كما هو معروف في جميع بلدان العالم تُحترم المرأة في الأماكن العامة إذا ما التزمت حدود الحشمة والأدب المتعارف عليها في ذلك المجتمع. إلا في مجتمعنا فمجرد وجود امرأة في الطريق فهذا يعني أنها مستباحة، وقابلة للتحرش، وهذه الظاهرة جديدة وطارئة صاحبت التجمعات المدنية، بدليل أن جداتنا في السابق كن يذهبن فيقضين أمورهن من رعي وسقي وزراعة ودون أن يترصد بهن مترصد، إذ في السابق كانت النسوة (شقائق الرجال» بنت فلان أو أخته أو زوجته ووجودها في الأماكن العامة لا يجعلها تتعرض للمضايقة أو التحرش. إذاً تتحول القضية إلى صورة المرأة وإيحاءاتها في اللاوعي الجمعي، وكيف يراها البعض طريدة قابلة للاقتناص؟؟ فالإطار العام الذي يؤطرها يجعلها كائناً معوقاً بحاجة للحماية والوصاية الدائمة، بحيث لا تمتلك خيارها الخاص بالفضيلة، ذلك الخيار الذي منحها إياه الإسلام في العديد من الآيات التي تأتي على ذكر المؤمنين والمؤمنات والذاكرين والذاكرات والساجدين والساجدات، وجميع الأوصاف الكريمة من آيات ونعوت تمنحها تمام الأهلية. ولربما معالجة هذا الأمر (كظاهرة مفجعة لدينا لا سيما من قبل المراهقين) لن يتم عبر يوم وليلة فجلد المعاكسين قد يستفز كوامن الغضب والنقمة ويستحث المزيد من العنف الموجه ضد المرأة، بل وثقافة العنف ككل. ولكن آلية التعزيز في الاسلام ترافق فيها الترهيب والترغيب، فإذا اقتصر الأمر على الترهيب أضحت العقوبة ناقصة، فأؤلئك المراهقون الطائشون الذين ما برحوا يتهجون أبجديات الخير والشر ومن الممكن أن تجير طاقاتهم باتجاه مصب الممكن ونحو تيار الوطن. لما لا تكثف الوظائف الصيفية، والأندية الرياضية، جميع هذا يترافق مع خطاب تربوي إعلامي شامل عن كون المرأة أم وأخت وابنة، وليست مشروع اقتناص، وهذا شيء يجب أن تعيه المرأة نفسها لينعكس أيضا على سلوكياتها وثقتها بنفسها، وعن كونها كائن له حق الاحترام والحركة وقضاء الحاجة في الأماكن العامة طالما بقيت في حدود الحشمة والأدب. e-mail:[email protected]