يقوم صوفي حميد جول وهو امام مسجد صغير يعلم القرآن للصغار بكثير من المهام هذه الايام. الى جانب مهامه كعالم دين في بيشاورالمدينةالباكستانية المزدحمة التي لا تبعد كثيرا عن الحدود الافغانية فان لديه 14 فردا من افراد اسرته يتعين عليه اطعامهم. عادت الى منزله اثنتان من بين بناته الثلاث بعد اعتقال زوجيهما في اطار الاجراءات المشددة التي تتخذها باكستان ضد المشتبه بهم عقب هجمات 11 سبتمبر ايلول 2001. والرجلان وهما من افراد عائلة جزائرية واحدة محتجزان حاليا في قاعدة غوانتاناموالامريكية في كوبا بالرغم من براءتهما كما يقول جول. زادت هذه الاعتقالات من المصاعب التي تواجهها اسرة جول.. حيث انه لا توجد اي خدمات صحية في هذا المنزل المتداعي ذي الارضية الطينية والمتاخم للمسجد وهناك اربع اسرة فقط ينام عليها جميع افراد الاسرة. تعيش ابنة جول الثالثة معه منذ عشر سنوات بعد ان اختفى زوجها في افغانستان خلال الحرب الاهلية الدموية التي دارت بين فصائل المجاهدين والتي ساعدت على تمهيد الطريق لصعود طالبان للسلطة عام 1996. قال جول لرويترز بمنزله في بيشاور«لدي قدر محدود جدا من الاموال ولدي مشكلات حقيقية.. لم يتركوا شيئا لاسرهم» في اشارة لزوجي ابنتيه. ساعد جول عدداً محدوداً من خلال تقديم الغذاء والملابس ولكن كان هذا يحدث نادرا خلال الاعياد والاحتفالات.. كانت بيشاور نقطة الانطلاق لآلاف الباكستانيين والعرب الذين يعبرون الى افغانستان للقتال في بادىء الامر في صفوف المجاهدين الذين يكافحون ضد الاحتلال السوفيتي ثم بعد ذلك في صفوف طالبان. والتقى جول لاول مرة بالجزائري ابو رضوان في مدرسة دينية في بيشاور خلال الثمانينات. وقدم رضوان الذي كان متزوجا بالفعل في بلده ولديه اطفال السيد جول وهو الآن في الستينات من العمر الى ابن عمه ابو عبد الله ثم بعدها الى ابنه عادل الجزائري. وبمرور الوقت تزوج الثلاثة من بنات جول. ولكن رضوان اختفى في اوائل التسعينات ومن المحتمل ان يكون قد سقط ضحية لقتال ضار بين فصائل المجاهدين في افغانستان. بعدها اعتقلت السلطات الباكستانية ابو عبد الله في سبتمبر ايلول 2002 والجزائري في يونيو حزيران 2003 للاشتباه في صلتهما بتنظيم القاعدة. ونقل ما يصل الى 50 باكستانيا الى مركز غوانتانامو للاحتجاز بعد ان تمكنت قوات بقيادة امريكية من الاطاحة بحركة طالبان من السلطة في افغانستان في اواخر عام 2001. وتقول باكستان انها اعتقلت اكثر من 400 مقاتل اجنبي من طالبان والقاعدة منذ اعلانها مساندة الحرب التي شنتها الولاياتالمتحدة على الارهاب من بينهم بعض من الشخصيات البارزة في تنظيم القاعدة. وتم تسليم الكثيرين منهم الى السلطات الامريكية. شعر جول بالصدمة والجزع لاعتقال صهريه للاشتباه في صلتهما بجماعات ارهابية. وقال الامام الذي كست وجهه ملامح الحزن «عندما سمحت لهما بالزواج من ابنتي في اواخر الثمانينات كانا ممن يتمتعون بسمعة طيبة ولم اتوقع ان يحدث هذا ابدا». وهو مقتنع انهما ابرياء وأنهما لا تربطهما اي صلة بتنظيم القاعدة. وأضاف «انهما متدينان وورعان». كما ان بنتي جول تعتقدان ان زوجيهما بريئان، قالت زوجة الجزائري البالغة من العمر 26 عاما «كان حتى لا يحب افراد القاعدة بسبب ما كانوا يقومون به». وقالت ان زوجها اتصل بها هاتفيا يوم اعتقاله. وأردفت قائلة «كان يسأل عن حال الاطفال فقط». تلقى جول عدة خطابات من أبو عبد الله تؤكد انه محتجز في غوانتانامو. وقال ان الخطاب الاول كان محبطا للغاية ولكن بو عبد الله يشعر بتفاؤل متزايد في اطلاق سراحه قريبا. ومضى جول يقول «كان يكتب طالبا منا فقط ان ندعو له ليفرجوا عنه، كتب يوما انه يعيش في جحيم».حصلت اسرة جول مؤخرا على آخر خطاب لابو علي من اللجنة الدولية للصليب الاحمر وتلقوا انباء طيبة اخيرا. قال جول وهو يتلو الخطاب «أنا بخير وان شاء الله سيفرج عني». ووصل 11 سجينا باكستانيا الى اسلام اباد قادمين من غوانتانامو في يوليو تموز وهي ثاني دفعة من الباكستانيين التي يفرج عنها. واحتجز اكثر من 600 من 42 دولة في غوانتانامو دون توجيه اي اتهامات اليهم ودون تمكينهم من الاتصال بمحامين منذ اعتقالهم خلال الحملة التي شنتها الولاياتالمتحدة على افغانستان، وأثارت هذه الاجراءات انتقادات حادة من جماعات حقوق الانسان.