عانى الوف من الإيرانيين ممن شردهم الزلزال البرد القارص في الساعات الاولى من صباح امس الاربعاء بعد خامس ليلة من مقتل ما قد يصل إلى 50 ألف شخص في واحدة من اسوأ الكوارث الطبيعية في عقود، بل ان بعض الاطفال الذين نجوا من الزلزال قتلهم البرد الشديد وتدفقت المعونات الإنسانية على إيران فيما بدأت فرق الانقاذ الاجنبية في العودة إلى بلادها بعد ان قررت انه لا يمكن ان يكون احد ما زال على قيد الحياة تحت انقاض المباني المدمرة في مدينة بام التي ضربها الزلزال في جنوب شرق إيران. وتعهدات عشرات من الدول بتقديم معونات تصل قيمتها إلى حوالي 500 مليون دولار. وقدمت واشنطن التي قطعت العلاقات مع طهران بعد وقت قصير من قيام الثورة الإسلامية في إيران عام 1979 فريقا من 84 خبيرا في الانقاذ وطائرات محملة بالامدادات الطبية والمواد الإنسانية. ورحب الرئيس الإيراني محمد خاتمي بالمعونة الأمريكية لكنه أصر على انها لن تغير العلاقات بين البلدين، وقال خاتمي يوم الثلاثاء «هذا ليس له علاقة بالقضايا السياسية، المشكلات في العلاقات الإيرانيةالأمريكية تضرب بجذورها في التاريخ». وقال مسؤول أمريكي كبير ان الرئيس جورج بوش يدرس فتح حوار مع طهران لكنه يريد ان يرى أولا بوادر من إيران، وبلغ عدد الجثث التي تم اخراجها من الانقاض منذ الزلزال الذي وقع قبل فجر يوم الجمعة حوالي 30 الف جثة، ودمر الزلزال مدينة بام الاثرية التي تقع على طريق الحرير القديم على مبعدة حوالي ألف كيلو متر جنوب شرقي طهران، لكن مسؤولين حكوميين قالوا ان المحصلة النهائية للقتلى قد تقفز إلى 50 ألفا. ومن شأن ذلك ان يجعله اسوأ زلزال من حيث عدد القتلى منذ الزلزال الذي وقع في الصين في عام 1976 وقتل ما لا يقل عن خمسة اضعاف هذا العدد، وقال موظفو اغاثة بالامم المتحدة ان حوالي 90 في المائة من المباني في بام دمرت او اصيبت باضرار، وقتل الزلزال اسرا بأكملها وهم نيام، ومع دفن الوف من القتلى في مقابر جماعية حول بام غادر كثير من الناجين البلدة حاملين ما استطاعوا انقاذه من متعلقاتهم في شاحنات صغيرة مكشوفة او سيارات الاجرة، وقال سكان ان بعض الاطفال الذين نجوا من الزلزال توفوا بسبب البرد الشديد في الليالي التالية. وقالت سيدة في منتصف العمر «نجا طفلان من اسرتي... من الزلزال الا انهما توفيا من البرد اثناء وجودهما في الشارع ليل الجمعة» وتنبأت تقارير للارصاد الجوية بان درجات الحرارة اثناء الليل ستتراوح حول درجتين مئويتين، وقالت فاريبا بارامي (30 عاما) وهي تقف خارج خيمة قرب منزلها المدمر«الجو شديد البرودة وليس لدينا اي ادوات للطهي.. فقط خبز واغذية معلبة» وبعد ان قضت ليلتين تحت بطانية في العراء انتقلت هي وزوجها واطفالها الثلاثة إلى خيمة قدمها الهلال الاحمر. وعبر رضا اسكندري (62 عاما) الذي فقد ابنيه في الزلزال عن شكوى عامة من ان المعونات تذهب إلى من لا يستحقونها، وقال «هذه المعونات شيء جيد جدا لكن التوزيع سيئ وكثيرون من الغرباء من بلدات اخرى يحضرون ويأخذونها» وناشد وزير الخارجية الإيراني كمال خرازي الدول المانحة ارسال مساكن مؤقتة سابقة التجهيز ليقيم فيها الناجون، وقال خرازي «الآن وقد اوشك حالة الطوارئ على الانتهاء.. القضية الآن هي توفير المأوى للناس» وقال خاتمي إن حكومته ستعيد بناء بام لكن سيتعين اولا اجراء دراسات جيولوجية لتحديد المناطق الاكثر ملاءمة للبناء. وخصصت الحكومة 410 ملايين دولار لمسعى إعادة البناء. واضاف خاتمي قائلا «من الآن فصاعدا يجب ان نتحث عن الحياة.. عن مستقبل بام..يجب ان يعاد بناء بام لتصبح اكثر قوة مما كانت عليه من قبل».