افترض الله على المسلمين حج بيته الحرام لمن استطاع إليه سبيلا وجعل ذلك من أركان الإسلام الذي لايقوم إلا به. ويستعد المسلمون في هذه الأيام لأداء هذه الفريضة من جميع اصقاع العالم بيد أن الشيطان والجهل والتقليد يفسدون كثيراً من العمل الصالح فيقوم بعض المسلمين أثناء حجهم بأمور غير مشروعة تؤثر على هذه الفريضة والله تعالى يقول: {يّا أّيٍَهّا الذٌينّ آمّنٍوا أّطٌيعٍوا اللَّهّ وأّطٌيعٍوا الرَّسٍولّ ولا تٍبًطٌلٍوا أّعًمّالّكٍمً } [محمد: 33] قال الحسن (أي حسناتكم بالمعاصي) وقال الزهري (بالكبائر).في هذا الإطار قمنا بهذا التحقيق عن بدع ومنكرات الحج وذلك كنوع من البيان لخطرها على العقيدة للتحذير منها ولكي نؤدي هذه الفريضة صافية نقية بعيدة عما يشوبها لله تعالى ونعود بالأجر ونبتعد عن الوزر فإلى التحقيق. تعريف البدعة البدعة من أول المخاطر التي تعترض أداء هذا الركن الهام ولهذا اتجهنا بداية لفضيلة الشيخ علي المري المرشد بإدارة التوعية والتوجيه بالرئاسة العامة لهيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ليعرِّفها لنا بقوله أصل هذه الكلمة من الاختراع، وهو الشيء الذي يحدث من غير مثال سابق ومنه قوله تعالى: {بّدٌيعٍ السَّمّوّاتٌ والأرًضٌ} أي خلقهم ابتداء وقوله تعالى: {قٍلً مّا كٍنتٍ بٌدًعْا مٌَنّ الرٍَسٍلٌ} أي لم أكن أول رسول إلى أهل الأرض. وأما في الشرع: فمعناها الحدث في الدين بعد الإكمال وهو ما لم يكن في عصر النبي صلى الله عليه وسلم مما فعله أو أقر عليه أو علم من قواعد الشريعة الاذن فيها وعدم الدليل عليه. وقيل: طريقة مخترعة في الدين يضاهي بها الشرع على وجه الالتزام. اختلاط الرجال بالنساء بعد ذلك طرقنا باب فضيلة مدير عام فرع الرئاسة العامة لهيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر بمنطقة مكةالمكرمة الشيخ جابر الحكمي ليحدثنا عن بعض البدع التي تقع في مثل هذه المواسم فقال إن هناك وجوداً لبعض الأعمال البدعية التي تقع من بعض الحجاج مثل أخذ الأحجار من المناطق المحيطة بالحرم والمشاعر المقدسة من بعض الحجاج ظناً منهم أن فيها البركة، القيام بأخذ الصور حول المشاعر بشكل فردي أو مختلط بين الرجال والنساء، علاوة على مايقوم به بعض الحجاج حول مكتبة الحرم من أعمال شركية وبدعية من الصلاة استقبالا لمبنى المكتبة واستدباراً للقبلة (الكعبة) ووضع الحروز والأوراق والشعر. وبين فضيلته أن معالجة تلك المنكرات تتم بالنصح والإرشاد وبيان ذلك الأمر للحاج وتوزيع بعض النشرات والمطويات باللغات المختلفة بعد ذلك ذكر فضيلته بعض الأماكن التي يقوم الحجاج بزيارتها واحداث بعض البدع فيها مثل: 1- (جبل النور) لوجود غار حراء في أعلى الجبل ويصعد الحجاج إليه للتبرك والقيام بأفعال وأعمال بدعية. 2- (جبل ثور) لوجود غار ثور حيث يتجمهر الحجاج بأعداد كبيرة ويقومون بأدعية وأمور مخالفة للشرع ظناً منهم أن ذلك من شعائر الحج. 3- (الجعرانة) وهي ضاحية تبعد عن مكة وفيها مسجد يقوم بزيارته فئة معينة من الحجاج. 4- (المولد) مكان موجود بالقرب من المسجد الحرام ويعتبرونه موضع مولد النبي صلى الله عليه وسلم ولزاماً زيارته والتبرك به والقيام بأمور شركية بدعية. 5- (جبل عرفة) لوجوده في هذا الصعيد الطيب ووجود شاخص في أعلاه حيث يصعد الحجاج إلى أعلى الجبل يقومون بالدعاء فيه والتبرك والقيام بأعمال بدعية وقيام بعض الحجاج بتقبيل وضم نسائهم في هذا المكان وأخذ الصور التذكارية حيث يعتقدون بأن آدم عليه السلام تعرّف على زوجته في هذا الموضع. 6- مقبرة المعلاة وهي من مقابر المسلمين وقريبة من الحرم وتظهر بها البدع من بعض الحجاج مثل ذر الحبوب للحمام ورش المقابر بالماء. وأكد فضيلته على خطورة هذه الممارسات وقال: فجميع هذه الأماكن المذكورة يقوم الحجاج بالتمسح بها وأخذ أحجار منها والتصوير عندها وكتابة ذكرياتهم وأسمائهم وأسماء من أوصاهم، ورمي التمائم عندها لأقاربهم والتبرك واعتقادهم بأن من لم يزر هذه الأماكن فإن حجة ناقص وهو اعتقاد غير صحيح. منكرات المدينة وحول المنكرات البدعية التي تقع في أماكن من المدينة يذكر بعضها فضيلة مدير عام فرع الرئاسة بالمدينة الشيخ محمد الدعجان بقوله إن الواقع المشاهد لزوار المدينة يبرز عددا من المخالفات والمنكرات التي قد تقع من بعضهم بسبب اعتقاد فاسد ومذهب ضال، أو على سبيل التقليد والجهل. ومن أبرز تلك المنكرات والبدع التي تقع بالمدينةالمنورة ما يشاهد من بعضهم أثناء زيارة مقبرة البقيع من استغاثات بالأموات وتوسل غير مشروع بأصحاب القبور، واعتقاد نفعهم لمن استشفع بهم وطلب إقالة العثرات والشفاعة منهم، كما أكد على تكرر هذه المخالفات والمنكرات عند مقبرة الشهداء حيث تظهر بعض البدع المخالفة من استغاثات وتوسلات بدعية وشركية تضر صاحبها ولا تنفعه، وقد يتعمد البعض منهم أخذ تربة من البقيع والشهداء وغيرها من المواقع طلباً للبركة والاستشفاء، ومما يقع من المخالفات حرص بعض الزوار على زيارة مواقع لا تشرع زيارتها، ولا يثبت فضيلة الصلاة فيها مثل منطقة ما يسمى بالمساجد السبعة ومسجد القبلتين وغيرها من المواقع التي تقصد للبركة كما في موقع تربة شفاء ومشربة أم ابراهيم، علما بأنه يلاحظ قيام البعض بالتمسح بجدران المسجد النبوي والمنبر والمحراب طلبا للبركة، وربما صدر من بعضهم طلب قضاء الحوائج وتحقيق الأمنيات والرغبات من رسول الله صلى الله عليه وسلم. أسباب وبدع ويجمل أسباب هذه البدع والمحدثات فضيلة رئيس هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر بمحافظة الزلفي الشيخ عبدالله بن أحمد السلمان بعدة أسباب هي: أولاً: ضعف الوازع الديني والجهل وعدم السؤال فلابد من التفقه والسؤال عما يشكل حتى لايقع الناس في البدعة وقد يقتدي به من لا علم له فيحمل وزره ووزر من تبعه. ثانياً: اتباع الهوى وعدم اتباع الدليل والبحث عن الحق قال الحسن رضي الله عنه لا تمكن أذنيك من صاحب هوى فيمرض قلبك. ثالثاً: التعلق بالشبهات التي يزينها الشيطان حتى يفسد على العبد عبادته ويعلق قلبه بها ويحسن صورتها في عينه. رابعاً: الاعتماد على العقل المجرد وتعطيل الدليل وفعل النبي صلى الله عليه وسلم وقوله: ( كل أمر ليس عليه أمرنا فهو رد)، وتركه ما اجتمعت عليه الأمة وهي التي لا تجمع على ضلاله وتقديم عقله وما يمليه على أمر الله ورسوله. خامساً: اجتماع فئات البشر في صعيد واحد والتقاء بعضهم ببعض وكثرة الوفود فكل يأتي ببدعته ويلقيها وجهله وينشره حتى تزداد ويولد بعضها ببعض وعدم قناعة البعض منهم بما يوجه به ويرى أنه هو الذي على الصواب. سادساً: الحاجة الملحة إلى زيادة التوعية في الحج وتنويع أساليبها وطرقها ومع ما يوجد من التوعية إلا أنها لا تفي أمام الكم الهائل من الحجاج. سابعاً: الاعتماد على الأحاديث الضعيفة والموضوعة والقول على الله بغير علم وتولي الفتوى من ليس أهل لها. ثامناً: عدم التقيد بفهم السلف الصالح وتفسيرهم للقرآن وتبيينهم للسنة وفعل النبي صلى الله عليه وسلم. تاسعاً: التقليد الأعمى والتعلق بالأشخاص وبأفعالهم واعتقاد أن ذلك هو الصحيح. عاشراً: وجود ما يدعو إلى البدعة مثل الباعة الذين يتواجدون في بعض الأماكن التي يرتادها الحجاج وليس مشروع زيادتها وتصوير بعض المواقع وبيع هذه الصور ومناداة أصحاب سيارات الأجرة إلى بعض المواقع البدعية زيارتها. علاج الظاهرة من جانبه أكد فضيلة مدير عام فرع الرئاسة بمنطقة نجران المكلف الشيخ تركي بن نادر الدوسري على أهمية علاج هذا الأمر حيث يقول:أرى أن من العلاج الدعوة إلى الله بالحكمة والموعظة الحسنة والمجادلة بالتي هي أحسن لأن المبتدع لايمكن ان يغير من حاله خلال فترة الحج فقط إلا بعد جهد من الدعاة كما نذكرهم بحديث عائشة رضي الله عنها المتفق عليه قوله عليه الصلاة والسلام «من أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو رد - وفي رواية من عمل عملاً ليس عليه أمرنا فهو رد». ونذكرهم أن من محبة الرسول صلى الله عليه وسلم طاعته قال تعالى: {قٍلً إن كٍنتٍمً تٍحٌبٍَونّ اللَّهّ فّاتَّبٌعٍونٌي يٍحًبٌبًكٍمٍ اللَّهٍ} [آل عمران: 31].كما نذكرهم بأن البدعة لا يقتصر إثمها على من فعلها فقط بل يمتد إلى الأجيال القادمة من بعده ومن دل على بدعة فإثمها عليه وعلى من عمل بها إلى يوم القيامة. جهود توعوية وحول الجهود المبذولة من رجال الهيئة تجاه هذه البدع والمحدثات يذكر فضيلة مدير إدارة التوعية والتوجيه بمنطقة مكةالمكرمة الشيخ علي العبيد أن رجال الهيئة يقومون بمناصحة الحجاج وبيان الأمر لهم بالتي هي أحسن كما يتم توزيع النشرات التي تتحدث عن البدع بلغات أجنبية كما أنه تم التعاقد مع (37) مترجماً باللغات التالية: (البنغالية، الانجليزية، الفارسية، الأوردو، الأزبيكة، التركية، السيرلانكية، التأملية، الاندونيسية، والهوسا، والسواحلية، وغيرها) وقد تم اختيارهم بالتعاون مع الجهات التالية: (معهد اللغة العربية لغير الناطقين بها بجامعة أم القرى، دار الحديث المكي، دار الحديث الخيرية، رابطة العالم الإسلامي) بعد أجراء المقابلة الشخصية للمتقدمين. علاوة على توزيع الكتيبات بكميات كبيرة من الكتيبات والمطويات والأشرطة مثل: المطويات (ومنها، فتاوى نسائية لمن أراد الحج، صفة حجة النبي صلى الله عليه وسلم، فضل أيام العشر من ذي الحجة، من فتاوى الحج). والأشرطة ومنها (صفة حجة النبي صلى الله عليه وسلم، الحج فضله وأحكامه). والكتيبات ومنها: (حقائب دعوية بلغات مختلفة بعنوان «العقيدة أولاً»، الحج المبرور، صفة حجة النبي صلى الله عليه وسلم، التحقيق والإيضاح للشيخ عبدالعزيز بن باز).كما أكد فضيلة مدير إدارة التوعية والتوجيه بالمدينةالمنورة الشيخ رباح السلامة على الدور الذي تقوم به الرئاسة في مواجهة هذه البدع حيث قال نظراً لكون أغلب الزوار لاسيما خلال فترة موسم الحج من الناطقين بغير العربية. لذا فقد تم الإعداد لتنفيذ برنامج التوعية السنوية للمترجمين حيث يتم التعاقد مع أكثر من (80) مترجماً سنوياً من طلاب العلم بالجامعة الإسلامية بمختلف اللغات ويتم توزيعهم على المواقع المختلفة حسب كثافة العمل لايصال رسالة التوعية والتوجيه لبني جلدتهم وممن يتكلمون بلغتهم إضافة إلى توفير الكميات المتاحة من الكتيبات والنشرات والأشرطة بمختلف اللغات أيضاً والتي تتضمن شرح العقيدة الصحيحة والتحذير من مخالفتها، ومن الابتداع في دين الله، ويختص جزء منها بتبسيط مناسك الحج والعمرة والزيارة وتقدر كميات المواد التوجيهية التي يتم توزيعها سنوياً فقط في موسم الحج بأكثر من (000.700) نسخة بمختلف اللغات بالتنسيق مع الدوائر المعينة وبالتعاون مع الهيئة الخيرية للعناية بالزيارة. ويقوم الأعضاء العاملون بتلك المواقع بالإشراف على تنفيذ البرنامج التوجيهي ومتابعة المخالفات والقضايا التي قد تستوجب القبض والرفع عنها للجهة المختصة وتقديم النصح والتوجيه لإخوانهم الزوار. (*) إدارة العلاقات العامة والإعلام بالرئاسة العامة لهيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر.