أقول لك: هنيئاً.. ثم هنيئاً.. ثم هنيئاً.. فهذا والله الفوز الحقيقي. وفي ذلك فليتنافس المتنافسون.. يا حاملة القرآن.. أتعرفين من أنتِ؟! أتعلمين ماذا صرتِ؟! لقد ميزكِ رسولُ الله صلى الله عليه وسلم عن غيرك فقال: (أهل القرآن هم أهل الله وخاصته). بنيتي.. لك عليَّ واجبٌ هو حق لك عندي. فتقبلي هذه الهمسات.. من أخت تكبرك بسنوات.. قد صقلتْها التجاربُ.. وعلمتْها الحياةُ.. إن مشوارك الطويل مع هذا الكتاب العظيم لم ينته بعد. فمازلت في البداية.. اجعليه الرفيق والأنيس.. قربيه منك أكثر وأكثر.. ليكون قريباً منك عندما تكونين في أمس الحاجة إليه. اقتطعي من وقتك.. من نومك.. لتقرئيه وتراجعيه.. اجعلي لك منه ورداً يومياً.. فهو والله الزاد الذي لا ينفد.. تذكري.. أن مؤامرات أعداء الله لا تنتهي .. كي تتخلي عن رمز عفتك ووسام شرفك وكرامتك.. لقد عرفوا من أين تؤكل الكتف. فلا سبيل لهم إلا من خلالك.. ولا طريق لهم إلا أنتِ .. فمتى ما فتحت لهم الباب ولجوا.. فالله الله في حجابك. لا تجعليه لوحة يرسمونها كما يشاؤون.. لا تكوني لهم مسرحاً يعرضون عليه ما يشتهون.. لا تكوني دمية في أيديهم يركبونها كيفما يريدون. لا يخدعنك عن دين الهوى نفر لم يرزقوا في التماس الحق تأييد اعميت القلوب وعروا عن كل قائدة لأنهم كفروا بالله تقليداً وللصحبة أثر عجيب في تشكيل أخلاقيات الإنسان.. فقد تكون له رحمة ونور.. وقد تكون له ظلام وحسرة.. تماماً كما قال نبينا وحبيبنا صلى الله عليه وسلم: (إنما مثل الجليس الصالح والجليس السوء كحامل المسك ونافخ الكير، فحامل المسك إما أن يحذيك وإما أن تجد منه ريحاً طيبة، ونافخ الكير إما أن يحرق ثيابك، وإما أن تجد منه ريحاً خبيثة). واعلمي بنيتي.. أن الإخوة الباقية.. والصحبة التي لن تندمي عليها أبداً.. هي التي تكون لله وفي الله.. وما سواها زائل. فالإخوة في الله من أعظم الروابط.. بل هي والله أعظم من رابطة الدم والنسب.. فالله الله في الرفقة الصالحة. واعلمي أن المرء على دين خليله فلينظر أحدكم من يخالل. اعلمي أن الفتاة المسلمة في عصرنا تعصف بها نيران الأهواء والشبهات.. فيا مَنْ مَنَّ الله عليكِ بحفظ كتابه.. ويا من أكرمكِ بأن سخر لك الظروف لتحيي حياةً طيبةً بعيدةً كل البعد عن هذه النيران المحرقة، أقول لك: أنت الأمل المنتظر. فيا حبيبتي.. اربئي بنفسك عن كل ما يعيبها.. فأنت لستِ كغيركِ.. كوني متميزة في كل شيء.. كوني أداة بناء.. ولا تكوني معول هدم.. كوني عوناً للأمة.. ولا تكوني عوناً لأعدائها.. تذكري أنك تحملين بين جنبيك آيات عظام.. ودلائل قاطعات .. قال تعالى: (لو أنزلنا هذا القرآن على جبل لرأيته خاشعاً متصدعاً من خشية الله).. فاجعليه حجة لك لا حجة عليك. حبيبتي.. أنت الأمل المنتظر في تغيير الكثير من واقع الأمة.. بنيتي .. أنت فتاة المستقبل.. بين يديك مسؤولية توجيه بنات جيلك.. فكوني على قدر هذه المسؤولية.. همسة خاصة جداً.. جداً.. جداً.. اعلمي حبيبتي أن المواهب نعمة إلهية.. ومنحة ربانية على اختلاف أشكالها وتنوع صورها.. وفي المقابل قد تنقلب نقمة وحسرة.. فهي نعمة إذا استغلت الاستغلال الحسن.. ووجهت التوجيه السليم.. وهي نقمة إذا سخرت لغير ما خلقت له.. ومن هذه المواهب: (نعمة الكتابة).. فيا من أنعم الله عليك بهذه النعمة اعلمي أنه قد وضع بين أناملك سلاح لا يستهان به.. بل ربما فاق في قوته جميع الأسلحة القديمة والحديثة.. أتعرفين لماذا؟!.. لأنه سلاح طويل الأمد.. تفنين ويبقى أثره.. بينما الأسلحة الأخرى تفنى بفناء صاحبها.. بنيتي .. لكل سلاح ذخيرة.. فالسلاح بلا ذخيرة ليس له تأثير.. بل ربما أحدث بلبلة وضجة. وهكذا القلم.. لابد له من ذخيرة.. فمن أين تستمدين ذخيرتك؟! استمديها أولاً من كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم.. ثم أكثري من الاطلاع على كتب السير وأحوال الدعاة.. التزمي منهج الدقة والتحري قبل أن تقع عينيك على أي مقال أو إصدار لا تعلمين عنه شيئاً.. وأنت بذلك لن تتركي بإذن الله مجالاً لأعدائك للدخول عليك مهما حاولوا.. فكلما طرقوا الأبواب وجدوك محصنة لا سبيل لغزوك.. أتعلمين لماذا؟! لأن صاحبة القلم مهما بلغت من الثقافة والاطلاع من دون أن تستند إلى مرجع أصيل وتقف على أرض ثابتة صلبة فإنها سرعان ما تقع فريسة سهلة يتلقفها الأعداء وأي فريسة.. بل هي والله فريسة غالية الثمن. وذلك لأنها تمتلك سلاحاً فتاكاً يسخرونه لأغراضهم دون أن تشعر.. فحذارِ.. ثم حذارِ من الوقوع في فخاخ الأعداء. ولا أجد أفضل ولا أكثر بياناً من قول المصطفى عليه الصلاة والسلام: (فإنه من يعش منكم فسيرى اختلافاً كثيراً فعليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين المهديين عضوا عليها بالنواجذ). وختاماً.. هذه بضع كلمات جالت في خاطري أحببت أن أبوح بها لك.. يا أمل الغد.. حفظك الله ورعاك..