وسط مؤثرات ضوئية ولونية، وموسيقى فرائحية صاخبة امتلأت بها قاعة اولمبيا هبطت سجادة سحرية اعتلاها البطل نسيم، وكانت سابقة فنية امتزج فيها عنصرا الغرابة والمفاجأة السارة. وبين هتاف الجمهور الذي بلغ عشرة آلاف متفرج، هو كل ما اتسعت له صالة النزال، دخل نسيم الحلبة بحركته البهلوانية المعهودة، ليجذب المايكروفون مهللا بتكبيرة ثلاثية الله اكبر متبعا ذلك بالشهادة المباركة تاركا مقدم النزال في دهشة ومفاجأة. بدأ النزال في الساعة العاشرة واثنتين واربعين دقيقة مساء بتوقيت لندن, وبدت أن البطل ومتحديه يحاولان سبر غور الغريم في الجولة الاولى، كان نسيم حذرا، وعلى غير عادته، متزنا لفترة قبل ان يوجه عدة ضربات مركزة وقوية ارجعت خصمه الى الوراء، غير انه كان متماسكا. في الجولة الثانية، بدا بانجو مندفعا، وحاول الاقتراب والالتحام مستفيدا من المسافة القريبة لتسديد ضربات استطاع نسيم تفويت الفرصة وتحاشيها، ولكن بانجو عاود الهجوم وشدد من توجيه ضربات بدا بعضها مركزا، لكن نسيم بادله بابتسامته المعهودة. في الجولة الثالثة بدأ هجوم نسيم، مستفيدا من ملاحظة مدربه، بأخذ زمام المبادرة، فسدد ضربات مركزة ومتباعدة، كانت اكثر قوة تلك اليسرى التي تركت بانجو يترنح، وانطلق صوت احد المتفرجين الله اكبر اذ خيل للجميع انه سيسقط ولكنه صمد الى نهاية الجولة. في الجولة الرابعة، ومعاودا نفس التكتيك بتسديد ضربات مركزة ومتباعدة الى وجه الخصم، استمرت قرابة الدقيقة لتأتي الضربة القاصمة من يسراه ممزقة حاجز يدي بانجو لتستقر على حنكه وليسقط بعدها على وجهه، ولم يتسن له حتى الاستماع لعد الحكم، او التجاوب معه. وقد اعترف بعد النزال بأنه وقع تحت ضغط من نسيم بشكل لم يسبق له في كل مبارياته السابقة, قائلا: لم تكن هذه الليلة ليلتي، لقد كانت اليمنى ضربة شديدة، ولكن احد الصحفيين صحح له بأن الضربة كانت باليسرى، فأجاب، لم يتسن لي حتى معرفة من اين جاءت الضربة؟! ليسقط رهانه في انه سيكون اول من يسقط نسيم. اما البطل نسيم والذي دافع بتألق فريد وغير مألوف عن لقبه للمرة الرابعة عشرة، فقد أدلى بحديث مطول نسبيا الى الصحافيين إثر فوزه قائلا: هأنذا نسيم أعود إلى تألقي، وبهذه الضربة النجلاء، اعتقد انكم شاهدتم بطلا عالميا حقا وأسلوبا راقيا , واكد على جدوى تمثله لتوجيهات مدربيه سواريز وانجيلو داندي قائلا: هأنا اثبت لكم انني اود التعلم,, مضيفا، لم اشعر بأي جهد في هذا النزال، استطيع حمل العالم على كتفيّ، ما دمت في رعاية الله وبين يديه , واشاد مراقبون وأبطال سابقون، ببراعة وتميز اسلوب نسيم عن السابق، ومقدرته على توجيه ضربات من زوايا غير مألوفة. وبالفعل فقد بدا نسيم اكثر تعقلا ورزانة في الحلبة، وابتعد عن اسلوبه، الاستعراضي غير المبالي، ولا شك بأن دور مدربيه بدا جليا في خلق بطل عالمي من طراز رفيع. وكما توقع نسيم في لقاء سابق مع الجزيرة فانه سيلتقي موراليس في الصيف القادم، قائلا: انني على استعداد ورغبتي كبيرة في هذا اللقاء.