أمير تبوك يقف على المراحل النهائية لمشروع مبنى مجلس المنطقة    "سلمان للإغاثة" يوقع اتفاقية لتشغيل مركز الأطراف الصناعية في مأرب    شراكة تعاونية بين جمعية البر بأبها والجمعية السعودية للفصام (احتواء)    وزير الدفاع اللبناني: لا حرية لإسرائيل في أراضينا    المملكة تشارك في اجتماعات الدورة ال29 لمؤتمر الدول الأطراف لاتفاقية حظر الأسلحة الكيميائية في لاهاي    السفير الجميع يقدم أوراق اعتماده لرئيس إيرلندا    توقيع مذكرة لجامعة الملك خالد ووزارة الموارد البشرية والتنمية الاجتماعية    وزير النقل: انطلاق خدمة النقل العام بتبوك منتصف العام القادم    انتقادات من جيسوس للتحكيم بعد مواجهة السد    وزير الموارد البشرية: إنجازات تاريخية ومستهدفات رؤية 2030 تتحقق قبل موعدها    المؤتمر العالمي للموهبة والإبداع يختتم فعاليات نسخته الثالثة بالرياض    الأونروا تحذّر من وصول الجوع إلى مستويات حرجة في غزة    بدء تشغيل الخطوط الجوية الفرنسية Transavia France برحلات منتظمة بين السعودية وفرنسا    هيئة تطوير محمية الإمام تركي بن عبدالله الملكية ترصد ممارسات صيد جائر بالمحمية    استقرار الدولار الأمريكي قبيل صدور بيانات التضخم    الأمم المتحدة تدعو إلى تحرك دولي لإنهاء الاحتلال الإسرائيلي وتحقيق العدالة للشعب الفلسطيني    الشتاء يحل أرصادياً بعد 3 أيام    عامان للتجربة.. 8 شروط للتعيين في وظائف «معلم ممارس» و«مساعد معلم»    التعاون والخالدية.. «صراع صدارة»    في دوري يلو .. تعادل نيوم والباطن سلبياً    السعودية وروسيا والعراق يناقشون الحفاظ على استقرار سوق البترول    وصول الطائرة الإغاثية ال24 إلى بيروت    أمير الرياض يطلع على جهود "العناية بالمكتبات الخاصة"    خادم الحرمين الشريفين يدعو إلى إقامة صلاة الاستسقاء    وزير الصناعة: 9.4 تريليون ريال موارد معدنية في 2024    أربعة آلاف مستفيد من حملة «شريط الأمل»    «فقرة الساحر» تجمع الأصدقاء بينهم أسماء جلال    أمير تبوك: نقلة حضارية تشهدها المنطقة من خلال مشاريع رؤية 2030    7 مفاتيح لعافيتك موجودة في فيتامين D.. استغلها    «شتاء المدينة».. رحلات ميدانية وتجارب ثقافية    مشاعر فياضة لقاصدي البيت العتيق    الزلفي في مواجهة أبها.. وأحد يلتقي العين.. والبكيرية أمام العربي    أنشيلوتي: الإصابات تمثل فرصة لنصبح أفضل    كثفوا توعية المواطن بمميزاته وفرصه    كيف تتعاملين مع مخاوف طفلك من المدرسة؟    حدث تاريخي للمرة الأولى في المملكة…. جدة تستضيف مزاد الدوري الهندي للكريكيت    شركة ترفض تعيين موظفين بسبب أبراجهم الفلكية    «هاتف» للتخلص من إدمان مواقع التواصل    معاطف من حُب    الدكتور عصام خوقير.. العبارة الساخرة والنقد الممتع    جذوة من نار    لا فاز الأهلي أنتشي..!    هنآ رئيس الأوروغواي الشرقية.. خادم الحرمين الشريفين وولي العهد يعزيان القيادة الكويتية    هؤلاء هم المرجفون    المملكة وتعزيز أمنها البحري    الدفاع المدني: استمرار هطول الأمطار الرعدية على معظم مناطق المملكة    اكتشاف علاج جديد للسمنة    السعودية رائدة فصل التوائم عالمياً    خادم الحرمين الشريفين يدعو إلى إقامة صلاة الاستسقاء الخميس المقبل    «السلمان» يستقبل قائد العمليات المشتركة بدولة الإمارات    مناقشة معوقات مشروع الصرف الصحي وخطر الأودية في صبيا    أهمية الدور المناط بالمحافظين في نقل الصورة التي يشعر بها المواطن    المؤتمر الدولي للتوائم الملتصقة يناقش تحديات إعادة ترميم الأعضاء وتغطية الجروح    "سلمان للإغاثة" يوقع مذكرة تفاهم مع مؤسسة الأمير محمد بن فهد للتنمية الإنسانية    حقوق المرأة في المملكة تؤكدها الشريعة الإسلامية ويحفظها النظام    استمرار انخفاض درجات الحرارة في 4 مناطق    زاروا المسجد النبوي ووصلوا إلى مكة المكرمة.. ضيوف برنامج خادم الحرمين يشكرون القيادة    نوافذ للحياة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



(الجزيرة ) في مغسلة البواردي لتجهيز ودفن الموتى
ماذا يدور في أحلك ساعات الفراق؟
نشر في الجزيرة يوم 24 - 11 - 2006

مع صعود الروح إلى بارئها وطي صفحة عمل الإنسان واختتام رحلة حياته وارتهانه بعمله تبدأ رحلته الأخرى رحلته مع الحساب والمجازاة على أعماله في الدنيا إن خيراً فخير، وإن شراً فشر ولا يظلم ربك أحداً، وفي هذه الأوقات العسيرة علينا أجمعين يكرم أقوام ويرتقون إلى معارج النور في جنات ورياحين عند رب رحيم، وتزل أقدام آخرين، وتكون عاقبتهم عذاب الخزي بما كانوا يعملون، ونحن هنا نقف مع هذه اللحظات الحاسمة من عمرنا لحظات الموت والاحتضار ونطالع قصص هؤلاء الأقوام وأولئك متدبرين نهاياتهم عندما تحين ساعة الرحيل، ونلتقي مع الشيخ محمد عطا منصور العطا مدير مغسلة البواردي الخيرية لتجهيز الموتى بالرياض.. ولنغوص سوياً في دهاليز رحلة تغسيل الموتى وتجهيزهم للقبر:
بداية يتحدث الشيخ محمد عطا عن إنشاء هيئة المغسلة فيقول أنشىء مجمع البواردي الخيري بحي العزيزية جنوب الرياض على أرض تبلغ مساحتها 14 ألف متر مربع وشيد على نفقة الشيخين محمد وعبدالرحمن السعد البواردي -رحمهما الله- بتكلفة إجمالية تجاوزت ال15 مليون ريال، ويضم هذا المجمع مغسلة البواردي الخيرية لتجهيز الموتى، وتتكون المغسلة من قسم خاص لاستقبال النساء وقسم خاص لاستقبال الرجال ومداخل مستقلة وإدارة ويمكن تجهيز 6 جنائز في آن واحد بسعة أربعة أحواض لتجهيز الرجال وحوضين لتجهيز النساء، ويخدم المغسلة خمس سيارات حديثة مجهزة تجهيزا كاملا ويبلغ عدد العاملين والعاملات في المغسلة 20 موظفاً يعملون على مدار الساعات ال24، وتقدم مغسلة البواردي خدمة لذوي المتوفين خارج مدينة الرياض بتجهيزهم ونقلهم من وإلى الرياض، وذلك يقدم لوجه الله تعالى وتسهيلاً لهم، وقد تم تغطية كافة مناطق المملكة بفضل الله.
وتعتبر مغسلة البواردي الخيرية هي أقرب مغسلة من مقبرة جنوب الرياض المنصورية تم تشغيلها حتى الآن، علماً بأن المغسلة تخدم جميع أحياء الرياض، وتقوم بتوصيل جميع الجنائز حسب رغبة أهل الجنازة للصلاة عليها في أي مسجد ودفنها في أي مقبرة داخل وخارج مدينة الرياض.
ويحتوي المجمع على مركز للجمعية الخيرية لتحفيظ القرآن الكريم في جنوب الرياض حيث يقوم بالإشراف والمتابعة على أعمال وأنشطة 4800 ألف طالب و400 معلم في حلقات تحفيظ القرآن الكريم للبنين والمقامة في 90 مسجدا ضمن 8 أحياء من أحياء جنوب مدينة الرياض، وكذلك يشرف على 20 داراً نسائية و6 آلاف طالبة و400 معلمة، كما يحتوي المجمع على مركز استقبال وتوزيع تابع لجمعية البر يشرف على 7 أحياء في جنوب الرياض، ويقوم بتقديم المساعدات ومصروفات مالية وعينية على الأسر الفقيرة والمحتاجة، كما يحتوي المجمع على مركز تدريب لمعلمات القرآن الكريم في جنوب الرياض، ومن أهداف المركز إقامة البرامج التدريبية القصيرة للمعلمات والمتدربات بغرض تأهيلهن تأهيلاً شرعياً ودينياً يساهم في رفع مستوى معلمات التعليم العام في مجال تدريس القرآن الكريم، كما يحتوي المجمع على مدرسة نسائية لتحفيظ القرآن الكريم تحتوي على 32 فصلاً دراسياً ومكاتب للإدارة وصالة للمسرح والمحاضرات تتسع ل150 طالبة، ويبلغ عدد الطالبات بالمدرسة 350 طالبة، كما يحتوي المجمع على وقف خيري وهو عبارة عن عمارة تحتوي على 12 محلا تجارياً، و4 شقق وملحقين تنفق إراداتهم على المجمع وخدماته، علماً بأن الجامع يتسع ل6 آلاف مصل ومواقف تتسع لأكثر من 800 سيارة، وللجامع حلقات تحفيظ القرآن الكريم يبلغ عددها 28 حلقة ويبلغ عدد الطلاب 350 طالبا، وهناك حلقة خاصة بالخاتمين وحلقة خاصة لتحسين التلاوة وحلقة خاصة للقراءات، وكذلك إقامة الدروس والمحاضرات، وقد أقيمت دورة خاصة لتغسيل وتكفين الموتى في عام 1426ه انتظم فيها أكثر من 400 طالب وطالبة، ويستضيف الجامع محاضرات لكبار علماء البلاد، وقد استضاف سماحة مفتي عام المملكة فضيلة الشيخ عبدالعزيز آل الشيخ، وفضيلة الشيخ عبدالله بن عبدالرحمن بن جبرين وفضيلة الشيخ صالح بن محمد اللحيدان رئيس مجلس القضاء الأعلى وفضيلة الشيخ عبدالرحمن بن ناصر البراك وفضيلة الشيخ عبدالله بن محمد المطلق عضو هيئة كبار العلماء وغيرهم من طلاب العلم والدعاة، وفي النية إنشاء مركز لغسل الفشل الكلوي على نفقة المجمع.
نريدك أن تحدثنا عما يتم في المغسلة
* هل تذكرون لنا بعض القصص المؤثرة التي حدثت أثناء عملكم في مغسلة الموتى؟!
- من القصص المؤثرة التي شاهدتها بعيني ووقفت عليها قصة لأحد المتوفين فقد قمنا بتغسيله وتكفينه، وقد شاهدنا على هذا الرجل ابتسامة لم تفارق محياه حتى تم تغطية وجهه وتكفينه بالكامل- رحمه الله-، وقد أحسسنا بسماحة في وجهه وابتسامة دامت طويلا، حتى إن أهل المتوفى طلب منا تأخير الجنازة إلى المغرب لأن بعض إخوانه سيحضرون من خارج مدينة الرياض، وقد تناوب الإخوان على زيارته والدعاء له في المغسلة حتى أذان المغرب، هذا المشهد بقي حقيقة في ذهني، فلم يغادرني، فكنت أنتظر من يدلني على خبر هذا الرجل فأفادني أخوه الكبير بأن أخي توفي قضاء وقدرا فجأة، وما رأيت من ابتسامة كلنا رأيناها واستبشرنا خيراً ونحسب أنه من أهل الجنة، إن أخي كان من أكثرنا مواظبة على صلاة الجماعة حتى إنه كان يفرق مجالسنا إذا أذن قوموا لله، فنقوم ويتوضأ ويأخذ أبناءه ويذهب إلى المسجد لا ينتظر حتى تقام الصلاة.
* ما العلامات التي يخص بها الله عباده الصالحين عند الموت؟
- في وقت الاحتضار تدور رحى معركة بين الحق والباطل فيكون طرف فيها الشيطان ليصرف العبد المؤمن إلى النار، لكن من صدق مع الله فاز في هذه اللحظة الحرجة، ومن قدم الطاعات لله وأخلص العبادة له جل شأنه انتصر وتقدم إلى الجنة، قال تعالى: {يُثَبِّتُ اللّهُ الَّذِينَ آمَنُواْ بِالْقَوْلِ الثَّابِتِ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفِي الآخِرَةِ وَيُضِلُّ اللّهُ الظَّالِمِينَ وَيَفْعَلُ اللّهُ مَا يَشَاء}، فإن من أهم علامات حسن الخاتمة التي يستدل بها فأي امرىء مات بأحدها كانت له بشارة، منها النطق بالشهادتين عند الموت لحديث (من كان آخر كلامه لا إله إلا الله دخل الجنة) والموت بعرق الجبين لحديث بريدة بن الخصيب- رضي الله عنه-: (أنه كان بخراسان فعاد أخاً له وهو مريض فوجده في الموت، وإذا هو بعرق جبينه، فقال الله أكبر سمعت رسول الله- صلى الله عليه وسلم- يقول: (موت المؤمن بعرق الجبين) (والموت ليلة الجمعة أو نهارها لقوله- صلى الله عليه وسلم- (ما من مسلم يموت يوم الجمعة أو ليلة الجمعة إلا وقاه الله فتنة القبر) وكذلك الموت على عمل صالح من علامات حسن الخاتمة، وثناء الناس على الميت والاستشهاد في ساحة القتال أيضاً، والموت بداء البطن لقوله- صلى الله عليه وسلم-: (ومن مات في البطن فهو شهيد) والموت بالغرق والهدم لقوله- صلى الله عليه وسلم-: (ومن مات في البطن فهو شهيد) والموت بالغرق والهدم لقوله- صلى الله عليه وسلم- في حديث: (الشهداء خمسة: المطعون والمبطون والغريق وصاحب الهدم والشهيد في سبيل الله) وموت المرأة في نفاسها بسبب ولدها، وفيه أحاديث كثيرة أشهرها عن جابر بن عتيك- رضي الله عنه- مرفوعاً (الشهداء سبعة - سوى القتل في سبيل الله - المطعون شهيد والغرق شهيد وصاحب ذات الجنب شهيد، والمبطون شهيد والحرق شهيد الذي يموت تحت الهدم شهيد، والمرأة تموت بجمع شهيدة، والجمع أي تموت وفي بطنها ولد، وكذلك الموت دفاعاً عن المال والنفس، لأحاديث منها: (من قُتل دون ماله فهو شهيد، ومن قتل دون أهله فهو شهيد ومن قتل دون دينه فهو شهيد، ومن قتل دون دمه فهو شهيد).
* ماذا يجري للإنسان حينما تحين ساعة الفراق وتطوى صفحة عمله مما ورد في الأثر؟
- أولاً الخوف مما هو مقدم عليه لأنه لا يدري أيكون قبره روضة من رياض الجنة أو حفرة من حفر النيران، ثانياً الحزن على فراق الدنيا وما خلفه وراءه من مال وذرية، ثالثاً يتمنى الرجعة للحياة الدنيا ليستدرك مافاته من تفريط وتقصير فلا يستطيع، رابعاً تذكر قبائح الذنوب أو المعاصي والخوف من خطرها والمحاسبة عليها، خامساً الخوف من الملائكة فلا يدري أيبشر بروح وريحان ورب غير غضبان أم يبشر بغضب الجبار ويُتوعد بالنار والعياذ بالله، وأهل الإيمان والاستقامة ذكر الله حالهم في كتابه بقوله: {إِنَّ الَّذِينَ قَالُوا رَبُّنَا اللَّهُ ثُمَّ اسْتَقَامُوا تَتَنَزَّلُ عَلَيْهِمُ الْمَلَائِكَةُ أَلَّا تَخَافُوا وَلَا تَحْزَنُوا }وأما الكفار فقد حكى الله عن حالهم في كتابه فقال جل وعلا: {وَلَوْ تَرَى إِذِ الظَّالِمُونَ فِي غَمَرَاتِ الْمَوْتِ وَالْمَلآئِكَةُ بَاسِطُواْ أَيْدِيهِمْ أَخْرِجُواْ أَنفُسَكُمُ الْيَوْمَ تُجْزَوْنَ عَذَابَ الْهُونِ بِمَا كُنتُمْ تَقُولُونَ عَلَى اللّهِ غَيْرَ الْحَقِّ وَكُنتُمْ عَنْ آيَاتِهِ تَسْتَكْبِرُونَ} ففي هذه اللحظة الحاسمة ينقسم الناس إلى قسمين فريق يبشر وفريق يتوعد بالنار.
* هل تروون للقراء بعض قصص الموت ولحظات الاحتضار عند من قمتم بتغسيله ودفنه؟
- يحضرني في هذا المقام قصة حدثت قبل 17 عاما عندما قمت بدفن جنازة رجل يزن أكثر من 160 كيلو، فهذا رجل رحمة الله عليه كان جثمانه كبيرا جداً فلم يدخل في اللحد ولم نستطع تلحيده، فاقترح أحد الإخوان أن نأتي بفأس ونأخذ من اللحد من الجهة العلوية حتى نتمكن من إنزاله باللحد، والله يا إخوان والله يشهد فجأة عندما انصرف الإخوان ليأتوننا بالفأس كنت أنا وابنه في القبر ونضع أيدينا تحت ظهره فجأة أُنزل جثمانه إلى اللحد ونظر إليه ابنه نظرة استغراب ونظرت إليه نظرة ابتسامة أو خوف كيف حدث هذا أسأل الله أن تكون الملائكة أنزلته، وقال ابنه: أبي كان يقرأ يومياً بعد صلاة الفجر جزءا أو جزءين، ولا يخرج من المسجد حتى تشرق الشمس، ووالدي كان همه الأكبر الصلاة.
جنازة أخرى قمنا بدفنها بعد صلاة الفجر فلم يكن حاضر هذه الجنازة سوى 3 أشخاص أنا وأحد المتعاونين في المغسلة وابن هذه المرأة المتوفاة، وكذلك هذه المرأة جسدها كبير، حقيقة كنا في حيرة من أمرنا كيف ننزل هذه، ونحن 3 أشخاص وأنا لا أستطيع النزول نظراً لإصابة في قدمي، فبقي الأخ المتعاون مع ابن هذه المتوفاة- رحمة الله عليها- فقلت لهما استعينا بالله، وكان جثمانها كبيرا سبحان الله أنزلا الجثمان بسهولة حتى أنهما استنكرا ولم يكن الوزن على حجم هذا الجثمان فأنزلاها، الأعجب من ذلك أننا الثلاثة قمنا بدفنها وملأنا القبر بالتراب خلال مدة أقل من 5 دقائق والله لا نعلم كيف حدث هذا، وكانت قصة هذه المرأة- رحمها الله- في شهر ربيع الأول عام 1427ه.
* ما صحة بعض الروايات التي ترد في بعض المحاضرات والأشرطة عن صحة أو سوء خاتمة بعض الناس وموتهم؟
- من شروط المغسل أن يكون أميناً ويستر ما يراه من ملاحظات على الجنازة التي يغسلها، والنبي- صلى الله عليه وسلم- أمر بعدم ذكر مساوىء الأموات ومعاصيهم، وذلك من باب الستر وعدم الفضيحة، لكن ذكر بعض أئمة الاسلام قصصاً في حسن الخاتمة وسوئها كابن القيم في الجواب الكافي مثل قصة من حضرته الوفاة وقيل له: قل لا إله إلا الله وكان قلبه منشغلا في الدنيا في البيع والشراء فكان يقول المحتضر: بعْ ب20 درهماً بع ب30 درهماً، وكذلك قصة لشاب كان مولعاً بالطرب لما نزل عليه الموت قيل له: قل لا إله إلا الله قال: دندنه دندنه، وأما قصص حسن الخاتمة فهي كثيرة في سير أصحاب النبي -صلى الله عليه وسلم- وأئمة الإسلام كالإمام أحمد والإمام البخاري والإمام النووي، ولكن ما ينبغي التنبيه عليه أن بعض القصاصين توسعوا في ذكر هذه القصص دون تمحيص وتثبت في صحة سندها فكل مسؤول عما قال، وسيسأل عما قاله وشهد به.
* ما المواقف المؤسفة التي تقع بين بعض ذوي المتوفين وما أبرز أسباب الموت؟
- حقيقة أكثر أسباب الوفاة كانت في حوادث المرور وبعضها تكون حوادث بشعة نسأل الله العافية، ووفيات الرجال حسب الإحصائيات التي لدينا هي أعلى بكثير من وفيات النساء، وأما المواقف التي تقع بين ذوي المتوفين فهي كثيرة ومنها أني قمت على جنازة مقتول، وقد ذكر لي أحد إخوانه سبب قتله بطريقة بشعة، حيث أن أخ القتيل اختلف معه على تسديد فاتورة الكهرباء ايهما يدفعها ثم أخذ شقيق القتيل ساطوراً وضرب به رأس أخيه حتى شقه نصفين، وقلت: لعله في غير وعيه، ولكن تبين أن هذا الامر غير صحيح، وعفا أصحاب الدم الذين هم الأب والأم والإخوة والأخوات عن ذلك الجاني الذي قتل أخاه فحضر دفن أخيه- رحمه الله- وكان منظراً قمة في المأساة، القاتل وهو يدفن أخاه المقتول وتحت يديه أبناؤه يبكون منظر حقيقة لا أنساه...
* ما أحوال الناس في القبر؟
- هذه الليلة شكا منها الحكماء وخاف منها العلماء، وبكى منها الصالحون فالقبر أول منازل الآخرة، وفي أحوال الناس في القبر نقرأ حديث البراء بن عازب الذي فيه دليل على حضور الملائكة عند المحتضر حال احتضاره فإن كان صالحا، نزلت عليه ملائكة الرحمة وبشرته بالجنة قبل قبض روحه بسهولة وبلطف وسكون، ثم تصعد إلى الملأ الأعلى والقبول عند الله عز وجل، أما المنافق أو الكافر، إذا احتضر رأى من العذاب ألواناً من الإهانة سواء عند خروج روحه أم عند صعودها إلى السماء.
* كيف نستعد لدار الآخرة ووداع الدنيا واستقبال الآخرة
نستعد للدار الآخرة بما أمرنا النبي- صلى الله عليه وسلم- وقد قال لأصحابه، الكيس من دان نفسه وعمل لما بعد الموت، والعاجز من اتبع نفسه هواه، وتمنى على الله الأماني، وعلى العبد الصالح أن يستعد لهذا اليوم العظيم بالأعمال الصالحة والاستقامة على الدين، وأن يبتعد عن المعاصي وأن يحذر منها، لكيلا يختم له بسوء الخاتمة، وأن يعرض عن الدنيا والتوسع فيها. ذكر أن رجلاً من الصالحين كان يخرج كل ليلة في الهزيع الأخير من الليل يقف على سور المدينة وينادي بأعلى صوته: (الرحيل الرحيل يُذكر الناس النيام بهذا المصير المحتوم ويكررها مرات ومرات في كل ليلة، وفي ذات يوم انقطع هذا الصوت الذي اعتاد الناس أن يسمعوه فسأل عنه الأمير فقيل هو ذاته رحل إلى الله عز وجل فقال: ما زال يلهج بالرحيل وذكره حتى أناخ ببابه الجمال وليحيى بن معاذ قول جميل يقول الناس ثلاثة: رجل شغله معاده عن معاشه ورجل شغله معاشه عن معاده، ورجل مشتغل بهما جميعاً، فالأولى درجة الفائزين، والثانية درجة الهالكين والثالثة درجة المخاطرين، قال التابعي الجليل إبراهيم النخعي كنا إذا حضرنا جنازة أو سمعنا بميت عرف فينا أياماً، لأننا عرفنا أنه قد نزل به أمر سيصيره إلى جنة أو إلى نار، وفي هذه الايام يدفن الاموات والناس يتبايعون فوق القبر أو يسألون عن أخبار بعضهم بعضاً، وكأن الموت لا يعنيهم، وكأنهم لا يصيرون إلى مثل هذه الحفرة في يوم من الأيام، فلابد أن يتذكر العبد دائماً الموت ليستعد من خلاله إلى استقبال الآخرة وإن من أراد أن يستعد للآخرة لا يطلب الدنيا ويحرص عليها حرصاً عظيماً، فقد ضمن الله له الرزق، ولم يضمن له الأمن يوم القيامة، إلا إذا أخلص لله الدين والعبادة، والذي ينشغل بالدنيا وينسى الآخرة والاستعداد لها سيؤخذ على حين غرة ولا تنفعه الندامة حينئذ، فالمؤمن في عمل دؤوب بالاستعداد للموت ووداع الدنيا بعمل عظيم وقربات كثيرة، فكان سفيان الثوري- رحمه الله- من شدة تعلقه بالآخرة واشتغال فكره بها كأنه جاء منها ليحدثك عنها يقول أبو نعيم: كان سفيان إن ذُكر بالموت لم ينتفع به أياماً، ويقول عنه ابن مهدي ما عاشرت في الناس أرق منه، ما كان ينام إلا أول الليل، ثم ينتفض فزعاً مرعوباً ينادي: النار النار شغلني ذكر النار عن النوم والشهوات.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.