السلام عليكم ورحمة الله وبركاته,, وبعد: يتهادى العمر ناكصا وتخطو السنين مثقلة وتدور الاسابيع وتمر الايام وتمضي الساعات والأم تعد الساعات لترى فلذة كبدها وقد نما وترعرع واصبح رجلا يانعاً انها تتطلع بأمل مشرق لترى تلك النبتة العظيمة تثمر عطاء وتزهر حبا,, ولكن ماذا لو رأت تلك النبتة وقد عصف بها عاصف من العقوق ونكران الجميل؟,, حتما سيتمزق قلبها وسيحترق بل ستتمنى انها لم تنجب ولم ترب ولم تسهر وتتعب,, لقد كتبت تلك المقالة عند قراءتي للمقالة المنشورة في جريدتنا الغراء )الجزيرة( وتحت عنوان )صور من عقوق الوالدين( حينها لم يسعفني البنان ولا البيان للحديث فقد ازداد وهج النار داخلي وطفقت أتذكر قول الحق سبحانه وتعالى )ولا تقل لهما اف ولاتنهرهما وقل لهما قولا كريما واخفض لهما جناح الذل من الرحمة وقل رب ارحمهما كما ربياني صغيرا( واقارن بين هذه الآية وبين هذه الظاهرة التي بدأت في التفشي والتغلغل بشكل واضح في مجتمعنا, ان ظاهرة عقوق الوالدين بدأت تظهر على الكثير من الأبناء والبنات وتناسى الجميع ان الوالدين سبب وجودنا في الحياة بعد ارادة الله وسبب سعادتنا بمشيئة الله فالبعض اصبح شتم والديه لديه عادة والبعض لا يسمع كلامهما البتة والبعض الآخر بدأ بالتطاول عليهما باللسان وقد تصل الى رفع اليد ولا حول ولا قوة الا بالله كما ورد في المقالة لقد انقلبت الموازين وتغيرت المفاهيم فأصبح الوالدان يخافان من الأبناء بعد ان كانا سابقا لهما الهيبة ولهما الكلمة الاولى والأخيرة داخل الاسرة, ألهذه الدرجة تغير الزمن ام تغير من يعيش في هذا الزمن؟ وهل يعقل ان ينسى حقوق من اثقلت كاهلها تربيته ومن سكبت دموعها على وجنيتها في جوف الليل من اجل صغيرها ومن سكن الجرح نفسها ولم يندمل من اجل ابنها او ابنتها؟, آه ثم آه لهذه الدرة النفيسة كم اخذنا من بحر عطائها ولم تأبه وكم نظرة عاقة صافحت ملامح وجهها فعفت عن ذلك وكم اف رنت في مسامعها فواجهتها بابتسامة,, وكم صوت عال قد علا على صوتها فقابلته بطيب خاطر ولم تحمل في قلبها من ذلك شيئاً بل وكأن شيئا لم يكن, آه,, هل في الوجود بعد الله من يستحق منا حبا وتعظيما مثلها؟, لا وربي,, انها الوحيدة التي اوصى بها نبي الهدى عليه السلام في حديث ثلاث مرات دون غيرها )امك ثم امك ثم امك(, وهي التي حرم الله عقوقها في حديث المصطفى عليه السلام ان الله تعالى حرم عليكم عقوق الامهات,,, الخ,هذا هو ديننا الحنيف الذي يحرص على كل ما يصلح الفرد والمجتمع ويقوي اواصر المحبة والالفة وذلك من خلال توجيهاته السامية التي نزل بها القرآن الكريم وحدثتنا بها السنة المطهرة, وبعد: اليك يا من اصبح العقوق ديدنك تلك الكلمات خططتها بحبر دقاق وقلب حقاق نصيحة من محب,, علها تؤتي ثمارها, اقبل على والديك بانكسار وتواضع لهما واخفض الجناح لهما وقبل يديهما واعتذر عن تقصيرك عنهما وتأكد ان الكلمة الطيبة صدقة للعاق من الناس فما بالك لاقرب الناس اليك, فكم مرة ازاح شهد الكلمة الطيبة غيوم الأسى من قلبيهما فكن هكذا حتى تسعد دنيا وآخره وتذكر ان دعاءهما لك فيه الخير الكثير والنفع العميم ْ واعلم ان ما زرعت ستحصده قريبا في ابنائك )فكما تدين تدان(, وأخيرا: آمل ان تلامس هذه الكلمات شغاف قلب كل عاق لوالديه ليجد صداها في نفسه فيراجع نفسه ويحاسبها فباب التوبة مفتوح وصدق الحق تبارك وتعالى )قل يا عبادي الذين اسرفوا على انفسهم لا تقنطوا من رحمة الله ان الله يغفر الذنوب جميعا(, وفي الختام أقفي بقولي: )اللهم سخر لكلمة الحق منا من يسمعها ويفهمها ويؤمن بها(, اللهم اجعل منا ابناء صالحين ْ غير عاقين ولا جاحدين وجنبنا مزالق الشياطين واغفر لنا ولوالدينا وللمسلمين آمن يا رب العالمين, وللعْْْزيزة الجزيرة خالص التحية, طيف أحمد الوشم ْ ثرمداء