يمر واقع المرأة العربية ومفهوم العلاقة بينها وبين الرجل وكذا علاقتها بالمجتمع في تيارات اجتماعية متباينة ترتكز في ذلك على المتغيرات العصرية في الداخل والخارج. ولعلنا نشير إلى تلك المتغيرات التي تأزمت حيالها حيث إن اتجاهات الوعي بدورها في المجتمع بصفة البعض تحت شعار التحرر والمشاركة كما يمكننا القول يقينا: ان المرأة السعودية حصلت على كافة حقوقها المرعية التي كان البعض منها وخاصة تلك التي كانت وقفا على الرجل وحده، قبل التعليم والعمل وغيره، مما حدا بها ان تتصدى لتلك التعديلات التي ادخلت على ما يخص طبيعتها كأنثى، وما يمليه عليها دورها الوظيفي باعتبارها انثى فدورها الاساسي هو رعاية زوجها وتربية ابنائها وصون بيتها، فألجأها الى التفهم الواعي لما كانت عليه العلاقة مع الرجل التي مكثت ردحا طويلا من الزمن، وكان هذا التفاهم مدعوماً بالموضوعية والمنطقية في مواجهة ما يسمها بالضعف والتوجه الوجداني النمطي في جل مشكلات الواقع، ولكنها افتراضات زائغة وخرافة وعلى الرغم من ذلك مازالت هذه الافتراضات تحيط بكينونة المرأة والتركيز على الفصل النوعي والتفرقة في القدرات والمهارات في حل المشكلات وتعرف البدائل المتاحة. ومن اسف ان تلك الافتراضات تلصق بالمرأة السلبية وضيق الافق، وعدم النضج الوجداني، وكذا فقدان التحكم في الذات، والافلاس في المهارات العملية، وعشوائية التفكير، واضطراب في الثقافة المكتسبة من النسق الثقافي، اذاً لماذا هذه الافتراضات مادامت فاسدة؟ لماذا هذه الافتراضات اذا كانت المرأة لدينا قد تطورت بالتعليم الذي أكسبها قدرة الموازنة بين دورها التاريخي الذي يتمثل في كونها ربة منزل، ومدرسة نابغة لأطفالها، ومربية جيل قادر على النضال في معترك الحياة من اجل تأكيد الذات، وتحمل عبء المسئولية في تطوير المجتمع تحقيقا للمواطنة، فهي تمارس هذا الدور بابداع وكفاءة عالية في توازن مع نزولها لميدان العمل والانتاج المادي والخدمي في المجال والشأن الاجتماعي والاقتصادي ولدينا الكثيرات من سيدات يعتبرن نماذج رائدة في كافة مجالات العمل التنموي ومثلا يحتذى به. ومن خلال تحيزي للمرأة العاملة التي تتفهم التغييرات الاجتماعية المعاصرة وما صاحبها من ظواهر اجتماعية لا تغيب عن بالنا التي تحيط بمجتمعنا بل بالعالم العربي، لا.. بل بالعالم اجمع، ووعت وادركت دعائم الموازنة واولها الوفاء بدورها الازلي على اكمل وجه فلم تنس انها ربة منزل ومربية للاطفال ومنجزة لمطالب الرجل والاهل وفي الوقت نفسه توافقها الذاتي والمهني في ميدان العمل، فالمرأة السعودية تتميز بالذكاء والتفوق في مجالات العمل التي تناسب طبيعتها الانثوية، وتتوافق مع الموروث الاجتماعي في مجموعة العادات والاتجاهات والافكار في النسق الثقافي للمجتمع فضلا عن النواحي الاجتماعية والجغرافية والاقتصادية، والتفاعل البيئي والمعتقد الديني والاخلاقي. ومن هذه المنظومة يتحقق الامل في واقع مناسب للحياة، وايجاد صياغة متوافقة مع العلاقات الاجتماعية وسلوك التواصل مع عقول وقلوب الآخرين على الاساس الواضح وهو ان العمل المرشد والكد من اجل الرزق وحسن المعاملات هي اساس الدين، الم يأمرنا الله سبحانه وتعالى ان نعد - الرجل والمرأة - في هذه الدنيا بالعمل للارتفاع بواقعنا المعيشي في سبيل حياة افضل وأرغد. وعلى الرغم من أن المرأة هي المسئولة عن إدارة شئون البيت والابناء والزوج، وهي المسئولة عن دعم المودة والعطف والحنان، وهي القيمة الاساسية لتنظيم الادوار بين افراد الاسرة والباعث على الاستقرار والامن والاطمئنان والتفاعل الوجداني والفكري بين افراد الاسرة، على الرغم من ذلك كله فهي ادركت ان قضايا المجتمع ذات تأثير فاعل في كيان الاسرة من هذه القضايا قضية المطالب البيولوجية ذات الصلة بمتطلبات الحياة للاسرة، ومن هذه القضايا قضية التنمية الاقتصادية والاجتماعية، وما تحتاجه من مشاركة فاعلة بين الدولة والمواطن ذكرا كان او انثى، التي تحتاج اعطاء فرص متكافئة لاداء الواجب الوطني لرفعه وتقدمه، وهكذا يحتاج الامر بناء ارادة قوية للوفاء بمتطلبات التنمية الشاملة، مما يتوجب معه الاهتمام بتعليم المرأة وتعزيز قدرتها العلمية والمهارية، وهذا هو طريق اللحاق بركب التقدم العالمي. ولكي تواكب المرأة السعودية هذا التقدم يتوجب تطوير المفاهيم والاتجاهات وبناء الثقة في المرأة وقدراتها وعناصر القوة غير المحدودة عند مواجهتها للمشكلات الاجتماعية وتخطيها والسعي نحو آفاق التقدم بإرادة قوية وفكر منفتح حيث التطبيق العادل لبدء تكافؤ الفرص دون تمييز مما يعمق من الشعور بالانتماء والمواطنة.