لو أخذنا جولة سريعة حول المكاتب الهندسية التي تُنتج مخططات بألفين وثلاثة لمشاريع تُكلف مليونين أو ثلاثة لوجدناها مكاتب هندسية لديها ترخيص من جهات معينة بمزاولة المهنة، وليس عليها رقابة كافية في عملية إعداد المخططات الهندسية. ولها طريقة خاطئة في التعامل مع الزبائن - غير الواعين - الذين جاؤوا لشراء مخطط بأقل الأسعار، وبأقل قدر من الاهتمام بالنواحي البيئية، وباهمال كبير للجوانب النفسية والاجتماعية، وأما الجوانب الجمالية فحدث ولا حرج.. المشكلة تتعدى ذلك وتدخل في اقتصاد الدولة العام والاهدار الكبير لمواد البناء.. المشكلة يطول شرحها، وما ينبغي توضيحه هو أن نقاد العمارة والمعماريين والمهندسين الممارسين لمهنة العمارة يشتكون من تلك المكاتب التجارية التي تنتج - غالباً - تصميماً فاشلاً رخيصاً - مادياً وفكرياً - وهو تقليد أعمى خالٍ من الابداع.. وإذا جاءت مرحلة تنفيذ المبنى (بناؤه)، يبدأ الزبون بمحاولة تصويب أخطاء وعيوب التصميم، وبالتأكيد تلك العيوب تحتاج معالجتها إلى مبالغ مالية طائلة يدركها جيداً من جرب تنفيذ المخططات التي تنتجها تلك المكاتب. مآس كثيرة تحدث يا إخواني أثناء عملية التنفيذ.. إهدار في كميات الحديد والخرسانة، بالإضافة إلى عمليات تكسير الحوائط وإضافة الحمامات وتغيير موقع المطبخ وتكسير الجسور الخرسانية (الكسرات)، وكل ذلك بالتأكيد إهدار للوقت والمال، يتحمله ذلك المسكين الذي يبحث عن التصميم الرخيص المكلف. إلى جميع من يتعامل مع تلك المكاتب جاهلاً العواقب، مشاكل تلك المكاتب أتعبت جميع القائمين على ممارسة المهنة، في الجامعات وأمانات المدن، والهيئات والجمعيات الهندسية والعمرانية.. وكثير من الباحثين أثبتوا ان الكثير من تلك المكاتب تسببت في الكثير من المشاكل الاقتصادية والاجتماعية والنفسية.. والمشكلة الأكبر التي تواجهنا حقاً هي عدم وعي الاشخاص الذين يتعاملون معهم. لنفرض ان سيدة فاضلة أرادت خياطة فستان يناسب بنيتها وتقسيمات جسمها، ويليق بمكانتها الاجتماعية، ولديها رغبة في أن يكون فستانها قيماً ومميزاً، فاشترت قماشاً واكسسوارات بمبلغ 1000 ريال، فهل من المعقول ان تبحث عن مصمم أو مصممة أزياء رخيصة تصمم فستانها (بريالين فقط)؟!.. هكذا يفعل الأشخاص الذين يبحثون عن مكتب رخيص (بألفي ريال) ليعد لهم تصميماً لمسكن سيكلفهم حوالي مليون ريال شاملاً (شراء أرض - بناء العظم، التشطيبات المعمارية واللمسات الفنية، تأثيث.. إلخ) الله المستعان.