الصدق تاج فوق رأس صاحبه ونور يشع في كل ناحية بل هو الشجرة المثمرة بكل خير وهو السلم الذي ما ارتقاه أحد الا علا الى منازل الصديقين والشهداء والصالحين والمأوى الذي ما لجأ اليه هارب الا نجا من كل كرب، فينبغي للمسلم أن يتخلق بالصدق في أقواله وأفعاله لانه أساس كل فضيلة. وكتاب الله تعالى وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم وأقوال السلف وأفعالهم رحمهم الله حافلة بالحث على الصدق وذكر مزاياه والتحذير من الكذب وذكر عواقبه الوخيمة فمن ذلك قوله تعالى {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اتَّقُواْ اللّهَ وَكُونُواْ مَعَ الصَّادِقِينَ} (119) سورة التوبة وقوله صلى الله عليه وسلم ( آية المنافق ثلاث اذا حدث كذب واذا وعد أخلف واذا ائتمن خان) وعن عائشة رضي الله عنها قالت: ما من خلق أبغض الى رسول الله من الكذب، وقد كان السلف رحمهم الله يلزمون الصدق ويصرون عليه ولو ادى الى ذهاب أرواحهم وما يملكون فينجون بسببه وينالون حظ الدارين وروي عن بعضهم أنه قال :( انما يكذب الكاذب من مهانة نفسه) فلاشك أن الصدق زينة لصاحبه ولو كان وضيعا وأن الكذب شين لصاحبه ولو كان رفيعا ،وكم من شخص أهين بسبب لسانه ومن الملاحظ أن الكاذب تعجل له العقوبة وتكون خزيا له في الدنيا ولعذاب الاخرة اخزى, وهو أنه اذا عرف بالكذب لا يصدق ولو كان صادقا فبذلك يسبب له كثيرا من المصائب لذا يتوجب علينا نحن المسلمين أن نلزم الصدق ونجعله سمة نتميز بها كما كان عليه سلفنا الصالح، فنلزمه في اقوالنا وأفعالنا سواء أكنا خداما أو مخدومين أو تجارا أو أرباب حرف وصناعات والكذب أنواع ،أشنعه الحيف في الشهادات لانه يؤدي الى الظلم، فقد روي عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال:( ألا أنبئكم بأكبر الكبائر ثلاثا قلنا: بلى يا رسول الله، قال الاشراك بالله وعقوق الوالدين وقتل النفس وكان متكئا فجلس وقال: ألا وقول الزور وشهادة الزور فما زال يكررها حتى قلنا ليته سكت). وكذلك يجب علينا أن لا نقتصر في الصدق على أنفسنا فقط بل يجب علينا أن نغرس فضيلة الصدق في نفوس أطفالنا ليشبوا عليه وذلك بأن نصدق اذا قلنا وننجز اذا وعدنا ليتأسوا بنا ونصير بذلك قدوة حسنة لهم كما حثنا على ذلك نبينا صلى عليه وسلم فقد قال: من قال لصبي، تعال هاك ولم يعطه فهى كذبة وقد بين صلى الله عليه وسلم أن للصدق أطوارا اذا اتصف به شخص علا به الى قمة الخير وأن للكذب أدوارا من اتصف به هوى الى دركات الذل والعذاب بينه بقوله عليه السلام :(الصدق يهدي الى البر والبر يهدي الى الجنة ولا يزال الرجل يصدق حتى يكتب عند الله صديقا وان الكذب يهدي الى الفجور والفجور يهدي الى النار ولا يزال الرجل يكذب ويتحرى الكذب حتى يكتب عند الله كذابا). والكذب صفة يمكن للانسان تركها والتخلي عنها من بين سائر الخصال فقد يطبع على الخوف وغير ذلك أما الكذب فانه صفة باستطاعته تركها، كما أنه باستطاعته تعويد لسانه على الصدق... نسأل الله أن يوفقنا لكل فضيلة وأن يجنبنا كل رذيلة.