهبه آخر قبضة في جمادى الأولى سنة 1351ه المستلم عبدالرحمن بن زيد الدويرج والسلاح مسلم لأهل الزلفي من وكيل المالية مقبل بن عبدالعزيز الذكير، انتهى وهذه البنادق المائة والذخيرة ليست هي المحمولة بل هذه سلمت للرجال المائة ليتوشحوا بها ويحموا بها شحنات الأسلحة المحمولة لجلالة الملك عبدالعزيز من تصفية فلول من بقي من معركة التوحيد بعد معركة السبلة، ومعلوم أن النقل في تلك الأيام يتم بواسطة الجيش - الإبل - والمشقة في هذه المهمة لا تأتي من وعورة الطرق ومتاهاتها وكون أصحاب الإبل يقطعون المسافة مشاة مع قلة الزاد والماء والكساء وفي ظروف مناخية صعبة. بل وفي ظل عدم توفر الأمن الكافي لكنهم رجال المواقف وقد قال فيهم محمد بن برجس رحمه الله من قصيدة طويلة. نبي أعيال دوم بالبرد والشوب ضرابة الدرب المعاضب إلى هيب واللي مكذبني ترى الدرب محسوب يغير ويوافق حرار الأشاذيب لكن وهل انتهى أمر أهل الزلفي بهذه المهمة آنفة الذكر فقط، وهل هذه هي المهمة الأولى لهم التي يكلفون بها .. لا أعتقد لأن مهمة بهذا الحجم وبهذه الأهمية - نقل سلاح وفي زمن اضطراب وعدم استقرار لا يمكن أن تسلم لمائة شخص هكذا لو لم يكن لهم سابق خبرة وتجارب، تيقن معها الملك عبدالعزيز أنهم من يمكن الاعتماد عليهم بعد الله في مثل هذه الأمور وهذا ما يؤكده لنا كبار السن، ولعل ما حصل في مقابلة بعض أعيان الزلفي لجلالة الملك عبدالعزيز عام 1347ه وإلقاء محمد بن عبدالله الناصر. أبو نجم . قصيدة أمام جلالته ومنها: شيخنا وان دعانا ظننا ظنه ما نفاخت طريق الشيخ بخلاف كم صبي امخلاً يزعج الونة بالمشوك وخلي عظمه اسناف حيث رد الملك عبدالعزيز قائلاً (أهلاً بكم والله أني أعرف أنه ما نافعني في مثل هذا المقام إلا عيالي أهل الزلفي) ، دليل على صحة ذلك. وينطبق على أهل الزلفي قديماً وحديثاً قول الشاعر: وللحروب رجال يعرفون بها وللدواوين حساب وكتاب أما هل انتهي الأمر لأهل الزلفي عند هذا الحد فأقول لا لم ينته بنقل السلاح بل أسند إليهم مهمة أخرى وهي نقل المؤن والاحتياجات من تمر وعيش وزيت بل ومحروقات من المنطقة الشرقية إلى الرياض وأحياناً يتطلب الأمر إلى مكةالمكرمة حيث يكون الملك عبدالعزيز هناك، لكن هذه المهمة بإعداد أكثر وبواسطة الإبل أيضاً وقد استمروا بعملهم هذا إلى حدود عام 1371ه وهكذا يظهر أن أهل هذه المحافظة يتمتعون بعدد من الصفات المهمة لإسناد أي عمل مهم في ذلك الوقت الذي لا يستطيع الكثير من الناس القيام به ولعل أخصها الأمانة والإخلاص لقيادتهم والشجاعة وقوة التحمل هذه الصفات مجتمعة يندر أن تتوفر إلا بالقلة القليلة من الرجال. إذاً بعد هذه الصورة الواضحة والجلية للدور الرائد والعظيم الذي قام به أهالي هذه المحافظة في طور التأسيس وفي أوقات المشاق وليس في أوقات الرخاء والمكاتب المكيفة والأمن الوارف وبحكم التشابه بين عملهم في النقل ومسمى الوزارة الجديدة - وزارة النقل - ألا يستحقون لفتة كريمة من رجل كريم ومطلع ووزير للوزارة التي انطلقت لأول مرة في تاريخها من هنا من هذه المحافظة المخلص أهلها لدينهم ولوطنهم ولقيادتهم وفاءً مقابل وفاء. ولا يعرف الفضل لأهل الفضل إلا ذووه. إن حضور معاليه بنفسه إلى محافظة الزلفي يفتح لنا أبواباً واسعة من الأمل بالحصول على خدمات طرق مرضية، مثل ازدواجية بعض الطرق القديمة ذات المسار المشترك كالطريق الذي يربط بين محافظة الزلفي والغاط والذي لا يزيد طوله عن ثلاثين كيلاً ذي الأهمية الكبيرة ليس لمحافظتي الزلفي والغاط فحسب بل ولغيرهما. وكذا إكمال ازدواج الطريق القادم من الرياض إلى الزلفي شرق الجبل والذي بدئ به من اشتراكه مع الخط السريع ثم توقف وأصبح مصيدة لسالكيه فينتج عنه كثرة الحوادث. وكذا سفلتة بعض الطرق المؤدية إلى القرى الواقعة وسط النفود جنوبالزلفي وشماله وغيرها من الطرق التي نتوقع أن يقوم المسؤولون بهذه المحافظة باطلاع معاليه عليها ومع هذه المطالب وغيرها نقول أهلاً وسهلاً ومرحباً بمعاليه، وصحبه الكرام وزيارة ميمونة مباركة بإذن الله وتعودون بالسلامة يرعاكم الله برعايته ويحفظكم بحفظه وحقق على يدكم ما فيه نفع للبلاد والعباد إنه ولي ذلك والقادر عليه. عبدالله بن عبدالرحمن المنيع