مسابقة الملك عبدالعزيز الدولية لحفظ القرآن الكريم وتجويده وتفسيره في عامها الخامس والعشرين إنها حقاً مناسبة إسلامية عالمية يستشرف لها المسلمون في أرجاء الأرض ليشاهدوا أبناءهم ممثلين لمعظم دول العالم الإسلامي والأقليات الإسلامية يجتمعون في مكةالمكرمة بلد الله الحرام ليتنافسوا في أشرف مجال ويتسابقوا على الفوز بالمراكز الأولى ليس لأمر من أمور الدنيا ولكن لترتيل وتجويد وتفسير القرآن الكريم، مناسبات قلائل تلك التي يجتمع فيها أبناء العالم الإسلامي وتزداد روابطه وتتوثق عراه لتجسد التعاون المطلوب بين المسلمين وكم نحن بحاجة إلى مثل هذه اللقاءات الإسلامية الخيرة التي تلتئم فيها الصفوف وتتوحد الكلمة وتلتف الجموع حول دستورنا العظيم القرآن الكريم نبراس هذه الأمة ومعجزتها ونورها وهداها وسر سعادتها وقد تكفل الله سبحانه وتعالى لمن قرأه وعمل به ألا يضل في الدنيا ولا يشقى في الآخرة والخير كله في تدبر القرآن وتعلمه وفهمه والعمل بما فيه وأهل القرآن العاملون به هم أهل الله وخاصته وهم خير أمة سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم كما أخبر بقوله (خيركم من تعلم القرآن وعلمه). وهذه أيام مباركة يجتمع فيها هؤلاء الفتية الذين آمنوا بربهم وزادهم هدى وخيراً كثيراً بأن شرفهم بحفظ كتابه والاعتزاز بأن يكونوا متميزين وماهرين متقنين لحفظه وضبطه، هي لوحة مشرقة وصورة معبرة تنقلها وسائل الإعلام للعالم ليدركوا قيمة القرآن الكريم عند أهله ونفاسته وقدره بينهم، ولهذه المسابقة أثر معنوي ملموس ولعل رصد مشاعر المسلمين في أكثر من دولة وتسجيل انطباعاتهم عن المسابقة وآثارها سيوضحان ما يعنيه هذا الحدث. إنه بلا شك حدث إيماني لم يكن ليكتمل ويستمر عبر هذه السنين الطويلة لولا توفيق الله عز وجل بأن سخّر له رجالاً يبذلون الجهد والمال والرأي والمشورة ليخدموا القرآن الكريم ويسهموا في نشره والعناية به وحفز الناشئة للإقبال على تلاوته وحفظه وتجويده ورصد الجوائز السخية للفائزين، وولاة أمرنا وفقهم الله منذ عهد المؤسس الملك عبدالعزيز (رحمه الله) وهم لا يألون جهداً ولا وقتاً ولا مالاً دون كتاب الله فهو الدستور وهو المعظم وهو الذي يبذل لأجله الغالي والنفيس وليست العناية مقتصرة على المسابقة وإنما هي صورة مشرقة من تلك العناية ومشهد يعبر عن غيره ومجالات العناية الأخرى كثيرة ومتعددة كالنهر الذي تتفرع روافده يميناً وشمالاً ليعم الخير ويزداد. إن ما نشاهده اليوم من تظاهرة قرآنية مباركة بذل في تحقيقها الكثير وسخرت لها طاقات وإمكانات كبيرة وكوادر بشرية كثفت أعمالها للإعداد والتجهيز وتهيئة كل ما من شأنه إيجاد الراحة والجو المناسب للمتسابقين وهنا نشيد بالدور الكبير لمعالي الشيخ صالح بن عبدالعزيز بن محمد آل الشيخ وزير الشؤون الإسلامية والأوقاف والدعوة والإرشاد لاهتمامه الشخصي والأمانة العامة للمسابقة لجهودهم المتواصلة واهتمامهم بالمسابقة وفرسانها وشحذ الهمم وبذل الطاقات للإعداد والتنظيم منذ الخطوة الأولى وحتى عودة المتسابقين إلى ديارهم غانمين فرحين بهذه التجربة وزيارتهم المدينتين المقدستين مكةالمكرمة والمدينة المنورة ودونتها عقولهم وأفئدتهم وترسخت في مخيلتهم. وهذه مناسبة نشيد فيها بإنجازات حكومتنا الرشيدة في مجال خدمة الإسلام والعناية بالقرآن وعلى رأسهم خادم الحرمين الشريفين الملك فهد بن عبدالعزيز وصاحب السمو الملكي الأمير عبدالله بن عبدالعزيز ولي العهد نائب رئيس مجلس الوزراء رئيس الحرس الوطني وصاحب السمو الملكي الأمير سلطان بن عبدالعزيز النائب الثاني لرئيس مجلس الوزراء وزير الدفاع والطيران والمفتش العام حفظهم الله وسدد جهودهم ووفقهم إلى الخير دائماً_ وأهل هذه البلاد المباركة التي اختارها الله لتكون أرض الحرمين ومهبط الوحي ومهوى الأفئدة فلهم حب وشغف بخدمة القرآن الكريم والترحيب بإخواننا المسلمين بيننا وهي صفات يشترك فيها الحاكم والمحكوم والكبير والصغير ونسأل الله عز وجل أن يديم علينا نعمه ويوفقنا لخدمة كتابه على الوجه الذي يرضيه.