«هيئة الطرق»: مطبات السرعة على الطرق الرئيسية محظورة    هل اقتربت المواجهة بين روسيا و«الناتو»؟    «قبضة» الخليج إلى النهائي الآسيوي ل«اليد»    الشاعر علي عكور: مؤسف أن يتصدَّر المشهد الأدبي الأقل قيمة !    رواء الجصاني يلتقط سيرة عراقيين من ذاكرة «براغ»    «السقوط المفاجئ»    الدفاع المدني: هطول الأمطار الرعدية على معظم مناطق المملكة    ترمب يستعيد المفهوم الدبلوماسي القديم «السلام من خلال القوة»    مشاعل السعيدان سيدة أعمال تسعى إلى الطموح والتحول الرقمي في القطاع العقاري    أشهرالأشقاء في عام المستديرة    د. عبدالله الشهري: رسالة الأندية لا يجب اختزالها في الرياضة فقط واستضافة المونديال خير دليل    «استخدام النقل العام».. اقتصاد واستدامة    أرصدة مشبوهة !    حلول ذكية لأزمة المواقف    التدمير الممنهج مازال مستمراً.. وصدور مذكرتي توقيف بحق نتنياهو وغالانت    الثقافة البيئية والتنمية المستدامة    عدسة ريم الفيصل تنصت لنا    المخرجة هند الفهاد: رائدة سعودية في عالم السينما    «بازار المنجّمين»؟!    مسجد الفتح.. استحضار دخول البيت العتيق    إجراءات الحدود توتر عمل «شينغن» التنقل الحر    تصرفات تؤخر مشي الطفل يجب الحذر منها    المياه الوطنية: واحة بريدة صاحبة أول بصمة مائية في العالم    ترمب المنتصر الكبير    صرخة طفلة    محافظ عنيزة المكلف يزور الوحدة السكنية الجاهزة    وزير الدفاع يستعرض علاقات التعاون مع وزير الدولة بمكتب رئيس وزراء السويد    البيع على الخارطة.. بين فرص الاستثمار وضمانات الحماية    فعل لا رد فعل    أخضرنا ضلّ الطريق    أشبال أخضر اليد يواجهون تونس في "عربية اليد"    5 مواجهات في دوري ممتاز الطائرة    لتكن لدينا وزارة للكفاءة الحكومية    إنعاش الحياة وإنعاش الموت..!    المؤتمر للتوائم الملتصقة    دوري روشن: الهلال للمحافظة على صدارة الترتيب والاتحاد يترقب بلقاء الفتح    خبر سار للهلال بشأن سالم الدوسري    حالة مطرية على مناطق المملكة اعتباراً من يوم غدٍ الجمعة    رئيس مجلس أمناء جامعة الأمير سلطان يوجه باعتماد الجامعة إجازة شهر رمضان للطلبة للثلاثة الأعوام القادمة    عسير: إحباط تهريب (26) كغم من مادة الحشيش المخدر و (29100) قرص خاضع لتنظيم التداول الطبي    الأمن العام يشارك ضمن معرض وزارة الداخلية احتفاءً باليوم العالمي للطفل    إطلاق 26 كائنًا مهددًا بالانقراض في متنزه السودة    محمية الأمير محمد بن سلمان الملكية تكتشف نوعاً جديداً من الخفافيش في السعودية    أمير القصيم يستقبل عدد من أعضاء مجلس الشورى ومنسوبي المؤسسة الخيرية لرعاية الأيتام    مدير عام فرع وزارة الصحة بجازان يستقبل مدير مستشفى القوات المسلحة بالمنطقة    ضيوف الملك: المملكة لم تبخل يوما على المسلمين    سفارة السعودية في باكستان: المملكة تدين الهجوم على نقطة تفتيش مشتركة في مدينة "بانو"    "التعاون الإسلامي" ترحّب باعتماد الجمعية العامة للأمم المتحدة التعاون معها    «المسيار» والوجبات السريعة    أفراح آل الطلاقي وآل بخيت    رسالة إنسانية    " لعبة الضوء والظل" ب 121 مليون دولار    وزير العدل يبحث مع رئيس" مؤتمر لاهاي" تعزيز التعاون    أمير الحدود الشمالية يفتتح مركز الدعم والإسناد للدفاع المدني بمحافظة طريف    أمير الرياض يرأس اجتماع المحافظين ومسؤولي الإمارة    أمير منطقة تبوك يستقبل سفير جمهورية أوزبكستان لدى المملكة    وصول الدفعة الأولى من ضيوف برنامج خادم الحرمين للعمرة والزيارة للمدينة المنورة    سموه التقى حاكم ولاية إنديانا الأمريكية.. وزير الدفاع ووزير القوات المسلحة الفرنسية يبحثان آفاق التعاون والمستجدات    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الأزمة تلقي بظلالها على علاقات موسكو وواشنطن
هدنة منتهكة.. ووسطاء متشاكسون
نشر في الجزيرة يوم 29 - 01 - 2004

الجانبان الأمريكي والروسي أمضيا وقتاً كبيراً في المناقشات حول ضرورة الالتزام بوقف إطلاق النار، والقوات الإسرائيلية ما تزال تحاصر بعض عناصر الجيش المصري، والجدل هناك يدور حول من الذي بدأ بانتهاك وقف إطلاق النار، الأمريكيون يريدون إطالة أمد النقاش، يدعون أنهم لا يعرفون من هو حقاً الذي بدأ بإطلاق النار، بحيث تكون المبادرة في يد الإسرائيليين مع مضي الوقت.
الوثيقة الثانية والستون
من نيكسون إلى بريجنيف في الثالث والعشرين من أكتوبر 1973 عبر الخط الساخن. في رد - يحتمل أن يكون من إعداد كيسنجر- على رسالة بريجنيف عبر الخط الساخن التي أرسلت في وقت سابق بعد ظهر اليوم ذكر نيكسون أنه رد بهدوء باحتمال أن يكون المصريون هم الذين بادروا بالتحرك العسكري ولكنه أشار إلى أن البيت الأبيض «أصر على اتخاذ الإسرائيليين الخطوات الفورية لوقف العدوان»، وأن نيكسون لن يسمح بتدمير وقف إطلاق النار الذي تم التوصل إليه.
تقييم ما قبل الحرب الوثيقة الثالثة والستون
توثيق اجتماع للعاملين في وزارة الخارجية الأمريكية في الساعة الرابعة وخمس وثلاثين دقيقة صباح يوم 23 أكتوبر 1973. في الوقت الذي كان فيه كيسنجر يحاول التوصل إلى وقف إطلاق النار التقى مع مسؤول كبير في وزارته وأعطاه تقييما للموقف منذ اشتعال حرب أكتوبر، وهذا أعطاه فرصة لكي يجد بعض المخارج في موضوعات تؤرقه مثل موقف الحلفاء في أوروبا الغربية الذين كانوا يتصرفون باعتبارهم «أشرارا» لأنهم «فعلوا كل شيء لكسب العرب». كما راجع كيسنجر التقارير المخابراتية التي سبقت الحرب بشأن الصراع العربي الإسرائيلي وهذه التقارير انتهت إلى القول «لا يوجد أي احتمال لأي هجوم عربي» ضد إسرائيل. وقد شرح كيسنجر تحركه المتوازن على أساس العلاقة بين أمريكا وإسرائيل أثناء الحرب فقال: لا يمكن أن نقبل هزيمة إسرائيل، ولكن في الوقت نفسه لن نجعل استراتيجيتنا رهينة لدى الإسرائيليين، لذلك فإننا ذهبنا إلى أبعد مدى في البقاء على اتصال قريب من كافة الأطراف العربية والحقيقة فقد كان تطور الحرب يمثل نجاحا كبيرا بالنسبة لواشنطن لأنها أكدت أهمية العمل على خفض التوتر بدون وجود علاقة وثيقة مع الاتحاد السوفيتي فإن مثل هذا التوتر كان يمكن أن يتصاعد بسهولة. ورغم ذلك فإن واشنطن وليست موسكو هي التي كانت تمسك بدفة الأمور وإن إسرائيل هي التي كسبت في حين أن عملاء موسكو خسروا وان التسوية السلمية تعتمد على واشنطن، فقد كانت الولايات المتحدة في موقف إذا تصرفنا بحكمة وانضباط فإننا سنكون في موقف مركزي وكما حدث في مشكلة تدهور وقف إطلاق النار الأخيرة فإن كيسنجر تصرف بقدر كبير من رباطة الجأش ولم يذكر رسائل بريجنيف عبر الخط الساخن.
قرار تفعيل وقف إطلاق النار الوثيقة الرابعة والستون
من كيسنجر إلى بريجنيف في الثالث والعشرين من أكتوبر 1973. وفق نيكسون وكيسنجرعلى الفور على أن ترعى واشنطن وموسكو معا قرارا جديدا من مجلس الأمن الدولي لجعل «وقف إطلاق النار فعالا». وفي ظهيرة هذا اليوم أصدر مجلس الأمن الدولي القرار رقم 339 الذي دعا فيه أطراف الصراع إلى العودة إلى مواقعهم قبل صدور القرار رقم 338 ونص على إرسال مراقبين دوليين لمراقبة وقف إطلاق النار على الجبهة المصرية الإسرائيلية (انظر 61)، وفي هذه الرسالة إلى بريجنيف قال كيسنجر: «سيدي السكرتير العام» وأشار إلى رغبة الإدارة الأمريكية في الحفاظ على «الموقف الموحد» بين موسكو وواشنطن بشأن الأزمة الراهنة وإن كانت لديه تحفظات على لغة القرارات التي تدعوأطراف الصراع إلى «الانسحاب إلى المواقع التي كانوا يحتلونها في لحظة قبولهم وقف إطلاق النار» وبافتراض أن مثل هذه المواقع لا تقبل الشك فإن كيسنجر لاحظ أن فرينتسوف وهو اتفقا على أن السوفييت سوف يبدون قدرا أكبر من الاعتدال بالنسبة لنقاط الخلاف بين أطراف الصراع ومواقعها. كما ركز كيسنجر على أهمية دور موسكو المساعد في الحصول على موافقة سوريا على وقف إطلاق النار التي جاءت في وقت لاحق من ذلك اليوم والضغط عليها من أجل إطلاق سراح أسرى الحرب الإسرائيليين.
تعهد إسرائيلي الوثيقة الخامسة والستون
رسالة من دوبرنين إلى كيسنجر تتضمن رسالة من بريجنيف إلى نيكسون في الرابع والعشرين من أكتوبر 1973. بحلول الثامنة والنصف من هذا المساء تلقى كيسنجر تعهدا من الإسرائيليين بأنهم سوف يوقفون إطلاق النار إذا فعل المصريون نفس الشيء، ونقل كيسنجر هذا التعهد إلى دوبرنين وطلب منه الحصول على تعهد مماثل من جانب المصريين (انظر رقم 62). ورغم ذلك استمر إطلاق النار، وفي صباح 24 أكتوبر قرأ دوبرنين على كيسنجر رسالة غاضبة من بريجنيف قائلا: إن الإسرائيليين للمرة الثانية انتهكوا قرار مجلس الأمن «بشن هجوم كبير على ميناء الأدبية المصري» ومهاجمة المصريين على الضفة الشرقية لقناة السويس. وأعرب الرئيس السوفيتي في رسالته عن ثقته في قيام الرئيس نيكسون «بممارسة نفوذه» لدى إسرائيل من أجل ضمان التزام صارم وفوري بوقف إطلاق النار من جانب تل أبيب. وإلى جانب الضغط السوفيتي كانت هناك رسالة سرية من الرئيس السادات بعد بيان عام دعا فيه الولايات المتحدة والاتحاد السوفيتي إلى إرسال قوات لمراقبة تطبيق وقف إطلاق النار (انظر 63).
الوثيقة السادسة والستون
رسالة من سكروفت إلى دبرونين تتضمن رسالة من نيكسون إلى بريجنيف في الرابع والعشرين من أكتوبر 1973 تسلمتها السفارة السوفيتية لدى واشنطن في العاشرة صباحا، رد نيكسون بسرعة على رسالة بريجنيف بمعلومات عن الخطوات التي اتخذتها الولايات المتحدة الأمريكية لوقف القتال بما في ذلك إرسال رسائل صارمة إلى الإسرائيليين على خلفية احتمال «تدهور حاد» في الموقف إذا استمرت «العمليات العدائية الكبيرة» وكتب نيكسون أن الإسرائيليين أعطوه تأكيدات بأنهم لم يحركوا أي قوات منذ السابعة مساء، وأنهم طالبوا بإرسال مراقبين تابعين للأمم المتحدة إلى الجبهة ليتأكدوا من عدم تحريك القوات الإسرائيلية إلى الضفة الشرقية لقناة السويس. وأبلغ نيكسون بريجنيف أن الإسرائيليين حصلوا على نسخة من رسالة من وزير الحربية المصري يدعوفيها قواته إلى مواصلة القتال ويعدها بتوفير مساندة جوية لها، واستخدم نيكسون نفس اللغة السوفيتية عندما طالب من بريجنيف تقديم ضمان سوفيتي بأن القاهرة ستراقب بكثير من الحذر اتفاق وقف إطلاق النار.
لماذا انتهكت إسرائيل الهدنة الوثيقة السابعة والستون
من راي كلاين مساعد وزير الخارجية الأمريكي لشؤون المخابرات إلى وزير الخارجية كيسنجر بعنوان «مشكلات وقف إطلاق النار» في الرابع والعشرين من أكتوبر 1973. مهما كانت حقيقة المزاعم الإسرائيلية فإن راي كلاين مساعد وزير الخارجية لشؤون المخابرات رأى أن تل أبيب تتحمل مسؤولية انتهاك وقف إطلاق النار. قال راي في مذكرته: إن الإسرائيليين انتهكوا وقف إطلاق النار حتى يتمكنوا من حصار الجيش الثالث المصري في القطاع الجنوبي من الجبهة، وبالفعل فقد تقلصت خطوط إمداد القوات المصرية في هذا القطاع وإن هذه القوات ستقع تحت ضغط كبير لكي تتحرك من أجل إعادة فتح خطي الإمدادات الرئيسيين بالنسبة لها، والحقيقة أنه ليس فقط بسبب عدم كفاءة المراقبين الدوليين ولكن أيضا لان الإسرائيليين لا يرون مصلحة في وقف العمليات العسكرية فإن انتهاكهم لقرار وقف إطلاق النار استمر، وعلى الرغم من أن السوريين كانوا أكثر «حماسة» للهدنة فإن المصريين كانوا أيضا في حاجة إليها حتى تلتقط قواتهم أنفاسها وتعيد تنظيم صفوفها. ومع توقف القوات المصرية فإن العالم العربي سوف يدرك سريعا أنه لن يكون هناك انسحاب إسرائيلي تلقائي وان المساعدات العربية السخية تحولت مرة أخرى إلى هزيمة للعرب وكان على السادات إما استئناف القتال أو قبول وقف إطلاق النار أوالادعاء بأنه تعرض لضغوط رهيبة من جانب القوى الدولية العظمى أدت إلى هذا الموقف السيئ الذي وجد نفسه فيه.
محادثة سرية الوثيقة الثامنة والستون
تسجيل محادثة تليفونية بين دينتز وكيسنجر يوم 24 أكتوبر 1973 الساعة الثالثة وأربعين دقيقة. في واحدة من الاتصالات التليفونية القليلة لهنري كيسنجر التي لها تفريغ موثق لدى مجلس الأمن القومي الأمريكي فإن كيسنجر قال للسفير الإسرائيلي في واشنطن دينتز: إن السوفييت يواصلون تسجيل الانتهاكات الإسرائيلية لاتفاق وقف إطلاق النار (انظر 64) ولكن دينتز قال له: ان كل ما وصله هو أن كل شيء هادئ على الجبهة، مهما كانت الحقائق فإن كيسنجر أبلغ دينتز بان الولايات المتحدة تؤيد «دعوة اشد قوة لمراقبة وقف إطلاق النار» وإجراءات لدعم مراقبة الأمم المتحدة لوقف إطلاق النار. وفي الوقت نفسه فإن كيسنجر أبلغ السفير بعرقلة مسألة دعوة أطراف الصراع إلى العودة إلى مواقعهم الأصلية عند وقف إطلاق النار أول مرة وقال للسفير الإسرائيلي: إن أمريكا ستعارض مثل هذه الدعوة وسوف يبلغ السوفييت بموقفها هذا، وأضاف: سوف أطلب من السوفييت عدم إدراج مثل هذا البند في مشروع قرارهم لمجلس الأمن لأننا سنعارضه تماما وطلب من دينتز التأكيد على أنكم لن تقوموا بأي تحرك عسكري. (انظر 65).
واشنطن تهدد بالمواجهة الوثيقة التاسعة والستون
رسالة سرية من نيكسون عبر حافظ إسماعيل مستشار الأمن القومي المصري إلى السادات في الرابع والعشرين من أكتوبر 1973 حملها لورانس إيجلبريجر. في مساء اليوم علم كيسنجر من دوبرنين أن السوفييت يعتزمون تأييد مشروع قرار جديد من جانب دول عدم الانحياز في مجلس الأمن الدولي يدعو إلى نشر قوات أمريكية وسوفيتية لدعم وقف إطلاق النار، وبعد أن حث كيسنجر السفير السوفيتي على عدم مساندة مثل هذا القرار أعلن: إذا أردت المواجهة فنحن مستعدون لها كما أنها ستكون كبيرة. وقد أرسلت أمريكا هذه الرسالة عبر القنوات السرية إلى السادات لتشرح أمريكا سبب استخدامها المحتمل لحق الفيتو ضد مشروع قرار من هذا النوع. قال نيكسون: إن نشر قوات أجنبية في منطقة الصراع لن يكون «وسيلة فعالة» وفي الوقت نفسه فإن وجود القوات الأمريكية والسوفيتية في منطقة مشتعلة يمكن أن يقود إلى مواجهة بين القوتين العظميين، وإن الإسراع بنشر مراقبين تابعين للأمم المتحدة سوف يكون أفضل وبديلا عن مواجهة غير لازمة بين السوفييت والأمريكيين. ومن المحتمل جدا أن يكون كيسنجر ومساعدوه هم الذين أعدوا هذه الرسالة إلى الرئيس المصري، وربما لم يكن نيكسون يعلم عنها شيئا لانه كان مشغولا جدا بأمور أخرى في ذلك اليوم، فقد كانت اللجنة القضائية في مجلس النواب الأمريكي قد بدأت إجراءات التحقيق في فضيحة ووتر جيت التي كان الرئيس متورطا فيها.
الوثيقة السبعون
برقية وزارة الخارجية الأمريكية رقم 210444 إلى كل دبلوماسييها تحت عنوان «الموقف في الشرق الأوسط» يوم 25 أكتوبر عام 1973. بناء على المعلومات التي تم جمعها يوم 24 أكتوبر فإن هذه البرقية لخصت الموقف العسكري وإعلان سوريا قبولها وقف إطلاق النار وتحرك المراقبين الدوليين على الجبهة والحظر البترولي العربي وغير ذلك من تطورات الموقف في الشرق الأوسط على مختلف الأصعدة، ووفقا لبيانات الجيش الإسرائيلي فإن وحدات من الجيش الثالث المصري انتهكت وقف إطلاق النار من خلال محاولاتها «كسر الحصار» على مواقعها. كما أعلن الإسرائيليون عن نشاط جوي مصري مكثف وفي نهاية اليوم فإن الموقف سواء على قناة السويس أو على مرتفعات الجولان وقد أصبح هادئا.
موسكو تتحدث بلهجة عنيفة الوثيقة الواحدة والسبعون
رسالة من بريجنيف إلى نيكسون في الرابع والعشرين من أكتوبر تلقتها وزارة الخارجية الأمريكية. قبل العاشرة بقليل اتصل دوبرنين بكيسنجر وقرأ له نص رسالة من بريجنيف إلى نيكسون تلقتها السفارة السوفيتية في واشنطن قبل قليل. ولكن نيكسون الذي كان غارقا حتى أذنيه في فضيحة وترجيت لم يتسلم هذه الرسالة إلا في اليوم التالي ولم يشارك في المناقشات السياسية التي جرت في ذلك المساء. (انظر 66) وقد بدأت الرسالة السوفيتية بالإشارة إلى الاتصالات التي أجراها كيسنجر مؤخرا وخاطب نيكسون ببساطة بالقول «السيد الرئيس» أشار إلى الانتهاكات الإسرائيلية «السافرة» لوقف إطلاق النار من أجل الاستيلاء على المزيد من الأراضي المصرية. ولتسوية هذه الأزمة فقد قدم بريجنيف اقتراحا ماديا يقول: دعنا نرسل معا قوات أمريكية وسوفيتية إلى مصر لضمان تطبيق قرار مجلس الأمن الدولي. وواصل الرئيس السوفيتي حديثه فقال: إذا وجدتم صعوبة في التحرك المشترك بالتعاون معنا فإننا سنجد أنفسنا مضطرين إلى التحرك الفردي. وهذه الرسالة القوية من جانب السوفييت كانت - كما قال بعد ذلك المسؤول السوفيتي في ذلك الوقت فيكتور إسرائيليان- نتيجة لإلحاح الرئيس المصري السادات على السوفييت لتقديم مساعدات عسكرية عاجلة والتقييم المتشائم للموقف العسكري على الجبهة المصرية.
التحرك المنفرد
أدت صعوبة الاتصالات على الجانب السوفيتي إلى إعاقة تدفق المعلومات في التوقيت المناسب الأمر الذي يمكن ان يؤدي إلى صعوبة التحرك الأمريكي السوفيتي المشترك في الشرق الأوسط، ففي الوقت الذي أبلغ فيه دينتز الأمريكيين بأن الموقف العسكري هادئ فإن بريجنيف يتحدث عن «حملة عنيفة» وقد أضاف بريجنيف جملة «التحرك المنفرد» بهدف الضغط على الولايات المتحدة لكي تتحرك بقوة لدى الجانب الإسرائيلي من أجل الالتزام الكامل بوقف إطلاق النار. ويقول إسرئيليان: إنه لم يكن أحد في موسكو يعتزم القيام بأي تحرك في الشرق الأوسط ولا يتوقع رد فعل عسكري أمريكي للتهديد السوفيتي. (أنظر 68).
الوثيقة الثانية والسبعون
محادثة بين كيسنجر وهوانج زهين يوم 25 أكتوبر 1973. أثار التحرك السوفيتي المبالغ فيه تحركاً أمريكياً مبالغاً فيه أيضا (انظر 69). ففي ظل حالة من القلق في واشنطن من إمكانية تدخل عسكري سوفيتي حقيقي في الصراع الدائر في الشرق الأوسط قرر هنري كيسنجر التعامل مع أسوأ الافتراضات. وعقد اجتماعا لمناقشة الرسالة السوفيتية وتأثيراتها والرد الأمريكي عليها، وبغض النظر عن النوايا السوفيتية الحقيقية فإن المشاركين في اجتماع كيسنجر تعاملوا مع رسالة بريجنيف كتحدٍّ خطير عليهم أن يردوا عليه. وقال عضو مجلس الأمن القومي الأمريكي وليام كواندت الذي كان يرى أن رسالة بريجنيف مجرد تهويش: علينا أن نعلمهم درسا. وفي الحادية عشرة وواحد وأربعين دقيقة أصدر الجنرال توماس موروير رئيس هيئة الأركان الأمريكية المشتركة أوامره للقادة العسكريين الأمريكيين برفع حالة الاستعداد إلى «الحالة الدفاعية» من الدرجة الثالثة التي تعني وضع الوحدات النووية في أقصى درجات الاستعداد في وقت السلم، في حين أن الحالة الدفاعية من الدرجة الثانية تعني وضع القوة النووية في وضع الاستعداد للاستخدام الفوري.
استعدادات أمريكية سوفيتية
أدرك المجتمعون أن السوفييت بدأوا يتحركون عسكريا من خلال رفع حالة الاستعداد للوحدات العسكرية في ألمانيا الشرقية والاستعداد لتشغيل طائرات النقل العسكري للطيران من بودابست إلى مصر، ورد الأمريكيون برفع استعداد الفرقة 82 المحمولة جوا وتحريك حاملات الطائرات الأمريكية إلى شرق البحر المتوسط، وفي هذا اليوم تحدث كيسنجر مع هوانج زيهن رئيس مكتب تمثيل جمهورية الصين الشعبية، ورغم أن كيسنجر ذكر بعد ذلك أنه سواء إذا تعامل مع رسالة بريجنيف على أنها تهديد أجوف أم لا فإن الأمر في ذلك الوقت لم يكن يختلف فقد كان على واشنطن أن تتعامل معه بمنتهى الجدية. (انظر 70).
الوثيقة الثالثة والسبعون
من نيكسون إلى بريجنيف يوم 25 أكتوبر 1973 تسلمتها السفارة السوفيتية في واشنطن.إلى جانب مناقشات الإجراءات التحذيرية في اجتماعات 24 و25 أكتوبر أعدت الإدارة الأمريكية رداً على رسالة بريجنيف لترسله إلى السوفييت بتوقيع الرئيس نيكسون رغم أنه لم يره في ذلك الوقت، وقد تسلمته سفارة الاتحاد السوفيتي في ساعة مبكرة جدا من صباح الخامس والعشرين من أكتوبر وتبدأ بالقول: «السيد سكرتير عام الحزب الشيوعي»، تضمنت الرسالة الأمريكية رفض فكرة التحرك العسكري الأمريكي السوفيتي المشترك باعتبارها غير مناسبة ونفت الرسالة وجود انتهاك كبير لوقف إطلاق النار مشيرة في الوقت نفسه إلى الاستعداد الكامل للرئيس نيكسون لاتخاذ كل الخطوات الضرورية اللازمة لضمان تنفيذ وقف إطلاق النار بكل دقة. وفي الوقت نفسه أشارت الرسالة الأمريكية إلى أن التحرك المنفرد لأي طرف يمكن أن يكون له عواقب وخيمة وغير محسوبة. وقال نيكسون: إن «التحرك المنفرد» سيمثل انتهاكا «للمبادئ الأساسية» للعلاقات السوفيتية الأمريكية التي وقعها نيكسون وبريجنيف في موسكو في مايو1972 بالإضافة إلى المادة الثانية من اتفاق منع الحرب النووية. (انظر 71).


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.