الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله صلى الله عليه وسلم.. وبعد: فقد ودعنا يوم الخميس السابع من شهر رجب عام 1424ه بقلوب خاشعة وأعين دامعة عالماً من علمائنا وفارساً من فرساننا في الدعوة إلى الله وحب الخير للغير هو صاحب الفضيلة الشيخ عبدالرحمن بن عبدالله آل فريان مؤسس الجماعة الخيرية لتحفيظ القرآن الكريم ورئيسها بل هو رائد لمدارس تحفيظ القرآن الأهلية في المساجد فقد فقدته الأمة الإسلامية جمعاء لأن حلقات تحفيظ القرآن الكريم تضم في جنباتها كثيراً من أبناء المسلمين في جميع بقاع الأرض. وقد عرفت فضيلته وأنا طالب ثم عرفته عن كثب يوم كنت مدرساً في الجماعة الخيرية ثم موجهاً فيها. وقد كان فضيلته يتميز بما يلي: 1 الصبر والمثابرة فقل ان يغيب يوماً عن مقر الجماعة من دون عذر فتوجيهاته وملاحظاته واستفساره عن سير العمل يصل بانتظام وبتوفيق الله ثم بهذا الحرص وصلت الجماعة إلى ما وصلت إليه. 2 دقة الملاحظة والتفاني في النهوض بالجماعة فأمر الشيخ محمد ذاكر حفظه الله ان يؤهل المدرسين وفرغه لذلك حتى يتأكد من ضبطهم وتجويدهم لكتاب الله. 3 كان رحمه الله يعايش حلقات المساجد بنفسه مع ان عنده العدد الكافي من الموجهين وكان يقول للموجه اذهب إلى مسجد كذا وانظر سير العمل فيه وما هي الملاحظات. 4 أمر الشورى عنده عظيم فقد كان الشيخ محمد بن أحمد بن سنان شفاه الله وأحسن خاتمتنا وخاتمته وجميع المسلمين ساعده الأيمن ومستشاره الأول للتخطيط للنهوض بالجماعة لأن للشيخ محمد باع طويل في هذا المجال فهو الرائد الأول لمدارس تحفيظ القرآن الكريم الحكومية في المملكة طلبا لنفع أبناء المسلمين وما زال رحمه الله يسعى للنهوض بحلقات المساجد حتى استقطب كثيراً من الأساتذة المتخصصين مثل الشيخ محمد ذاكر والشيخ محمود سكر والشيخ صابر ابو سليمان والشيخ احمد خليل شاهين وغيرهم كثير ممن لم احظ بمزاملتهم. 5 كان رحمه الله كثير النفع للمسلمين يجمع لهم بين زاد الدنيا من الصدقات والزكوات وبين زاد الآخرة من النصح والتوجيه وبيان الحكم الشرعي بحكمة وعفوية. 6 كان رحمه الله له جلد كبير وصبر عظيم على ما يلاقي من الصعاب في سبيل الدعوة إلى الله واذكر مثالاً على ذلك من أمثلة كثيرة: كنت في تخوم تهامة عسير في مكان شاهقة جباله، وعرة مسالكه، مخيفة عقباته وبينما انا في سوق من الأسواق الأسبوعية التي تشتهر بها تلك المنطقة وفي مسجدها وقد اكتظ بالناس كنت اتحدث في الجمع وفي لحظة مباركة إذا بالداخل من الباب فضيلة الشيخ عبدالرحمن بن عبدالله آل فريان فقلت سبحانك ربي ما أعظم صبر الرجل وما أشد تفانيه ما كدت أصدق بصري لأول وهلة لبعد المكان وصعوبة المسالك فقال رحمه الله فلان؟ فقلت نعم قال استمر حتى نصلي الظهر فقلت للجماعة لما أوشك ان ينهي صلاته هذا الشيخ عبدالرحمن الفريان من عنده سؤال أو استفسار فهذه فرصة ساقها الله: لكم إلى هذا المكان فلم يرق له هذا الكلام تواضعا منه رحمه الله فقال «الله يهديك» فما كاد الناس ينتهون من السلام عليه والأسئلة إلا قبل العصر. وقد كانت زيارته الدعوية مصدر خير لهذا المكان النائي من مملكتنا الغالية فعمرت بعض المساجد فيه. عمارة حديثة كيف لا والشيخ رحمه الله مشهور بكثرة الدعاء لولاة الأمر وبذكرهم الحسن ولم الشمل واحسب الرجل والله حسيبه ولا نزكي على الله أحدا يمتاز بطيب السريرة والصدق مع الله. فقد أحبه الناس ووثقوا فيه وعلى رأسهم ولاة الأمر في هذه البلاد جميعا يدعمون الشيخ رحمه الله حسياً ومعنوياً سواء للمدارس أو في الدعوة إلى الله وكان سمو أمير منطقة الرياض حفظه الله ساعده الأيمن في تذليل العقبات التي تصادفه رحمه الله من بعض من يضايق حلقات المساجد وكذا الدعم المادي وهذا يدل إن شاء الله على صفاء سريرة وصدق مقصد والناس شهداء الله في الأرض وجنازته رحمه الله تشهد بذلك وصدق من قال «موعدنا الجنائز» وقد اثار أشجاني ما عنون به أديبنا الفاضل الأستاذ حمد القاضي في مقاله يوم 9/7/1424ه في «الجزيرة» «ورحل حبيب القرآن الكريم».. رحمك الله يا أبا عبدالله.. ورزقك بر أبنائك ميتاً كما بروك حياً وأقصد من هذه الكلمة ان يدعو له من قرأها ويقتدي به الدعاة إلى الله في الصبر ونفع المسلمين والله المستعان. (*) المدرس في ثانوية تحفيظ القرآن الكريم الأولى بالرياض سابقاً