في حلقة اليوم نستعرض تاريخ إمارة سدوس ونشأة القضاء وأبرز القضاة، كما نتطرق بالحديث لبداية التعليم والصحة، ونستعرض أشهر المساجد القديمة في سدوس. حلقات يعدها: سعود الشيباني 5/5 مركز سدوس «الإمارة» قبل وأثناء وبعد صدر الإسلام كانت القرية «سدوس» بلدة مكتظة بالسكان، ولا شك انه كان لها رئيس بيده الحل والربط واستمر الحال على ذلك إلى ان هجر بلد سدوس تماماً بعد القرن السابع الهجري وخرب ثم اعيد إعماره مرة أخرى بعد عام 850ه وسكنه بعض السكان، وهم عدد من المزارعين يقومون بزراعة أرضه، وكان تابع في جميع شؤونه للعيينة، ثم بعد قيام الدولة السعودية تبع بلد سدوس إدارياً للدرعية وفي عام 1233ه انتقل بعض آل معمر من الدرعية بعد سقوطها إلى مزارعهم وأملاكهم في سدوس، كما انتقل سكان آخرون من الدرعية والعيينة بعد خرابها إلى سدوس، وأصبح للبلد أمير معروف، وأمكن بعد ذلك عمل تسلسل لأمراء سدوس منذ ذلك الحين وهم (حسبما ورد في كتاب «سدوس عبر الماضي والحاضر»): 1 - عبدالله بن إبراهيم بن مشاري بن إبراهيم بن معمر. كان أميراً للبلدة منذ عام 1233ه وحتى وفاته غير المعروفة التاريخ، وهناك كتابات ومراسلات منه آخرها عام 1275ه. 2 - محمد بن عبدالله بن إبراهيم بن معمر. خلف محمد والده عبدالله على إمارة سدوس، واستمر أميراً لها حتى وفاته عام 1305ه، وأثناء زيارة «لويس بلي» بلد سدوس عام 1281ه كان محمد أميراً لها. 3 - سعد بن محمد بن عبدالله بن معمر تولى إمارة سدوس بعد وفاة والده عام 1305ه واستمر أميراً لها حتى وفاته رحمه الله عام 1324ه، وعندما فتح الإمام عبدالعزيز الرياض عام 1319ه وفد عليه أهالي سدوس برئاسة أميره سعد وبايعوه. 4 - عبدالله بن محمد بن عبدالله بن معمر خلف أخاه سعداً في إمارة سدوس وبقي أميراً لها حتى اعتذاره عنها عام 1327ه لانشغاله بمرافقة الملك عبدالعزيز أثناء توحيد المملكة، وتوفي رحمه الله عام 1359ه. 5 - مشاري بن عبدالرحمن بن عبدالله بن معمر. أصبح مشاري أميراً لسدوس منذ عام 1327ه وحتى عام 1343ه حيث اعتذر عنها لكبر سنه وتوفي رحمه الله عام 1358ه. 6 - عبدالرحمن بن إبراهيم بن عبدالله بن معمر «أبو سعود». أصبح عبدالرحمن أميراً لسدوس ثلاث فترات متقطعة أولها عام 1347ه حتى عام 1352ه ثم الفترة الثانية منذ عام 1353ه حتى عام 1358ه والثالثة منذ عام 1363ه حتى وفاته رحمه الله في 12/12/1371ه. وكان كل مرة يعتذر عن إمارة البلد ثم يعاد تعيينه مرة أخرى، لكفاءته وثقة المسؤولين فيه. 7 - إبراهيم بن مشاري بن فيصل بن معمر تولى إمارة سدوس عام 1352ه واستمر أميراً لها عدة أشهر ثم اعتذر عنها، وتوفي رحمه الله عام 1371ه. 8 - محمد بن عبدالله بن محمد بن عبدالله بن معمر تولى محمد إمارة سدوس عام 1358ه حتى عام 1363ه حيث اعتذر عنها وعيِّن بعد فترة أميراً للعيينة وتوفي رحمه الله عام 1375ه. 9 - عبدالرحمن بن سعد بن محمد بن عبدالله بن معمر. تولى عبدالرحمن إمارة سدوس بعد وفاة الأمير عبدالرحمن آخر عام 1371ه وبقي أميراً لها حتى وفاته رحمه الله في 13/8/1390ه، وأثناء إمارته عام 1374ه زار الملك سعود سدوس، وأقيم له حفل كبير بهذه المناسبة أشرف عليه أمير سدوس. 10 - محمد بن عبدالعزيز بن محمد بن فيصل بن معمر كان محمد أميراً لحزوى وبعد وفاة أمير سدوس عبدالرحمن بن سعد بن معمر كلف محمد بعمل إمارة سدوس إضافة إلى عمله لمدة عام تقريباً من عام 1390ه حتى تم تعيينه أميرا لها في 1/7/1391ه. 11 - عبدالرحمن بن إبراهيم بن مشاري بن معمر عين أميراً لسدوس في 1/7/1391ه وبقي أميراً لها حتى عام 1412ه حيث نقل أميراً للدلم وتوفي رحمه الله عام 1415ه. 12 - سعد بن عبدالله بن إبراهيم بن معمر عين سعد رئيساً لمركز سدوس منذ عام 1412ه ولا يزال حتى تاريخه. التعليم كان التعليم يتم في المسجد، ثم قام الأمير عبدالرحمن بن إبراهيم بن عبدالله بن معمر ببناء مدرسة في سدوس على نفقته الخاصة أمام بوابة حي البلاد بجانب بئر موافقة عام 1355ه تقريباً عبارة عن غرفة كبيرة يتلقى فيها الطلاب التعليم الأولي قراءة القرآن وحفظ بعض سوره. ولم يهمل أهل البلد تعليم الفتاة حيث يتلقين التعليم الأولي قراءة القرآن وحفظ سور منه وتعلم الكتابة. وأشهر المعلمات في سدوس المعلمة موضي المنصور المتوفاة عام 1340ه وخلفتها المعلمة نور الحميدي والمعلمة هيا المرشود. وكان الأطفال يتعلمون مقابل مبلغ مالي، وكثيراً ما كان يُعطى المطوع مواد غذائية عوضاً عن المبالغ المالية كالبر والتمر وعندما يختم الطفل القرآن الكريم أي «يستكمل قراءة المصحف كاملاً» ويحفظ قصار السور أو جزء عم كاملاً يعمل له حفل يسمى «الختمة» حيث ينطلق الأطفال من المسجد، ويحمل أحد الأشخاص الطفل فوق العنق وهو ينشد: «خاتمين، خاتمين، ويردد الأطفال خلفه: جزء عمّ والثلاثين». ويكررها الطفل وراءه وهو يدخل به بيوت أقاربه في البلد ويطوف شوارعها، وفي النهاية يصلون إلى بيت الطفل الذي ختم القران، حيث يتناولون الطعام ويسمى «الختمة» وعادة ما يكون الطعام المقدم هو الجريش في حفل بهيج حيث يهنئ الأهالي والد الطفل المحتفى به. التعليم النظامي 1 - تعليم البنين في عهد الملك عبدالعزيز افتتحت أول مدرسة ابتدائية في سدوس وبالتحديد عام 1369ه وكان مدير التعليم بنجد الشيخ حمد الجاسر هو الذي افتتحها ذلك العام، وبافتتاحها بدأ التعليم النظامي الذي ترعاه الدولة وانتهى دور معلمي الصبية، وكان موقع المدرسة في حي البلاد المكتظ ذلك العام بالسكان، واختير منزل عبدالرحمن بن عبدالعزيز بن معمر مكاناً للمدرسة وأول مدير عين لمدرسة سدوس هو عبدالعزيز بن دعيج، وانتقلت المدرسة إلى حي المنارة في منزل عبدالرحمن بن سعد بن معمر وفي 10/2/1405ه انتقلت إلى مبنى حكومي شيِّد من الخرسانة المسلحة أقيم في الحي الجديد حي المرقب. 2 -تعليم البنات: افتتحت مدرسة سدوس الابتدائية للبنات عام 1387ه ثم انشئ مبنى حكومي للمدرسة في حي المرقب عام 1407ه. الصحة ورغم قلة الإمكانات فيما مضى فإن سدوس كان بها بعض الأشخاص الذين يقومون بعلاج السكان من بعض الأمراض بالأعشاب والطب الشعبي وذلك قبل انتشار الوعي الصحي. وأشهر من كان يمارس العلاج في سدوس هم: محمد بن مسعود «بن مسيعيد» ولد عام 1313ه وتوفي عام 1412ه، سعد بن سالمين، رشيد الجحيفي. كما كان للنساء طبيبات يعالجن أمراضهن، وكانت «مهيرة» أشهر من عالجت النساء في سدوس، وكان بعض المعالجين من بادية وحاضرة يطوفون البلدان ويقدمون خدماتهم للمرضى. وفي العهد الزاهر قدمت الدولة الخدمات الصحية المتقدمة إلى مدن وقرى المملكة كافة، وكان لسدوس نصيب وافر منها، فافتتح فيها مستوصف في حي المنارة عام 1385ه. وكان أهالي سدوس يشدون الرحال لقضاة حريملاء وملهم أو قضاة مدينة الرياض، وأشهر القضاة الذين وجدت لهم أحكام في بعض القضايا هم: 1 - الشيخ عبداللطيف بن عبدالرحمن آل الشيخ في الرياض. 2 -الشيخ عبدالله عبداللطيف بن عبدالرحمن آل الشيخ في ملهم. 3 -الشيخ عبدالعزيز بن حسن في ملهم. 4 - الشيخ عبدالرحمن بن سعد بن حسن في ملهم. 5 - الشيخ إبراهيم بن سليمان آل مبارك في حريملاء. 6 -الشيخ عبدالله بن حمد بن عبدالله الحجازي «العيسى». وكان الشيخ عبدالله الحجازي قد طلب العلم في الشعيب والرياض ورحل للحجاز وطلب العلم هناك، وأشهر من قرأ عليهم الشيخ محمد بن محمود والشيخ عبدالله الخريجي وغيرهم، ولما بلغ من العلم المبلغ الكبير أصبح قاضياً لبلدان شعيب ومنها سدوس وكان يقيم فيها يومين من كل أسبوع وتوفي سنة 1347ه. 7 - الشيخ محمد بن عبدالرحمن بن محمد بن عبّاد: ولد في حريملاء عام 1331ه وتربى تربية كريمة فنشأ نشأة حسنة، وقرأ القرآن وحفظه تجويداً ثم حفظه عن ظهر قلب، وكان أبوه رجلاً صالحاً من حملة القرآن فكان يدارسه ويحثه على طلب العلم والمثابرة عليه فشرع في طلب العلم بهمة ونشاط ومثابرة على الطلب فقرأ على علماء بلده، ومن أبرز مشايخه قاضي حريملاء عبدالرحمن بن سعد بن عبدالعزيز بن حسن، وإبراهيم بن سليمان آل مبارك، ولازمهم سنين في أصول الدين وفروعه، ثم رحل إلى المجمعة للتزود من العلم، فقرأ على علمائها ولازم قاضيها العلامة الشيخ عبدالله العنقري في أصول الدين وفروعه وفي الحديث والفرائض والتفسير وعلوم العربية، ثم سمت همته للتزود من العلم فرحل إلى الرياض، فلازم علماءها ومن أبرز مشايخه فيها الشيخ محمد بن إبراهيم، واخوه عبداللطيف بن إبراهيم آل الشيخ، وقرأ عليهم وعلى غيرهم من علماء الرياض أصول الدين وفروعه والحديث وعلوم العربية وحج البيت الحرام فجاور بعد الحج في مكة لطلب العلم، فقرأ على علماء المسجد الحرام في الحديث وعلوم العربية، وكان نبيهاً قوي الحفظ سريع الفهم واسع الاطلاع في الفقه. مساجد سدوس حتى عام 1305ه لم يكن في سدوس إلا مسجد واحد هو مسجد البلاد، وبعد انتشار التجمعات السكانية خارج حي البلاد انشئ في كل مجمع سكاني مسجد ومن تلك المساجد: * مسجد البلاد: أنشئ هذا المسجد أثناء عمارة حي البلاد الذي عمر قبل 600 عام تقريباً، وظل هو المسجد الوحيد في سدوس حتى عام 1305ه. * مسجد حي الرأس: أنشئ مسجد الرأس أثناء إنشاء الحي عام 1305ه على نفقة الأمير مشاري بن عبدالرحمن بن عبدالله بن معمر، والمسجد مكون من خلوة ودور ثانٍ وسطح المسجد. * مسجد حي جدة: أنشئ المسجد أثناء إنشاء حي جدة عام 1343ه وساهمت الأميرة الجوهرة بنت الإمام فيصل بن تركي، والأمير مشاري بن عبدالرحمن بن عبدالله بن معمر في تكاليف إنشائه. * مسجد حي المنارة: تم إنشاء المسجد عام 1356ه على نفقة فاعل خير. * مسجد مصدة: تم إنشاء المسجد مع إنشاء حي مصدة عام 1350ه، والحي الآن مهجور تماماً. * مسجد الشيخ محمد بن حمد بن معمر: هو أول مسجد أنشئ باستخدام الخرسانة المسلحة في سدوس شُيد عام 1401ه. * مسجد حي المرقب: شُيد المسجد عام 1406ه في الحي الجديد المسمى بحي المرقب. * مسجد رميلان: أنشئ مسجد رميلان عام 1402ه على مجرى شعيب رميلان. * مسجد العيد: يقع مسجد العيد في سدوس خارج مباني ومزارع سدوس على الضفة الجنوبية لشعيب رميلان، ومع التوسع الزراعي والعمراني أصبح الآن داخل البلد، وهو ثاني أقدم مسجد في سدوس بعد مسجد البلاد. في الختام ننوه بأن مرجع هذه الحلقات كتاب «سدوس عبر الماضي والحاضر» لمؤلفه الأستاذ عبدالمحسن بن محمد بن معمر وهو من الكتب القيمة.