ترددتُ كثيراً في اختيار عنوان هذا المقال ولكني وجدت هذا العنوان يفي بالغرض المطلوب. الموت هو الحقيقة الوحيدة على وجه الأرض التي لا يختلف عليها اثنان وهو نهاية أي كائن حي في هذه الدنيا الفانية. ويقال: إن العظماء والمشاهير لا تنتهي سيرهم وحضورهم بنهاية حياتهم بغض النظر عن نوع الشهرة التي يتمتع بها هذا الشخص أو ذاك. في مساء يوم الجمعية 4/10/1424ه تلقيت رسالة جوال من أحد أشقائي تفيد بمقتل الفنانة «ذكرى» بالقاهرة ومقتل الشاعر والإعلامي المعروف «طلال العبد العزيز الرشيد» بالجزائر كان الخبر مفاجأة بالنسبة لي لا سيما أن في الأمر جريمة قتل ولكني قلت في نفسي ربما تكون إشاعة من ضمن الإشاعات التي نسمعها يومياً وخاصة التي يكون مصدرها «شبكة الإنترنت» فالإشاعة هي أحدى ضرائب الشهرة ولكني تأكدت من مقتل الفنانة «ذكرى» من خلال بعض القنوات الفضائية وبالتالي زادت احتمالية صحة الخبر الثاني. في صباح يوم السبت أسرعت لصندوق صحيفة الجزيرة المثبت عند مدخل منزلي وكلي أمل أن لا أجد خبر مقتل الشاعر طلال الرشيد ولكني للأسف وجدته في الصفحة الأولى. كانت صدمة عنيفة بالنسبة لي ولكن هذا قضاء الله وقدره. وقد يقول قائل: إن في هذا الكلام بعض المبالغة ويتساءل عن العلاقة التي تربطني بالراحل الكبير. والجواب أن الشخصيات العامة لا تتطلب بالضرورة وجود علاقة شخصية وخاصة بينها وبين عامة الناس لتجد الاهتمام والتعاطف خاصة في مثل هذه المواقف الإنسانية المؤلمة. فكرت قليلاً لإيجاد العوامل المشتركة بين مقتل الشاعر طلال والفنانة «ذكرى» وقد وجدت أن كليهما ذهب ضحية جريمة قتل بشعة لا يقرها دين ولا عرف ولا خلق لأن الله سبحانه وتعالى حرم قتل النفس إلا بالحق. الفارق الزمني بين الحادثين لا يتجاوز عدة ساعات بالنسبة للبعد المكاني الفنانة «ذكرى» تونسية وطلال قتل بالجزائر وهو بلد مجاودر لتونس وكلاهما في المغرب العربي كلاهما من المشاهير بغض النظر عن اختلاف شهرة كل واحد منهما وإن كنت لا أرى فارقاً كبيراً بين الفن والشعر والصحافة والإعلام لا سيما إذا عرفنا أن كبار الفنانين في دول مجلس التعاون الخليجي غنوا للشاعر طلال وعلى رأسهم فنان العرب محمد عبده. رحل طلال الرشيد الشيخ والشاعر والناشر وقبل هذا وذاك الإنسان الذي أحبه جميع من عرفه من قريب أو بعيد ومن بشائر حسن الخاتمة إن شاء الله ان أخر ما كتبه في مجلته «فواصل» هو تضرع وخضوع ودعاء لله سبحانه وتعالى ونرجو من الله الإجابة وآخر أعماله هو الاعتكاف في العشر الأواخر من رمضان في الحرم المكي الشريف برفقة والدته وفي ذلك عبادة وبرُّ والدين وآخر عهد له بالحياة كما ذكر أحد المرافقين له هو أداء صلاة المغرب والعشاء جمعاً حيث أمّ مرافقيه في الصلاة وعند ما تعرضوا لإطلاق النار ذكر من معه بالشهادة. رحم الله أبا نواف وعوضه عن شبابه بالجنة والمغفرة إنه سميع مجيب الدعاء وألهم أسرته الصغيرة والكبيرة وجميع محبيه وهم كُثر الصبر والسلوان ولا نقول إلا ما قاله الله ورسوله وكل مؤمن عند وقوع المصائب {إنا لله وإنا اليه راجعون}. وقفة :مرحوم يا شيخ رحل ثالث العيد طلال أبو نواف زبن العيالي في رأس حزمٍ مثل حزم الجلاميد كني أشوفه مجرهد وخالي باسباب قطاع الطرق والمقاريد عبادة الشيطان بروس الجبالي هذا القدر يأتي بليا مواعيد يبكيه طيب.. وشعر.. وصفر الدلالي ليته خذا رخوم الرجال المجاليد عبادة الدولار وجمع الريالي وسلم لنا مصخر القاف والبيد نسل الرجال إلى تروم المعالي