تلقيت خبر وفاة الشيخ الفاضل عبدالرحمن بن عبدالله الفريان قرب بيت الله الحرام فمرت في خاطري صفحات جميلة من حياة هذا الشيخ الجليل عندما كنت صبياً يذرع الأرض ويسابق الخطوات يوم الجمعة لسماع الخطبة الجهورية التي يلقيها فضيلته في مسجده بالشارع الذي يحمل اسم عائلة الفريان قرب مجمع المحاكم بالرياض، فقد كان رحمه الله خطيباً مفوهاً وجهورياً ومؤثراً فلا عجب إذا رأيت في الشارع في غير يوم الجمعة شاباً يردد مقاطع من خطبته بصوت جهوري مقلداً له ولا سيما ان عدد الخطباء المتميزين في ذلك الوقت كان قليلاً يضاف إلى ذلك ما تميز به الشيخ من عبارات سهلة وجذابة تستلطفها الآذان وتحفظها الأفهام. الموت مكتوب على كل حي {لٌكٍلٌَ أّجّلُ كٌتّابِ}، {إنَّكّ مّيٌَتِ وّإنَّهٍم مَّيٌَتٍونّ} والمؤمن عند المصيبة لا يصدر منه ولا يقول إلا ما يقوله الصالحون {إنَّا لٌلَّهٌ وّإنَّا إلّيًهٌ رّاجٌعٍونّ}، والشيخ الفاضل قدم أعمالاً جليلة لدينه وأمته ووطنه ولا سيما في مجال دعم جمعيات تحفيظ القرآن الكريم وحفظته حيث يرأس فرع الجماعة الخيرية لتحفيظ القرآن الكريم بمنطقة الرياض وهو مؤسسها فمن حقه ان يذكر ويدعى له فالأمة الصالحة لا تنسى علماءها الأجلاء. الشيخ ابن فريان رحمه الله من جيل أقبل على العلم بكليته واستفرغ جهده فيه مثنياً ركبتيه في مجالس العلماء الجهابذة ثم نحسبه ولا نزكي على الله أحدا أخلص في تبليغه.وبحكم صلة القرابة التي تربطني بفضيلته فقد كان رحمه الله من أشد الناس براً بوالديه ومن أحرصهم على صلة قرابته فوق ما عرف عنه من بشاشة وتواضع وحسن خلق وحفاوة عند اللقاء وحرص على السعي في حاجة محتاج أو التنفيس عن مكروب أو الشفاعة لمستحق. رحمك الله أبا عبدالله فقد كنت من الرجال الأفذاذ الذين تفقدهم الأمة عند غيابهم كما يفقد الناس الشمس إذا طال مغيبها وأحسوا بحاجتهم إلى دفئها. أسأل الله العظيم أن يخلفك على ذويك ومحبيك بالعقب الصالح من ذرية ومن طلبة علم وان يخلفهم عليك بالجنة وان يجمعنا بك ووالدينا في أعلى عليين مع الذين أنعم الله عليهم من النبيين والصديقين والشهداء والصالحين وحسن أولئك رفيقا. وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.