فجعت البلاد بوفاة عالم جليل وداعية كبير امضى حياته في العمل الدعوي وخدمة كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم انه ابو عبدالله فضيلة الشيخ عبدالرحمن الفريان الذي ودع هذه الدنيا الفانية بعد حياة حافلة بالجد والعطاء والترحال في سبيل نشر الخير والدعوة الى الله بالحكمة والموعظة الحسنة واذا ما ذكر الشيخ/ عبدالرحمن الفريان ذكرت جهوده العظيمة واعماله الجليلة المتمثلة في قيام الجمعيات الخيرية لتحفيظ القرآن الكريم بالمملكة حيث كان لفضيلته السبق في انشاء هذا العمل العظيم وهذا الصرح الشامخ وهذه الشجرة الوارقة المباركة التي نتفيأ ظلالها ونقطف من ثمارها ان جهود فضيلته في هذا المجال مشهورة ومشكورة فقد بذر بذرة خير وسقاها بجده وجهده واجتهاده فآنت اكلها باذن ربها واصبحنا نرى في كل مسجد حلقة قرآنية او حلقات يجتمع فيها ابناؤنا على مائدة القرآن ينهلون من معينه العذب ويتخلقون بأخلاقه فتخرج منهم مئات الحفظة ولم يقتصر ذلك على الذكور بل امتد الخير ليشمل الاناث فانتشرت دور القرآن الكريم ومدارس التحفيظ النسوية وصار لها اثرها الكبيروتأثيرها البالغ.. وهذه الاعمال واحدة من جهود فضيلة الشيخ المجاهد عبدالرحمن الفريان فهنيئا له هذه الأعمال الصالحة والجهود المباركة.. والشيخ رحمه الله داعية متميز قضى حياته كلها في الدعوة الى الله يجوب البلاد شرقا وغربا وشمالا وجنوبا بنشر الخير ويسعى الى توجيه الناس وارشادهم وكم مرة اتصل بي فضيلة شيخي رحمه الله ليبلغني بأنه سيسافر الى منطقة او مدينة او قرية عارضا على استعداده لزيارة وحداتنا ومنسوبينا الموجودين في المنطقة وكنت اسر وافرح باتصاله واسارع في ترتيب محاضرات ولقاءات لفضيلته لما اعلمه من صدق الرجل واخلاصه ومحبة الناس الى سماع احاديثه ووعظه وتوجيهاته.. وكان رحمه الله يخجلني كثيرا بتواضعه الجم وادبه الرفيع عندما يتصل بي بين الحين والآخر مسلما او مهنئا بمناسبة من المناسبات مع ان الحق له هو ولكنه تواضع الكبار واخلاق العلماء. واذكر لشيخنا الجليل رحمه الله انه لايستعجل في اموره فاذا بلغه امر من الامور يحتاج الى انكار او مناصحة فانه يتصل بي مستفسرا عن حقيقة ماسمع راغبا في التثبيت قبل ان يخطو الخطوة التالية. ولا انسى ذلك اليوم الذي اتصل بي فضيلته طالبا مقابلة صاحب السمو الملكي الامير عبدالله بن عبدالعزيز وذلك قبل الموعد الذي حدده هو رحمه الله بساعة فتم له ما اراد واستقبله صاحب السمو احسن استقبال وطلب من سموه ان يجلس معه على انفراد فوافق سموه على طلب الشيخ وخرج الشيخ من عند سموه بعد عشرين دقيقة في لقاء خاص مختصر خرج وهو يلهج بالثناء والدعاء لولاة الامر يدعو لهم بالتوفيق والسداد. ومن المواقف التي لن انساها ذلك الموقف الرائع الذي يؤكد على اخلاق علماء هذه البلاد وتواضعهم واحترام بعضهم بعضا فقد كنت ذات يوم في مجلس سماحة مفتي عام المملكة جئته مهنئا بمناسبة عيد الفطر فدخل علينا فضيلة الشيخ/ عبدالرحمن الفريان فقام سماحة المفتي لاستقباله وتقدم خطوات فسلم على الشيخ عبدالرحمن وقبل رأسه فقلت في نفسي سبحان الله مفتي البلاد على مكانته وجلالة قدره يفعل ذلك ولكنني لم استغرب منه هذا التصرف فهي اخلاق علماء هذه البلاد، وقد وجدت فرصة ذات يوم فشكرت سماحة المفتي على هذا العمل الرائع والتصرف الجميل فقال حفظه الله للشيخ عبدالرحمن مكانة كبيرة نجله ونحترمه لسنه وفضله وعلمه وجهوده الدعوية المتواصلة.. حفظ الله الاحياء ووفقهم ورحم الله الاموات واسكنهم فسيح جناته. رحمك الله يا ابا عبدالله ونسأل الله ان يجزيك على ما قدمت وان يجمعنا معك في الفردوس انه سميع مجيب و(إنا لله وإنا إليه راجعون).