سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.
الإيجابيات: جذب رؤوس الأموال الأوروبية إلى الدول العربية وتأمين العملات العربية من مخاطر التهريب والمضاربة والهجرة السلبيات: فقدان البنوك المركزية العربية قرارها النقدي والتخوف من تحكم البنك المركزي الأوروبي في القرار النقدي للدول العربية
دعا خبراء الاقتصاد المصريون الحكومات العربية إلى ربط العملات العربية باليورو بدلا من الدولار الذي يرتفع مقابل العملات العربية، خاصة بعد أحداث 11 سبتمبر ثم الحرب الأمريكية ضد العراق، وكذلك إضعاف الدولار الذي تتحكم أمريكا من خلاله في اقتصاديات الدول العربية. وقد هبط الدولار إلى أدنى مستوى له في 3 سنوات أمام اليورو قبل الحرب ضد العراق، ويتعرض لضغط مستمر منذ أوائل ديسمبر 2002م، حيث فقد نحو 8% من قيمته أمام اليورو، كما ارتفع اليورو أمام الين مسجلا أعلى مستوى منذ 3 سنوات ونصف سنة في أواخر معاملات آسيا هذا العام قبل الحرب ضد العراق وعززه عمليات شراء من المستثمرين الباحثين عن ملاذ آمن قبل نشوب حرب العراق. وقال الخبراء إن قوة اليورو أمام الين ترجع إلى حد كبير إلى شراء المستثمرين اليابانيين السندات المقومة باليورو. وهذا يعني أن حدوث أي توترات في الولاياتالمتحدةالأمريكية ينعكس سلبا على الدولار وبالتالي على العملات العربية المرتبطة به. ويرى الخبراء أن لربط العملات العربية باليورو إيجابيات عديدة مقابل بعض السلبيات، مما يتطلب سعي الاقتصاديين العرب إلى البحث عن رؤية شاملة لكل سلبيات وإيجابيات اليورو على السياسات النقدية والضريبية، وهو ما يجب مراعاته في اتفاقيات الشراكة الموقعة أو التي ستوقع بحيث لا تقتصر فقط على الاتفاقيات التجارية والنقدية والمالية وحركة رؤوس الأموال وإنما تكون شاملة وعامة. وحول مزايا تثبيت العملات العربية باليورو يؤكد علي نجم محافظ البنك المركزي المصري الأسبق أن المزايا المحتملة لربط العملات العربية باليورو تتمثل في تنحية كل أنواع المضاربات الناتجة عن التخفيضات التنافسية لعملات بعض الدول الأوروبية مما يؤدي إلى تشجيع الاستثمارات المباشرة، حيث يؤكد الواقع أنه حتى الآن فإن الاستثمارات المباشرة والاستثمارات في الأوراق المالية والقروض المصرفية الأوروبية في البلاد العربية مازالت هامشية، وبالتالي فإن تثبيت العملات العربية باليورو يعطي للمستثمر الأجنبي قدرة على اتخاذ قراره على أسس موضوعية، وتجتذب رؤوس الأموال الأوروبية الخاصة إلى الدول العربية، مما يساعدها على تمويل مديونيتها العمومية والخاصة. انفتاح القطاع المالي العربي على السوق المالية الأوروبية ويضيف أن ربط العملات العربية باليورو من شأنه أن يؤدي إلى انفتاح القطاع المالي العربي على السوق المالية الأوروبية الموحدة، الذي يرفع بدوره من مستوى هذا القطاع تحديثا وإصلاحا وزيادة في السيولة، خاصة أن الأسواق المالية العربية مازالت في معظمها أسواقا بدائية، إضافة إلى تأمين العملات العربية من مخاطر التهريب والمضاربة والهجرة، خاصة في حالة تحويلها إلى عملات قابلة للصرف الكلي. دعم ثقة المستثمرين الأجانب والمحليين ويرى محمد حسنين مدير عام قطاع الأوراق المالية في البنك الأهلي المصرى أن ربط العملات العربية باليورو يدفع السلطات النقدية العربية إلى الضغط على الأسعار وعلى العجز المالي الحكومي وعلى المديونية، مما يدعم ثقة المستثمرين الأجانب والمحليين في الاقتصادات العربية. مشيرا إلى أنه إذا حاولنا تنزيل تحليلنا على بعض الأقطار العربية فإن مصر مثلا تعتبر أن التعامل باليورو سيؤدي إلى زيادة الطلب على السلع المصرية وسهولة انتقالها داخل دول الاتحاد الاقتصادي والنقدي الأوروبي، وذلك نتيجة انخفاض تكلفة المعاملات الخارجية سواء التجارية أو المالية، وكذلك سيؤدي استقرار اليورو إلى تسهيل انسياب السلع المصرية إلى السوق الأوروبية، لأن كل زيادة بمقدار 1% في الناتج المحلي الإجمالي للاتحاد الأوروبي تؤدي إلى زيادة الصادرات المصرية بنسبة 1% وزيادة الناتج المحلي المصري بمقدار 1 ،0%. وأضاف أنه لو أخذنا المثال السوري، فإن الليرة السورية مربوطة بالدولار وهي العملة نفسها المقوم بها الجزء الأكبر من ديون سوريا الخارجية، وهذا يعني أن قيام الوحدة النقدية سيفتح آفاقا واسعة أمام المصدرين السوريين، لأن كل زيادة بمقدار 1% من الناتج المحلي الإجمالي لهذه المجموعة يؤدي إلى نمو في الصادرات السورية بنسبة 1,5% وزيادة الناتج المحلي الإجمالي لسوريا بمقدار 4 ،0%. وفيما يتعلق بدول شمال أفريقيا يرى محمد حسنين أن أي زيادة بمقدار 1% من الناتج المحلي لدول الاتحاد الأوروبي من شأنها أن تؤدي إلى زيادة في الصادرات التونسية بنسبة 1,9%. أما من ناحية الناتج المحلي الإجمالي لتونس فمن المحتمل أن يزداد بمقدار 6 ،0%. وبالنسبة لدول الخليج العربي فإن صادراتها غير النفطية المتجهة إلى بلدان أوروبا الغربية تشكل 13% من إجمالي صادراتها، ومبدئيا فإن حجم الصادرات لن يتأثر كثيرا إلا أنه في ظل تقلبات أسعار صرف اليورو مقابل الدولار يمكن أن تؤدي إلى تغيرات كبيرة في التجارة الخارجية لهذه الدول وعليها مواجهة ذلك علما بأن اليابان تستحوذ على 77% من إجمالي الصادرات الخليجية وأمريكا على 11%. مخاطر تثبيت العملات العربية باليورو في المقابل يرى خبراء آخرون أن هناك آثاراً سلبية لربط العملات العربية باليورو الذي يعتبر عملة موحدة ل11 دولة أوروبية ليست بالضرورة لها علاقات اقتصادية كبيرة مع الدول العربية. ويدلل محسن الخضيري الخبير المصرفي على ذلك بأنه إذا ما أخذنا مثلا بلدا عربيا تربطه علاقات تجارية ومالية مع نصف دول الاتحاد الأوروبي وترتبط عملته المحلية بالعملات الوطنية لهذه الدول وكانت علاقاته محدودة مع بقية دول الاتحاد الأخرى، فإن ربط عملته الوطنية بال«يورو» قد تنجم عنه أضرار لعدم وجود روابط اقتصادية لهذا القطر مع البلدان الأخرى، كما أن آفاق توسيع الاتحاد الاقتصادي والنقدي الأوروبي ليشمل كلا من المملكة المتحدة والسويد والدنمارك واليونان في مرحلة أولى، ثم في مرحلة لاحقة جزيرة قبرص، كذلك بعض دول أوروبا الوسطى والشرقية سيجعل من الاتحاد تكتلا يضم ما يزيد على عشرين دولة لا تربطها جميعا بالدول العربية علاقات تجارية ومالية. ويشير إلى أن فقدان البنوك المركزية العربية قرارها النقدي يعد من الآثار السلبية لربط العملات العربية باليورو حيث قد يؤدي ذلك إلى تحكم البنك المركزي الأوروبي في القرار النقدي للدول العربية، لأن اليورو يخضع لاعتبارات وأهداف داخلية خاصة بالفضاء الأوروبي مثل التشغيل وحماية بعض النشاطات التقليدية، وفي هذه الحالة فإن اليورو يميل إلى أن يتخلى عن هدفه الأساسي المتعلق بالاستقرار النقدي واستقرار الصرف ليكون أداة لخدمة بعض الأهداف الاجتماعية والاقتصادية بالفضاء الأوروبي مما يؤدي إلى إضعاف القدرة التنافسية لبعض المنتجات غير الأوروبية، وعليه فإن ربط العملات العربية بال«يورو» يعني تحكم أوروبا في الإنفاق الاستثماري والإنتاجي والإداري للبلدان العربية تحكما كليا. كذلك فإن ربط العملات العربية باليورو يتطلب من البنوك المركزية العربية الاحتفاظ بأرصدة ذاتية بالعملة الأوروبية الموحدة تكون كافية لتغطية الكتلة النقدية المتداولة وكذلك لتمويل احتياطي الطوارئ في حالة المخاطر المتعلقة بالمضاربة والتقلبات النقدية.