رجل الأمن الشامل,, الذي يزداد إعجابي به يوماً بعد يوم!! عشرات الوجوه من هؤلاء المخلصين تلمحها صباحاً وأنت ذاهب إلى عملك!لم اشاهد أحدهم يوماً يغيب عن مسؤوليته، أو يتأخر عن الحضور، يسابقون طلاب المدارس والموظفين لاحتلال مواقعهم على جنبات الطريق!لم تنتقل لهم عدوى التأخر والغياب هذا الداء الذي يصيب بعض الموظفين، ولا تجد التأخر والاعذار المتكررة للهروب من المسؤولية!ورغم كل هذا ومع الجهود المخلصة التي يقوم بها هؤلاء صباحاً ومساء فإنهم يبدؤون من الغد بنشاط جديد لمعالجة الوضع المروري المتأزم وخاصة في بعض الشوارع الهامة مثل :كوبري الخليج، وطريق الملك فهد والطريق الدائري الشرقي في مدينة الرياض وذلك على سبيل المثال لا الحصر!فالموظف الذي يسكن في حي الروضة يمضي اكثر من نصف ساعة او تزيد في الوصول إلى عمله صباحاً بسبب الزحام الشديد، وبعض الطلبة قد يتأخرون عن مدارسهم للسبب نفسه، ومن يأتي من جنوبالرياض أو غربه من خلال طريق الملك فهد أو يأتي عن طريق مخرج )14( أو )15( في الدائري الشرقي فلن يكون اسعد حظاً في الوصول إلى عمله مبكراً!هذه شواهد على بعض المصاعب التي يواجهها قائدو السيارات من خلال تلك الطرق الرئيسية وقد يقول قائل: ان هذه الطرق قد نفذت بواسطة افضل المواصفات والقياسات العالمية، الا ان الكم الهائل من السيارات قد يكون السبب!!ولو أخذنا بهذه المقولة لما وجدنا سيارة واحدة تسير في شوارع بيروت من شدة الازدحام، خاصة وان هناك احصائية توضح أن في لبنان اكثر من المليون ونصف المليون سيارة، رغم ان مساحة بيروت وشوارعها لا تماثل شوارع الرياض أو جدة أو الدمام الفسيحة فلماذا لا نجد الازدحام هناك كما نشاهده في الرياض؟!القضية ياسادة ليست قضية اعداد سيارات بل يرتبط ذلك بعدة جوانب وعوامل تؤدي الى هذا الازدحام الملحوظ!وقد يقول قائل آخر: ان سبب هذا الازدحام هو عدم تطبيق قائدي السيارات للقواعد المرورية، فترى قائد السيارة يقف في أقصى اليمين ومن ثم يتحول فجأة بعد ان تفتح الاشارة المرورية إلى اقصى اليسار معيقاً بذلك حركة السير!وترى سائقاً آخر يرتكب مخالفة مرورية قد تؤدي الى حادث مفجع لا سمح الله كالسرعة، وقطع الاشارة، والوقوف المزدوج وعدم مراعاة قواعد السلامة!فهل نحن حقاً هكذا؟ ولماذا عندما يقود احدنا سيارته في مسقط أو المنامة أو ابو ظبي تراه يطبق قواعد المرور بحذافيرها؟ هل لأن المرور هناك أكثر صرامة؟!المسألة ياسادة ليست مسألة صرامة اومخالفات فالامر يتعدى ذلك بكثير وأعتقد ان المرور لدينا الامن الشامل بريء من ذلك براءة الذئب من دم سيدنا يوسف لعدة اسباب منها:أولاً: التخطيط المروري للمدن الرئيسية لدينا يحتاج الى كثير من المراجعة فمهندسو وزارة الشؤون البلدية والقروية او حتى وزارة المواصلات عندما خططوا شوارع الاحياء السكنية لم يراعوا العديد من الجوانب الهامة، فجاءت الاحياء مفتوحة لكل عابر سبيل، فلا تكاد تخرج من تقاطع حتى تدخل تقاطعاً آخر ومن يرغب ان يذهب الى حي آخر ليس عليه ان يسلك طريقاً رئيسية فشوارع اي حي في مدينة الرياض توصلك الى اقصى حي في الرياض!!هذا الاسلوب في التخطيط غير موجود في الدول الاخرى لا اقول الدول الاوروبية او امريكا والتي سبقتنا في ذلك بمئات السنين بل في دول خليجية مجاورة .ثانياً: وزارة المواصلات ايضاً تتحمل جزءاً من المسؤولية في الوضع المروري لدينا وخاصة ما يتعلق بالطرق الرئيسية والكباري والانفاق, فجسر الخليج في تصميمه تحفة جمالية رائعة، ولكنه لم يؤد الغرض بالشكل المطلوب فبقي مزدحماً على الدوام حتى في اوقات غير اوقات الذروة، لأنه ارتفع عن الارض لمسافة تزيد على ثلاثة كيلومترات لفك اختناق شارع المطار وشارع الستين والاحساء فقط، ولو رغبت ان تذهب مثلاً إلى شارع الاحساء فعليك ان تسير بمحاذاة الجسر من الاسفل لعدم وجود تحويلة الى هذا الشارع، وهذا ينطبق أيضاً على شارع النهضة!!مخرج )14( ومخرج )15( على الدائري الشرقي كلفا ملايين الريالات ونفذا باشراف مهندسي وزارة المواصلات او حتى وزارة الشؤون البلدية والقروية أو اي ادارة حكومية اخرى لا اعرف بالتحديد فهل يعقل ألا تنفذ هذه الانفاق بالشكل المطلوب؟ان عدم التنفيذ السليم لهذه الانفاق وأنفاق غيرها مثل )16( و )17(,, الخ يستنفذ الكثير من جهود الامن الشامل لاضطراره إلى وضع سيارة مرور بشكل دائم لتنظيم حركة السير فوق كل نفق مع ان مثل هذه السيارة يمكن ان تقوم بمهام اخرى فيما لو كان تنفيذ النفق بالشكل المطلوب، ومن يستخدم هذا النفق باتجاه الشمال او الجنوب يرى هذه الحقيقة خاصة عندما يسير فوق النفق بمحاذاة النفق ويرغب الدوران للخلف فلا يجد وسيلة للدوران سوى الوقوف في الاشارة الضوئية لعدم وجود مساحة للدوران وفك الاختناق المروري كما هو الحال في انفاق طريق الملك فهد.ثالثاً: جانب آخر وهام في الطرق الرئيسية فلوحات الارشادات المرورية على الطريق الدائري وخاصة الدائري الشرقي بين مخرج )13، 14( شبه معدومة فالاشارات منزوعة أو تالفة ولم تستبدل وبقيت اعمدتها في الارض على رصيف الشارع تعيق حركة المشاة! فكيف نطالب السائق بمراعاة قواعد المرور بدون اشارات، وكيف نطالب السائق بمراعاة قواعد المرور اذا كان تصميم الشارع اساساً غير سليم ويساعد على ارتكاب المخالفة المرورية!رابعاً: الميادين الدائرية في اي مدينة في العالم وضعت لتخفف من عدد الاشارات المرورية المضيئة وتعطي الاولوية للقادم من اليسار اي من بداخل الدوار اما لدينا فالامر يعتمد على من سبق لبق كما في المثل الشعبي، فترى الدوار يأتيك بعد طريق سريع مباشرة او بعد اختناق مروري كثيف يضطر معهما قائدو السيارات الى الدخول الى الدوار سريعاً حتى لا يرتطم به احد من الخلف لعدم وجود اشارات مرورية قبل الدوار تحجب كثافة السيارات وهذا ينطبق على ميدان أبو ظبي بجوار المطار القديم.خامساً: السائق يتعرض احيانا وهو يسير في الشارع لحادث مروري لا ناقة له فيه ولا جمل إذ تصطدم به سيارة من الخلف خاصة عندما يقف في الشارع من اليسار للدوران للخلف، فكثير من الشوارع لا توجد بها مساحة للوقوف داخل الرصيف فيضطر السائق للوقوف داخل الشارع فجأة وهذا يعرضه للحوادث! فالتخطيط المروري لدينا يحتاج الى مراجعة ودراسة متأنية تشارك بها شركات عالمية متخصصة، وعندما يوجد شارع متكامل ومنظم من الناحية المرورية فسنجد سائقاً مثالياً وسنلاحظ غياب العديد من الحوادث المرورية التي تحصل نتيجة لعدم وجود تخطيط سليم لشوارعنا!سادساً: في الدول المجاورة وخاصة دول الخليج لم اشاهد سائقاً يقود سيارته وهو في مرحلة المراهقة اما لدينا فأصحاب الطواقي البيضاء يملؤون الشوارع وتضع يدك على قلبك خوفاً على نفسك وأبنائك عندما تسير مجاوراً لأحد هؤلاء!!وفي الدول الاخرى لا تجد عاملاً يسير بسيارة لا يتجاوز سعرها )2000(ريال ليتعلم القيادة في شوارعنا!وفي الدول الاخرى لا تجد شوارع توصلك الى كل الاحياء، بل احياء مقفلة كما هو الحال في حي الجزيرة في مدينة الرياض وحي خشم العان وحي الحمراء السكني لا يتعرض فيها سكان الحارة الى خطر السيارات التي تسير باستمرار!سابعاً: رغم ان المرور لدينا لا يتحمل مسؤولية وجود العديد من الاخطاء الهندسية في شوارع المدن الرئيسية الا ان مسؤوليته كبيرة وهامة في سبيل نشر الوعي المروري، فماذا عمل المرور في هذا الشأن؟ هل تكثيف الحملات المرورية للكشف عن توفر الرخص وصلاحيتها من التوعية المرورية؟لماذا نحاسب السائق على مخالفة مرورية، ونجد ان سيارة المرور الامن الشامل لا تطبق قواعد المرور كما يجب؟! وأجزم انه لو عمل اختبار مفاجىء لرجال الامن الشامل لأخفق العشرات منهم في الالمام باللوائح الخاصة بأنظمة المرور وأكبر دليل على ذلك التفاوت الملحوظ في تطبيق المخالفات المرورية من شخص إلى آخر من رجال الامن الشامل، فقد روى لي صديق قصته عندما تجاوز الاشارة المرورية وهي صفراء لأنه على حد قوله لو وقف فجأة لاصطدمت به سيارة أخرى تسير مسرعة من خلفه فأوقفه )الملازم( في مخرج )14( وحرر له قسيمة مخالفة وطلب منه ان يتبعه في سيارته ليسير خلفه لمدة تصل الىنصف ساعة وهو يؤدي واجبه في تنظيم حركة السير، وبعد ذلك طلب منه الركوب وذهب به إلى حجز المرور!!فهل تجاوز الاشارة المرورية الصفراء يعتبر مخالفة مرورية، وهل يحق لرجل الامن الشامل أن يطلب من المخالف السير خلفه ومتابعته بسيارته وهو يؤدي واجبه لمدة تصل الى نصف ساعة بعد الساعة العاشرة ليلاً؟!ترى كم لدينا في الامن الشامل مثل هذا الشخص، ماذا يكون الحال بالنسبة للأفراد اذا كان )الملازم( يتعامل هكذا؟!!ان الوضع المروري لدينا بحاجة الى اعادة نظر من خلال خطة وطنية شاملة، وهذا ليس صعب المنال ولا يحتاج الى اعباء مالية اضافية فما حدث في ادارات الجوازات من تنظيم رائع اكبر دليل على ان التخطيط السليم والتنظيم يمكن ان يؤديا إلى نتائج باهرة.