يلتقي الإنسان في حياته بنماذج فذة من الرجال الأخيار الذين ساروا على نور من الله وجعلوا سنة رسوله صلى الله عليه وسلم هي نهج حياتهم وتعاملهم مع الناس فترسخ في ذاكرته صفاتهم ويستقر في وجدانه مسلكهم ويبقى في نفسه الذكر الحسن عنهم والصدى الطيب لهم ومن هؤلاء الفضلاء الشيخ/ سعد بن عبدالعزيز بن محمد (أبوحبيب) الشثري رحمه الله رحمة واسعة والذي انتقل إلى جوار ربه في يوم الأحد 19/6/1424ه الرجل الذي مَنَّ الله تعالى عليه بالأخلاق الكريمة والصفات الحميدة من الدين والكرم والتواضع والرجولة والشيم العربية الأصيلة التي عرفت بها هذه الأسرة العريقة منذ القدم والتي يتصف بها هذا الرجل الفذ وقد نشأ وترعرع في كنف والده العلامة الشيخ/ عبدالعزيز (ابوحبيب) الشثري رحمه الله ونهل منه الصفات الكريمة من العلم والدين وشيم الرجال ومكارم الأخلاق مما أكسبه حب أسرته ومجتمعه المحيط به وليس أدل على ذلك من تلك الجموع الغفيرة التي توافدت للتعزية فيه رحمه الله وعندما سمعت الخبر من أحد الأقارب رجعت بي الذاكرة إلى ذلك الوجه الذي يتسم بالسماحة والعطف والرفق ولين الجانب الذي طالما عهده فيه من عرفه واجتمع به وما دفعني لكتابة هذا المقال ما رأيته بأم عيني ورآه الكثير غيري من لطف وكرم وبشاشة في محياه لكل من يفد إليه في منزله أو في المزرعة حيث كان واجهة وسنداً لمعالي الوالد الشيخ/ ناصر أبو حبيب سلمه الله حيث كان يستقبل الناس من حاضرة وبادية ويستمع إليهم ويسألهم عن أحوالهم وحلالهم وكل منهم يستعجل ويلح في حاجته لدى الشيخ وكانوا يجدون أسارير البشر والبشاشة وسماحة الخاطر في وجهه ويردد مقولته رحمه الله: (بتسهل إن شاء الله). فعن جابر رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «من أخلاق النبيين والصديقين البشاشة إذا تراءوا والمصافحة إذا تلاقوا» فتجده يسأل عن الصغير والكبير ويلح عليهم بعدم الذهاب إلا بعد الغداء ويصبر على متطلباتهم إما بالشفاعة لدى الشيخ أو يطلب الوجاهة في شيء ما ومن أحد المواقف التي رأيتها كنت ذاهباً للسلام على الشيخ وكنت جالساً بجانبه وكان يتحدث في الهاتف حتى أقبل عليه أحد من الأشخاص في مقتبل العمر وكان الشيخ مشغولاً بالحديث في الهاتف وكان ذلك الشاب يطلب مساعدة مالية من الشيخ ويستعطفه لمساعدته فما كان من أحد الحاضرين إلا أن قام بنهر ذلك الشخص ثائراً في وجهه وقال له: ألا تستحي أنت شاب قوي معافى عليك بالبحث عن عمل خير لك من استجداء من تعرف ومن لا تعرف فما كان من الشيخ/ سعد رحمه الله إلا أن قال: يا فلان هل تعرف هذا؟ قال: لا قال: هل تعرف ظروفه المادية؟ قال: لا قال: إذاً لا تتكلم عليه فللبيوت أسرار وكل إنسان يحتاج وأنت أعطه ما تيسر لوجه الله {وّأّمَّا السَّائٌلّ فّلا تّنًهّرً} فما كان من الحضور إلا أن قاموا بالدعاء للشيخ على كلامه وموقفه الذي سيجده في الدار الآخرة إن شاء الله وها هو يجني مازرعه في دنياه من طيب وكرم وتواضع وذلك بالدعاء له بالمغفرة والرحمة لمن عرفه. في مثل هذا الموقف يتبين لك معدن الرجال وأصالتهم وتقديرهم للأمور إننا في زمن وفي بلد لا يعدم فيه أهل الخير إن شاء الله ولكن الرجال معادن ليسوا على وتيرة واحدة وهذا هو أحد الرموز لهؤلاء الرجال الأوفياء لدينهم ووطنهم الذي افتقدناه ولقد أجاد القائل بقوله: لا هنت يا شيخ شكا فقد الأحباب ما أحد يلومك في فراق الضنيني ترثي ويرثيه القرايب والأجناب شيخ كسب طيبه بمد اليميني شيخ تعلا بالكرم رأس مرقاب عوايده ذبح الخروف السميني ملفى لمن هو يشكي الضيم منصاب ضامه زمانه ما لقى له عويني مرحوم يا منصى النشامى والأقراب له مجلس فيه النشامى قطيني يا ناصر المنعور فكاك الأنشاب مواقفك وقت الشدايد تبيني منتب جزوع وحكمة الله لها أسباب واصبر ترى الجنة جزا الصابريني الله كتب كل المقادير بكتاب وما للخلايق غير ربك يعيني يا الله عساه لجنة الخلد كساب ويمد في عمرك سنين وسنيني