قال الدكتور مصطفى البرغوثي سكرتير الخطة الوطنية الفلسطينية ورئيس الإغاثة الطبية الفلسطينية إن إسرائيل تمارس عمليات من التهجير والتطهير العرقي بحق الشعب الفلسطيني بشكل ممنهج ومنظم منذ ثلاث سنوات من الانتفاضة، وهي بذلك تكمل ما بدأت به من ترحيل للشعب الفلسطيني عام 1948. أضاف البرغوثي الذي كان يتحدث خلال مؤتمر صحفي عقد في مدينة البيرة أن إسرائيل تستغل الانتفاضة وانشغال العالم بالتغير الحكومي الفلسطيني وبتفاهمات سويسرا لتنفيذ مخططاتها على الأرض. وأوضح سكرتير الخطة والوطنية أن الدولة العبرية تستخدم أربعة أساليب مدروسة منظمة من أجل إحكام سيطرتها على الأراضي الفلسطينية من خلال إعادة الاجتياحات والاحتلال، كما حصل مؤخرا في رفح وبيت حانون بقطاع غزة وعبر الجدار الفاصل، وكذلك عبر الإغلاق والحصار الشامل المفروض على الضفة الغربية. إعادة الاحتلال الكامل وأردف البرغوثي قائلا إن إسرائيل تستخدم أربعة وسائل للسيطرة الكاملة على الأراضي الفلسطينية أولها إعادة الاحتلال، مستعرضا مراحله منذ عام 1948 حتى اليوم. حيث أبقت إسرائيل في المرحلة الأولى 46% من الضفة الغربيةللفلسطينيين عام 48، ثم عادت لكم مشروعها عام 1967 لتبقي لهم عندها 22% من مساحة فلسطيني التاريخية، وبحسب خطة شارون وجدرانه للحل الدائم سيتبقى للفلسطينيين فقط 9% من مساحة فلسطين التاريخية فقط. وأشار إلى أن ما جرى في رفح جنوب قطاع غزة وبيت حانون شمالها من هدم للمنازل وتهجير للسكان يندرج في إطار إعادة الاحتلال الكامل للقطاع كما حدث في الصفة الغربية العام الماضي. وعن إجراءات الحصار المفروضة على الضفة الغربية رأى البرغوثي أن شارون يهدف من ورائها إلى خلق تواصل ديمغرافي بين المستوطنات وحرمان الفلسطينيين من أي تواصل بين مدنهم وقراهم. حصاد الانتفاضة أما عن عدد الشهداء والجرحى الذين سقطوا في انتفاضة الأقصى فقال سكرتير الخطة الوطنية، أن 2654 استشهدوا خلال الأعوام الثلاثة المنصرمة من الانتفاضة، وأن 47 ألفا جرحوا. مشيرا إلى أن 20% من الشهداء هم أطفال دون سن السابعة عشر، وأن 60 منهم استشهد بالرصاص الحي، وان 85% من مجموع الشهداء هم من المدنيين. تخيل الدكتور البرغوثي لو أن عدد المواطنين الفلسطينيين بعدد سكان الولاياتالمتحدةالأمريكية لكان عدد الشهداء الفلسطينيين 219 ألف شهيد وعدد الجرحى 4 ملايين. وقال البرغوثي أن عدد الأطفال الذين قتلوا خلال الانتفاضة بلغ 493 طفلا في سائر أنحاء الوطن وان 2500 من المصابين أصيبوا بإعاقات دائمة منهم 500 طفل، مشيرا إلى أن 100 طفل فقدوا عيونهم. والاغتيالات السياسية كان لها نصيب حيث استشهد خلال عمليات الإعدام البشعة كما وصفها البرغوثي 279 مواطنا فلسطينيا، منهم 132 شخصا لم يكونوا مستهدفين بل تواجدوا في موقع العملية، بينهم 32 طفلا و25 امرأة. عملية رفح وخلق واقع جديد ورأى البرغوثي أن عملية رفح الأخيرة تهدف إلى تهجير السكان الفلسطينيين القاطنين بالقرب من الشريط الحدودي مع مصر وإحلال مستوطنين صهاينة مكانهم بهدف خلق فصل تام بين مصر وفلسطين علما أن الشريط الحدودي تسيطر عليه إسرائيل. وأوضح أن الأهالي لا يستطيعون العودة إلى بيوتهم في منطقة رفح وأن الجيش الإسرائيلي لا يزال يتمركز فوق أنقاض البيوت المهدمة ويطلق النار على كل مواطن يحاول الوصول إليها. وقال إنها أسفرت عن استشهاد 8 فلسطينيين وجرح 70 آخرين وتحويل 1240 مواطنا إلى أشخاص دون مأوى، وتم خلالها تدمير 120 منزلا بشكل كلي و114 منزلا آخر بشكل جزئي. وكشف أن مجموع الذين فقدوا بيوتهم خلال العمليات المتعاقبة على مدينة رفح بلغ 7523 مواطنا، وبلغ 11987 شخصا في كامل قطاع غزة. 482 حاجز تحول الضفة إلى معازل وقال البرغوثي انه من بين الخطوات التي تهب بها إسرائيل إلى تقطيع تهويد الضفة الغربية وقطاع غزة هي الحواجز حيث تنشر اليوم في الضفة الغربية لوحدها 482 حاجز بين حاجز ثابتة وحواجز عسكرية وسواتر ترابية وصخرية، ونقاط عسكرية دون النظر إلى الحواجز المتنقلة والطيارة. وكشف أن هذه الحواجز تحول الضفة الغربية إلى 300 منطقة مفصولة عن بعضها البعض بشكل كامل، وأن المارة على الحواجز يتعرضون لأبشع الإهانات و أعمال التنكيل من جنود الاحتلال. وذكر البرغوثي مثلا أن على المواطن الذي يرغب في الذهاب من مدينة رام الله إلى مدينة الخليل والذي كان يحتاج في السابق إلى 45 دقيقة فقط، أصبح يحتاج يوم إلى تسع ساعات لقطع 25 حاجزا والتنقل بين 11 سيارة. وأشار كذلك البرغوثي إلى أن قطاع غزة مقطع إلى أربعة أجزاء منذ بداية الانتفاضة، أنها منذ 12 يوما مغلقة والضفة الغربية بشكل كامل. جدار الفصل العنصري ويعتبر الجدار الفاصل من بين الإجراءات التي تقوم بها الدولة العبرية لتهويد الضفة الغربية تهجير سكانها، خصوصا انه يترك وراءه ثلث الشعب الفلسطيني معزولا بالكامل عن الضفة الغربية. وأوضح أن إسرائيل تقوم بالإعلان عن هذا الجدار على مراحل ومن ثم بنائه على مراحل متسائلا كيف يبلغ طول هذا الجدار في نهايته 1000 كم والحدود بين الضفة الغربية والدولة العبرية يبلغ طولها 200كم فقط. حذر البرغوثي من خطورة هذا الجدار الذي بدأ في مرحلته الثانية والتي تشمل مديني رام الله وبيت لحم موضحا أن هذا الجدار سيقسم كل مدينة من المدينتين إلى قسمين معزولين عن بعضهما البعض. وسيحول حياة الفلسطينيين إلى جحيم لا يطاق مما يجبرهم على الرحيل من منازلهم وأرضهم، وهذا يتجلى في أبشع صوره في مدينة قلقيلية التي أصبحت سجنا كبيرا تقفل أبوابه في الخامسة مساء وتفتح في الخامسة صباحا، أو حسب أهواء الجنود. وكشف البرغوثي أن جدار برلين الجديد - ويقصد الجدار الفاصل - لن يقف عن هذا الحد بل ستمتد منه أصابع استيطانية وأمنية إلى داخل المعازل الفلسطينية لتضم إلى إسرائيل ما تبقى من مستوطنات داخل هذه المعازل والغيتوهات. وسيخلق هذا الجدار حرية كبيرة في حركة المستوطنين وسيحد من حرية الفلسطينيين. وقال إن الدولة العبرية أصدرت أوامر تحظر على الفلسطينيين منذ إنشاء الجدار الاستثمار في أرضهم والزراعة والعمل، فيما قررت الدولة العبرية اعتبار المناطق الفلسطينية الواقعة خارج هذا الجدار مناطق مفتوحة للمستوطنين الصهاينة للسكن والاستثمار. تطرق البرغوثي إلى آثار الجدار المدمرة على الاقتصاد الفلسطيني، كذلك آثاره المدمرة أيضا على الصحة والتعليم. ورأى البرغوثي أن التاريخ يعيد نفسه ملهاة ومأساة، المأساة فيما نقع فيه اليوم من ويلات خلفها اتفاق أوسلو العقيم على حد قول البرغوثي، والملهاة مفارقة بين مأساة الشعب الفلسطيني وأولئك الموقعين على اتفاقات جنيفوسويسرا ولا يعنيهم ما يقع على الأرض الفلسطينية. حذر البرغوثي من خطورة هذه الاتفاقيات خصوصا أن الموقعين عليها من الجانب الفلسطيني هم مسئولون رسميون بينما يوقع عليها من الجانب الآخر مجرد نشطاء سلام وليس لهم أي صفة رسمية.وقال إن هذه الاتفاقيات تستغلها إسرائيل لإشغال العالم بها بينما يقع الشعب الفلسطيني ووطنه بأسره ضحية لاحتلال فاشي، وستستخدمها إسرائيل في المستقبل كحجج للضغط على الجانب الفلسطيني في أي مفاوضات رسمية مستقبلية. وقال إنها لم تتطرق إلى عدد من القضايا الرئيسية مثل القدس التي لم تقل صراحة إنها عاصمة للفلسطينيين، فيما تنازلت عن حق اللاجئين في العودة مقابل السيطرة الفلسطينية على الحرم القدسي. وتمتد أضرار هذه الاتفاقيات بحسب البرغوثي لتصل العالم بأسره الذي أصبح يعتقد أن عمليات التفاوض الفلسطينية الإسرائيلية مستمرة، متناسيا تراجيديا شعب بأسره.