اتحاد الصم يشكل منتخباً نسائياً    اكتشاف كوكب عملاق خارج النظام الشمسي    أنشيلوتي: الإصابات تمثل فرصة لنصبح أفضل    الزلفي في مواجهة أبها.. وأحد يلتقي العين.. والبكيرية أمام العربي    الأسبوع المقبل.. أولى فترات الانقلاب الشتوي    «شتاء المدينة».. رحلات ميدانية وتجارب ثقافية    مشاعر فياضة لقاصدي البيت العتيق    ملتقى الميزانية.. الدروس المستفادة للمواطن والمسؤول !    رياض العالم وعالم الرياض    هنآ رئيس الأوروغواي الشرقية.. خادم الحرمين الشريفين وولي العهد يعزيان القيادة الكويتية    أكد أهمية الحل الدائم للأزمة السودانية.. وزير الخارجية: ضرورة تجسيد الدولة الفلسطينية واحترام سيادة لبنان    بايدن: إسرائيل ولبنان وافقتا على اتفاق وقف النار    7 آلاف مجزرة إسرائيلية بحق العائلات في غزة    شركة ترفض تعيين موظفين بسبب أبراجهم الفلكية    حوادث الطائرات    حروب عالمية وأخرى أشد فتكاً    التصعيد الروسي - الغربي.. لعبة خطرة ونتائج غير محسوبة    سمو ولي العهد: سنواصل تنويع وتوسيع اقتصاد المملكة وتعزيز مكانتها الرفيعة    الرياض الجميلة الصديقة    صافرة الكوري «تخفي» الهلال    كيف تتعاملين مع مخاوف طفلك من المدرسة؟    حدث تاريخي للمرة الأولى في المملكة…. جدة تستضيف مزاد الدوري الهندي للكريكيت    الفيصلي يحتاج وقفة من أبناء حرمة    القوة الناعمة.. نجوم وأحداث !    سيتي سكيب.. ميلاد هوية عمرانية    الدفاع المدني: استمرار هطول الأمطار الرعدية على معظم مناطق المملكة    كثفوا توعية المواطن بمميزاته وفرصه    الجموم بمكة المكرمة تسجّل أعلى كمية لهطول الأمطار ب (22.8) ملم    المملكة وتعزيز أمنها البحري    معاطف من حُب    الدكتور عصام خوقير.. العبارة الساخرة والنقد الممتع    جذوة من نار    لا فاز الأهلي أنتشي..!    «إثراء» يُعيد وهج الحِرف اليدوية بمشاركات دولية    مبدعون.. مبتكرون    هؤلاء هم المرجفون    اكتشاف علاج جديد للسمنة    السعودية رائدة فصل التوائم عالمياً    خادم الحرمين الشريفين يدعو إلى إقامة صلاة الاستسقاء الخميس المقبل    «التعليم»: 7 % من الطلاب حققوا أداء عالياً في الاختبارات الوطنية    حملة على الباعة المخالفين بالدمام    اكتمل العقد    «السلمان» يستقبل قائد العمليات المشتركة بدولة الإمارات    مناقشة معوقات مشروع الصرف الصحي وخطر الأودية في صبيا    أهمية الدور المناط بالمحافظين في نقل الصورة التي يشعر بها المواطن    المؤتمر الدولي للتوائم الملتصقة يناقش تحديات إعادة ترميم الأعضاء وتغطية الجروح    مركز صحي سهل تنومة يُقيم فعالية "الأسبوع الخليجي للسكري"    "سلمان للإغاثة" يوقع مذكرة تفاهم مع مؤسسة الأمير محمد بن فهد للتنمية الإنسانية    نوف بنت عبدالرحمن: "طموحنا كجبل طويق".. وسنأخذ المعاقين للقمة    هيئة الموسيقى تنظّم أسبوع الرياض الموسيقي لأول مرة في السعودية    الجدعان ل"الرياض":40% من "التوائم الملتصقة" يشتركون في الجهاز الهضمي    حقوق المرأة في المملكة تؤكدها الشريعة الإسلامية ويحفظها النظام    استمرار انخفاض درجات الحرارة في 4 مناطق    الكرامة الوطنية.. استراتيجيات الرد على الإساءات    محمد بن راشد الخثلان ورسالته الأخيرة    زاروا المسجد النبوي ووصلوا إلى مكة المكرمة.. ضيوف برنامج خادم الحرمين يشكرون القيادة    الأمير محمد بن سلمان يعزّي ولي عهد الكويت في وفاة الشيخ محمد عبدالعزيز الصباح    نوافذ للحياة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



موقعها الإستراتيجي على مفترق الطرق الدولية ساهم في تطورها العمراني والتجاري
«الزليفات» بداية التسمية التي انتهت بالزلفي الزلفي الطبيعة والناس والأرض 1/6 «انكاس» عجزت عن شق الطريق بسبب الثويرات فهب الأهالي لشق طريق «زليغيف» بأيديهم
نشر في الجزيرة يوم 28 - 09 - 2002


حلقات أعدها: فهد بن عبد العزيز الكليب
ننطلق هذا الأسبوع مع حلقات جديدة من حدود الوطن حيث نحلق بكم في رحلة جديدة تمتد على مدى ستة أيام ونتجه بها إلى محافظة الزلفي هذه المحافظة التي لها صفحات مشرفة في سجل التاريخ.
حلقة اليوم نستعرض بها الموقع والآثار وصوراً من تلاحم الأهالي.
«قصر سعود» من أبرز آثار الزلفي ولا يزال شامخاً منذ عام 1194ه
جغرافية الزلفي الطبيعية:
الموقع الجغرافي
تقع محافظة الزلفي شمال مدينة الرياض على مسافة 280 كيلو متراً تقريباً وهي بين خطي طول 17 44ْ - 9 44ْ شرقاً، و 26ْ - 50 26ْ شمالاً، وهي عبارة عن سهل ممتد بين جبل طويق والنفود، وتتميز بموقع ممتاز له أهميته ومكانته الجغرافية والتاريخية، فهي تحدها بلدة الغاط جنوباً والثويرات شمالاً، ومن الغرب المستوى، وشرقاً المجزل، وقاعدة المنطقة في مدينة الزلفي وتقع في الوسط.
أهمية الموقع
تمثل منطقة الزلفي انعطافاً سكانياً مميزاً، فهي ليست من القصيم بثقله وعمقه الزراعي والسكاني، وليست من سدير إلى الجنوب منها بنوياته ومراكزه الحضرية الصغيرة المتبعثرة بين الشعاب والجبال، انها بين هذا وذاك، بؤرة حضرية منقطعة لبست حلة بدوية هي مزيج بين ثقافة الالتحام بين الطين والرمل، ثم تحضرت لتصبح واحة خضراء تجذب إليها التاجر والمستثمر والمزارع.
لقد أصبحت منطقة الزلفي اليوم بحق مدينة عصرية بكل معنى الكلمة، وذلك بعد النهضة الحضارية الشاملة التي عمت كل أرجاء مملكتنا الغالية، مدنها وقراها وهجرها، ومنها الزلفي، المدينة التي تسير سيراً حثيثاً في جميع مجالاتها، ونفذ فيها العديد من المشروعات التنموية في مختلف المجالات.
وتنبع أهمية موقع
محافظة الزلفي من عدة نواح
فهي أولاً: تقع على طرق مهمة، كطريق الرياض - القصيم - الكويت المدينة المنورة، كما أنها ترتبط بالطريق الذي يربطها بالأرطاوية وهو جزء من طريق عملاق يربط حدودنا الشرقية بحدودنا الغربية، مروراً بالمنطقة الوسطى، وبالذات منطقة القصيم وحائل وبقية المناطق الأخرى، كما أن له أهميته بالنسبة للحجاج القادمين للحج والعمرة من دول منطقة الخليج وهو يشهد ازدحاماً كثيفاً طوال العام، وكان لهذا الطريق أهميته الحيوية ابان أزمة الخليج أثناء احتلال الكويت ثم تحريرها.
وإن وقوع الزلفي على هذه الطرق قد أكسب هذه المدينة أهمية كبيرة جداً من الناحيتين التجارية والعمرانية، إذ نشطت الحركة التجارية بشكل كبير، وتسابق رجال الأعمال إلى افتتاح الأسواق التجارية والفنادق فيها، وتنبع أهمية الموقع أيضاً من وجود المياه العذبة الدائمة، والأرض الخصبة الصالحة لقيام عملية الزراعة لذا انتشرت المزارع في أنحاء المنطقة كافة.
تضاريس الزلفي
الزلفي عبارة عن سهل يمتد من الجنوب مبتدئا بقرية مليح إلى جزرة في الشمال، عند التقاء جبال طويق بنفود الثويرات، ويمتد إلى الشرق حيث جبال طويق وسهل السيلة، وإلى الغرب حيث نفود الثويرات، والسهل في الجنوب أعرض منه في الشمال ويحاط سهل الزلفي بجبال طويق من الشرق بارتفاع يتراوح بين 630 و 720 متراً فوق سطح البحر، ونفود الثويرات من الغرب بارتفاع 620 متراً فوق سطح البحر، ونفود الثويرات من الغرب بارتفاع سهل الزلفي يتراوح بين 950 و 620 متراً فوق سطح البحر.
وتتنوع مظاهر السطح في منطقة الزلفي تنوعاً محدوداً تطغى عليه الرمال، والأراضي الوعرة، ويظهر تأثير جبل طويق واضحاً في نشوء الجروف والخشوم والروضات والخياري، كما تظهر القيعان في الرمل والطين على السواء وتبدو رمال الزلفي على شكل كثبان هلالية في أساسها، تتحول إلى أنماط كثبية أخرى وأنسب البيئات لتشكيلها هي سهول الرق المستوية ، وهي السهول التي تتكون من الحصى والأحجار الصغيرة المنقولة أو المتكونة في مكانها، وقد يطلق عليها سهول الحمارة أيضاً، وهذه السهول خالية من التضرس، كما تظهر على شكل أشرطة وأحزمة نطاقية، لاعتراض المرتفعات لها.
وتنتمي الكثبان الرملية في الزلفي إلى النفود الشمالي الذي يمتد إلى الجنوب على شكل ثلاثة أصابع متوازية في امتداد شمال غرب، جنوب غرب، بمسافة حوالي 9640م2 وهي: نفود الثويرات، ونفود السر، ونفود الشقيقة، ويتراوح ارتفاعها بين 650 - 798م.
وتشكل نفود الثويرات معظم أراضي محافظة الزلفي الى الشمال والشمال الغربي والغرب والجنوب الغربي، وقد سميت كذلك لأنها ثائرة لا تستقر على وضع، اذ تتجه حيناً إلى الجنوب وآخر إلى الجنوب الشرقي أو الغربي، وتظهر في النفود تلال رملية تسمى «طعوس» وبرخانات متوازية وإلى أقصى الشمال منها توجد روابٍ بيضاوية متغيرة الاتجاه، وعندما تنفرج كتلة الرمال تفصح عن جيوب صخرية قليلة الارتفاع تسمى «جنوب» كما تظهر أحياناً على شكل حيزاوات مأهولة، ويوحي امتداد الرمال بأن الرياح الشمالية والشمالية الغربية هي التي رسبتها وكونتها، ويقال: ان الرمال تزحف على المدينة الى الشرق والجنوب الشرقي، وان هناك اراضي غرب الزلفي يمر فيها وادي سمنان قد طمرتها الرمال، واغلب تحرك الرمال في فصل الصيف حيث تنشط الرياح، كما يتغير اتجاهها بين حين وآخر.
وهناك نفود الثويرات، وهو لسان ممتد من الدهساء، و«الثوير» معروفة كقرية من قرى الزلفي واقعة من ذلك النفود وهي احدى مراكز الزلفي.
أودية الزلفي
من أشهر أودية الزلفي على الاطلاق وادي مرخ، وهو يبدأ من جنوب غرب الخيس من سدير والرويضة وينتهي إلى الكسر من السيلة بطول 60 كيلو متراً وتختلف سعته بين 60 -80 متراً أو 15 متراً.. وسمي بمرخ نسبة لنبات المرخ.. كما تصب في السبلة شعاب بعضها ترفد وادي مرخ والبعض الآخر ينحدر إليها من سدحة طويق غربي السبلة ومن هذه الشعاب: «شعيب السايلة، وادي النوم، حار الله، الحسكي، أبو خشبة، الذيابة، العفر ، الطريف، الخويش، أبو حريقه، الرمل، حمدي، أحمد «مقطع السيل»، قري الشيوخ ، أبو قويرة، ناصر».
أما الأودية التي تنحدر من طويق غرباً فهي:
1- وادي سمنان:
يقع غرب وادي مرخ، وينحدر مسيله من طويق إلى الغرب والشمال الغربي، ويعتبر من أخصب اراضي الزلفي وأكثرها انتاجاً للتمور، ويتفرع عند العقدة إلى فرعين أحدهما شمالي والآخر يتجه إلى الغرب، فيحيطان بالبلدة القديمة.
2- وادي عريعرة: ينحدر من طويق عند مزارع عريعرة ويلتقي مع وادي سمنان في شمال المدينة، ويفيض الواديان في علقة التي تقع إلى الشمال من مدينة الزلفي من اقليم الزلفي وذلك في السهل المنبسط بين نفود الثويرات وجبال طويق.
3- وادي سويس «الشعبة»: يقع جنوب سمنان ويبعد عنه حوالي 3 كيلو مترات ويصب في مغيراء والطرغشه.
4- وادي أبي سديرة: ينحدر من أقصى الشمال ويتحد من وادي عريعرة، ليصبا في علقة كما يصب فيها شعيب القلته.
5- وادي القلتة «القعير».
6- وادي أم الرخام.
7- وادي الرويضة.
8- وادي قويع زيد.
9- وادي جزرة: ويصب في قاع جزرة حيث يختفي طويق تماماً، ويلتحم مع النفود ويصب فيه شعيب أحمد عند منقطع السيل داخل النفود.
وتمثل سلسلة جبل طويق حافة جبلية تتجه غرباً، وتبدأ من رمال الثويرات شمال الزلفي، وتذهب مجنباً حتى يندفن طرف الجبل في الربع الخالي جنوباً أي بمقدار مسافة ألف كيل، فطرفاه تبتلعهما الرمال شمالاً وجنوباً، وينسل منه عشرات الأودية الكبار. ويرتفع جبل طويق 708 أمتار فوق سطح البحر عند خشم أم الذر وتسيل منه كل عام السيول الغزيرة عبر أودية مرخ وسمنان وعريعره وسويس وتختفي السيول في الرمال إلى الغرب، بينما تبقى الشعاب الثانوية دون جريان لسنوات طويلة، ويلاحظ تكون ظواهر طبيعية على حافة جبل طويق، مثل الجروف والخشوم، فالجرف هو مأكل السيل من أسفل شق الوادي كالدحل والخشم.
ويقول عبد الله بن خميس في معجمه الجغرافي: يمتد هذا الجبل «أي جبل طويق» من منطقة الزلفي شمالاً إلى الربع الخالي جنوباً بما يزيد على ألف كيل، ومن الغرب الى الشرق يأخذ في الانحدار التدريجي حتى يلامس السهول الشرقية بما يتراوح بين 25 إلى 30 كيلاً، وتسيل منه أودية عظيمة نحو الشرق تضم مدناً وقرى ونخيلاً ومزارع وبلداناً عامرة ومرابخ وخمائل في منتهى الخصب والوفرة والكثرة.
المناخ
مناخ الزلفي بصفة عامة قاري صحراوي، حار جاف صيفاً، بارد إلى معتدل خلال فصل الشتاء، وتتفاوت درجات الحرارة اليومية فيما بين الفصلين تفاوتاً كبيراً، ويكون الطقس لطيفاً اعتباراً من نوفمبر حتى أبريل، ثم تأخذ درجات الحرارة في الارتفاع في الشهور الستة الباقية، غير أن الانخفاض في درجات الرطوبة النسبية، يساعد على تحمل الطقس، وتتراوح درجات الحرارة العظمى حوالي 45 درجة مئوية والصغرى سبع درجات مئوية، والمتوسطة 35 درجة مئوية وتتمتع بمعدل هطول أمطار يبلغ حوالي 104 سم، ويصل معدل الرطوبة النسبية فيها إلى 31% ولمناخ الزلفي تأثير كبير على الحياة البشرية والنشاط الاقتصادي، وعلى نمط العمران وأسلوب البناء وموارده، وتعد الزلفي بعيدة عن البحار من حيث الموقع الجغرافي ولا توجد فيها بحيرات ولا أنهار، وتحيط بها مساحات رملية واسعة، ومياه الأمطار والسيول تجري من الشرق إلى الغرب، ومن الجنوب إلى الشمال، ويعتبر مناخ الزلفي صحراوياً قارياً، وتتأثر بالرياح المدارية والقارية الدائمة من الجنوب طول العام، كما تتأثر في الصيف بالرياح القادمة من البحر المتوسط ووسط آسيا من الجنوب الشرقي والجنوب الغربي والشمال الغربي.
تسمية الزلفي
تختلف الأسماء في جزيرة العرب للأماكن والموارد، بحسب الطريقة التي يراها الواضع للأسماء، أو المناسبة التي من أجلها وضع هذا الاسم أو ذاك.
و«الزلفي» مدينة ذات تاريخ طويل وقد ذكرها الشعراء والأدباء وتذكر لنا المصادر التاريخية أن الزلفي: زلفة بضم أوله وسكون ثانيه، والزلفة والزلفي القرية أو المنزلة قيل: زلفة ماء، وقيل: زليفات لتدرج جبال طويق في الارتفاع عندها، وقد ورد ذكر الزليفات «الزلفي» في أشعار تأبط شراً:
ولابن رياح بالزُّليفات داره
رياح بن سعد والمعاديَّ معقل
وإن أقدم ذكر لانتماء الزلفي، هو ما أورده الأصفهاني المتوفى سنة 310 ه في كتاب «بلاد العرب» من أن زلفة لبني العنبر، وأنها في ديار عدي بن الرباب من تميم.
وقد وردت الزلفي على لسان الشعراء في مواضع كثيرة ومن ذلك:
الله قد نجاك من أراط
ومن زليفات ومن لغاط
وهذا يؤكد بما لا يدع مجالاً للشك ان المنطقة لها تاريخ موغل في القدم، وأنها مدينة قديمة تحوي عدداً من الآثار التاريخية التي تحتاج إلى مسح شامل من قبل ادارة الآثار والمتاحف، للكشف عن هذه الآثار المندثرة والحفاظ عليها.
والزلفي ورد ذكرها في كتب التاريخ والمعاجم الجغرافية القديمة، ويقال: ان أصل تسمية البلدة وجد بعد أن نزل قوم في منطقة قريبة من تبع جزرة ثم تزلفوا إلى السهل، وسميت في البداية بالزليفات، ثم تحولت الى «الزلفي» ولا تزال تحمل هذا الاسم حتى يومنا الحاضر.
يقول علامة الجزيرة الأستاذ حمد الجاسر في مجلة العرب: «يظهر مما ذكره المتقدمون ان زلفة وزليفات اسمان قديمان لما عرف حديثاً - أي حوالي القرن العاشر - باسم الزلفي».
وقال ابن بليهد في معجمه : بل أعرف الموضع الذي قال فيه الحطيئة
الله قد نجاك من أراط
ومن زليفات ومن لخاط
فالزليفات المذكورة في هذا البيت هي «بلد الزلفي» والتابع لها من القرى يقال لها: زليفات، وقد ورد لها ذكر في أشعار العرب وأخبارها، وهي تحمل هذا الاسم الى هذا العهد «الزلفي».
ويرى الأستاذ عبد العزيز الغزي: ان اسم الزلفي قديم، ورد في النصوص منذ العصر الجاهلي، مروراً بالعصور الأخرى، حيث نجده يقول: «ان اسم الزلفي ورد في العصر الجاهلي ثم في صدر الاسلام ثم في القرون الوسطى ثم المتأخرة حتى يومنا الحاضر وفيه من الآثار ما هو موغل في القدم ويعود إلى آلاف السنين، كما هو في آثار الاستيطان قرب روضة السيلة على ضفتي وادي مرخ، وقد ورد اسم مشابه لهذا الاسم في نقش بالخط المسند قرب بلدة «حلبان» بالاضافة «ذات مرخ» سجل حملة قام بها أحد أقيال اليمن لتأديب بعض القبائل العربية في وسط الجزيرة.
المعالم الأثرية بالزلفي
للآثار في منطقة الزلفي أهمية بالغة وذلك لقيمة الأثر من حيث العمق التاريخي وعلاقته بالتاريخ المدون للإنسان، وهنالك العديد من الآثار والمعالم القديمة الماثلة بعضها إلى الآن، فالآثار سجل حافل للأجيال الحاضرة والقادمة من أبناء المنطقة ومن بين تلك الآثار ما يلي:
1- قصر سعود:
يعد ذلك القصر الذي يقع جنوب بلدة الزلفي على مسافة حوالي 11 كيلا، أحد أبرز المواقع الاثرية بالمنطقة، وقد قام ببنائه الإمام سعود الكبير عندما حاصر الزلفي عام 1194ه في عهد أبيه الإمام عبدالعزيز بن محمد بن سعود، ولا يزال ذلك القصر شامخاً حتى يومنا الحاضر ويصل ارتفاعه ما يقارب تسعة أمتار، أما عرضه فمتران وهو مبني من «اللبن» وله بوابة كبيرة.
2- المنزلة:
ينطقها البعض «المنيزلة» وهي قرية من قرى الزلفي في إمارة منطقة الرياض، وهي قرية قديمة عبارة عن مكان أثري يوجد بها قصر قديم كان يسمى قصر المنزلة، وبالقرية مقبرة قديمة بها قبور طويلة، توشك معالمها ان تندثر، وما زالت باقية على شكل قصر قديم وتقع شمال منطقة الزلفي.
3- الطرغشة:
ذكرها ياقوت الحموي في معجمه «معجم البلدان» : «الطرغشة»: ماء لبني العنبر ب«اليمامة» وتقع جنوب بلد الزلفي وعلى مسافة أكيال منها في حصن الدغام بها آثار وآبار توحي لنا بعمران قديم، ولا يزال فيها آبار ونخيلات، ويقوم الى الشرق منها بقايا قصر قديم مبني من الطين.
4- قصر ضبعان:
يقع الى الشمال الشرقي من بلدة علقة بالزلفي، وهذا القصر وما حوله من بيوتات كانت تشكل نواة الاستقرار الحالي في منطقة الزلفي، وقد كانت معالمه وآثاره قائمة إلى وقت قريب واما اليوم فقد اندثرت كلها.
5- سور الزلفي القديم:
كانت منطقة الزلفي قديما محاطة بسور حصين مبني من «اللبن» كاحاطة السوار بالمعصم، وقد شيده أهالي البلدة القديمة، وكانت الزلفي انذاك عبارة عن بلدة صغيرة المساحة وكان الدخول والخروج منها وإليها لا يتم الا عبر بوابات «دراويز» وكانت البلدة محاطة بسور سميك من الطين المجفف يصل ارتفاعه الى حوالي 25 قدما وصمم ذلك السور ليكون حصنا منيعا، وذلك لحماية البلدة وأهلها من الغزوات والغارات الخارجية، واليوم لم يبق أي أثر لذلك السور حيث اندثرت معالمه.
6- القصير:
يعد من المعالم الاثرية بالزلفي، والقصير: تصغير قصر، ولا يزال هذا القصر وما حوله من بيوتات بارزة، رغم ما اعتراها من عوامل التعرية، ويقع هذا القصر الى الشمال من علقة ويمر بجواره شعيب يسمى شعيب القصير نسبةالى هذا المعلم الاثري وكنا قد ذكرنا ان «القصير» و«ضيعان» كانا يشكلان نواة الاستقرار الحالي في المنطقة.
7- آثار بقايا سنة السبلة:
من الآثار الباقية حتى اليوم بمنطقة الزلفي بعض من آثار موقعة السبلة التي وقعت سنة 1347ه وهذه الآثار عبارة عن: المحاجي وهي المتاريس التي يحتمي خلفها الرماة أيضا يوجد اعقاب الرصاص المستعمل في تلك المعركة وقد كتبت عليها تاريخ تلك الوقعة.
8- قصر ابن روق:
يمثل ذلك القصر اطلالة على كرم وجود ابن هذه المنطقة حيث يقف بكبرياء شاهدا حيا على رسوخ تلك السجية المتوارثة ويقع ذلك القصر في بلدة علقة وهو مبني من الطيب واللبن، ولقد شهد ذلك القصر الكثير من المواقف النبيلة التي لا تنسى في ضروب الجود والكرم، ولقد اشتهر في زمانه يقصده العاني وعابر السبيل من بادية وحاضرة في ليالي الشتاء القارس، وهجير الحر القاتل يوم ان كان الناس جوعى لا يجدون ما يأكلون فكان يتلقاهم صاحب ذلك القصر بالبشر والترحاب بوجه ضاحك باش.
كم خير عان لنا يشكي الجوع
حاديه من لوعات الايام حادي
لو ما نعرفه راح منا بمطموع
من رأس مال نجمعه للنفادي
ولم يذكر قط في زمانه أن خبت ناره طوال سني حياته لذا يقول المثل الزلفاوي: «الحار عند ابن روق» وابن روق هذا هو عبدالرحمن بن أحمد بن عبدالرحمن بن حمد بن فرهود بن صالح من الفراهيد من آل راشد.
9- سور البلاد :
هو من المعالم الأثرية بمنطقة الزلفي، شيد عام 1347ه في إمارة عبدالرحمن بن عطاالله وذلك بمجهود واتقان من أهالي المنطقة، وبني من مادة اللبن وله أربعة أبراج استكشافية وأربعة دراويز «بوابات» واحدة من الجهة الشمالية، والثانية من الجهة الغربية، والثالثة من الجهة الجنوبية، والرابعة من الجهة الشرقية، والهدف من وراء إنشائه حماية البلدة من الغزوات والغارات الخارجية «انظر إلى الوثيقة رقم1».
10- سور العقدة:
شيد هذا السور قبل سنة السيلة أي في عام 1346ه تقريباً، وقام بتشييده علي الحمد الرشيد بالتعاون مع أهل الزلفي، وكان الهدف من إنشائه الحماية من أي غزو أو غارة خارجية، وسميت «العقدة» بهذا الاسم لأنها ينعقد عليها السور مبنيا من الطين ولاتزال بعضا من معالمه باقية حتى يومنا الحاضر وله أربعة دراويز، الأولى من الناحية الشرقية، والثانية من الناحية الجنوبية، والثالثة من الناحية الغربية، والرابعة من الناحية الشمالية التي على المقبرة، ويصل ارتفاعه إلى حوالي أربعة أمتار وهو عبارة عن عروق من الطين.
11- نقش مريغان الصخري الكبير:
يورد لنا الدكتور عبدالمنعم عبدالحليم سيد، أستاذ الآثار والتاريخ القديم، كلية الآداب - جامعة الملك عبدالعزيز، في كتابه «البحر الأحمر وظهيرة في العصور القديمة، ص361» إشارة الى وجود ذكر لبوادي «مرخ» الذي يصب في روضة السبلة الى الشرق من مدينة الزلفي في نقش صخري اكتشف في أوائل الخمسينيات في منطقة بئر مريغان شمال غرب نجران بحوالي 230كم وورد فيه منحوتا اسم مرخ الذي يسميه النقش «ودمرخ» ويعد هذا النقش الصخري الذي سجلت فيه غزوة غزاها أحد اقيال اليمن لبعض القبائل العربية من نجد يفهم منه أن ذكر مرخ في هذا النقش من أن المنطقة وما جاورها قديمة من حيث الاستيطان والتحضر.
مواقف مشرفة سجلت لأبناء الزلفي
سجلت لأبناء وأهالي الزلفي الكثير من المواقف المشرفة التي اكتسبوا من خلالها تقدير ولاة الأمر منذ القدم وحتى يومنا الحاضر وتلك المواقف تتمثل في الآتي على سبيل التمثيل لا الحصر وسأستعرضها بايجاز:
1- مشاركة أهل الزلفي في نقل السلاح للملك عبدالعزيز:
بعد معركة السبلة 19 شوال 1347ه، وأم رضحة 4 ربيع الآخر 1348ه فر كثير من القبائل والأفراد وصاروا يتجولون بأنعامهم في مناطق شمال المملكة وشرقها بين حدود الكويت والعراق، فخرج الملك عبدالعزيز يتعقبهم، وعندما استقر بالدبدبة «خيارى وضحى» نفد تموينه وأخذ يمون هذا الجيش اللجب بما معه من إبل وبما يحصل عليه من كسب من مناوشة بعض المتمردين عليه، وأخذ في طلب الامدادات التموينية من قبل عبدالله بن جلوي أمير الأحساء آنذاك، وقد عرض ابن جلوي على أصحاب القوافل ايصال تلك الامدادات فاعتذروا عن ذلك بفقدان الأمن بين الأحساء ومنزل الملك عبدالعزيز بالدبدبة فما كان منه إلا أن طلب ذلك من أعيان الزلفي الموجودين بالأحساء الذين استجابوا لذلك رغبة منهم في مشاركة الملك عبدالعزيز وولاءً له إلا أنهم طلبوا زيادة تسليحهم لمقاومة كل من يتعرض لهم، وأخرجت جمال التموين الغذائي والعتاد الحربي، فخرجوا من الأحساء وعددهم 65 خبرة وخرج معهم سعيد الماجد - أحد رجالات عبدالله بن جلوي ومعه 50 فرسا يقوم برعايتها عشرة من الرجال «زماميل» وقد وضعت عدة أكل الخيل وشربها على 28 ناقة وأخذوا في المسير نهاراً ويحطون رحالهم ليلا وقد تعرض لهم في طريقهم من اعترضهم وبرزوا له حتى تم ايصال ذلك التموين للملك عبدالعزيز كما نصت على ذلك الوثيقة رقم1.
وقد أنشد محمد العبدالله الناصر قصيدة في مدح الملك عبدالعزيز منها:
شيخنا وإن دعانا ظننا ظنه
ما نفاخث طريق الشيخ بخلاف
كم صبي أمخلاً يزعج الونه
بالمشوك وخلى عظمه سعاف
2- تفاجأ أهالي الزلفي منذ ما يزيد على العشرين عاماً بتوقف شركة انكاس من استكمال شريان حيوي هو الطريق البري الذي يربطها بالرياض جنوبا وبالقصيم شمالا وبحفر الباطن شرقا إذ يعد المنفذ الوحيد لتسويق إنتاجها الزراعي وبما أنه يثري القرى والمناطق التي حوله، والتي رأت انه من المستحيل شق هذا الطريق المحفوف بالرمال، رمال نفود الثويرات من كل جانب وأعدت تقريراً فنيا يقضي بعدم إنشاء الطريق ولكن أهالي الزلفي ضربوا ملحمة وطنية وضاءة في حل هذه المعضلة الشائكة وهبوا هبة رجل واحد بشكل لا مثيل له من التعاون والتكاتف والتعاضد وقاموا بجهد خارق وفي زمن قياسي رجل وامرأة وشاب وشيخ كبير ومن لم يستطع العمل بيده دفع المال أو الطعام والشراب حتى شقوا الطريق المعروف بطريق «زليغيف» فكان محل ثناء واعجاب الملك فيصل - رحمه الله - الذي أسعده ذلك الموقف وعلى ضوء ذلك كلف الأمير نايف بن عبدالعزيز بالذهاب الى الزلفي ومعاينة الوضع على الطبيعة وبالفعل وصل سموه إلى الزلفي وأدهشه ما رآه وقال مبتسما ومازحا: «ماذا يضمن أن لا تغوص عجلات سيارتنا في هذا الطريق؟» ورد الأهالي بصوت واحد: «حينئذ تسير على أكتافنا» وهذا الموقف يجسد لنا عمق الحب للوطن والرغبة في التفاني نحوه فما كان من الملك فيصل إلا أن أمر شركة انكاس باستكمال الطريق وفق ما رسم له.
3- شركة الزلفي الأهلية للتعمير:
عقد بعض من أهالي الزلفي العزم على إنشاء شركة رأوا تسميتها «شركة الزلفي الأهلية للانشاء والتعمير» وهي شركة مساهمة، الهدف من وراء انشائها رغبة أهالي الزلفي بايجاد مبان لاستخدامها مقرا دائما للدوائر الحكومية وقد بدأ الاكتتاب في هذا المشروع بتاريخ 1/3/1383ه وفكرة انشاء هذه الشركة لم تأت من فراغ بل جاءت بعد دراسة متأنية حيث وضعت لها أهداف محددة وقد لاقت من الأهالي كل تأييد ومؤازرة وحققت نجاحا مذهلا وفي وقت قياسي وحققت الهدف الذي أنشئت من أجله، وما قام به الأهالي ما هو إلا مشاطرة للدولة يمليه عليهم واجب المواطنة الصادقة في رد ولو جزء يسير من حقها عليهم. ولقد كان صاحب الفكرة لتأسيس هذه الشركة بداية هو الوجيه حمود بن سليمان الطريقي الشهير ب«الرويبخ» وكانت البداية ان اقترح الشيخ عبدالعزيز بن أحمد الغنام على الرويبخ اقامة حمامات سباحة على عين أم سبعة الحارة بالاحساء للاستثمار فرد الرويبخ بقوله: لو أردت الاستثمار لعمرت فللا ومباني بالرياض وأجرتها ولكن لماذا لا تقول اشتروا الأرض التي بالوسط وعمروها فاستحسن تلك الفكرة جميع الحاضرين وبدئ ببلورة الفكرة إلى واقع مشاهد.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.