عندما يكتب الكاتب ما يجول في نفسه وعندما يصرخ الصارخ بما يراه ويبوح بذكريات ماضية وآهات ممزوجة بتلك الجراح النازفة تجد مرآة المواقع على تلك الزاوية أو صرخة صادقة تخرج من بين أنامل ذلك الكاتب لا يسعك إلا أن تحترمه وتحرص على قراءة تلك الأحرف التي تسطرها زاويته وتزيد من تعلقك بتلك الزاوية وخاصة عندما تجد تلك الملامح قد صيغت بتلك الصيغة الأدبية التي تبهر المتلقي فتتحدث تلك الزاوية عن تلك الطعنات التي تجد أثرها في ذلك الجسد المتهالك فيصور لك ذلك الوقف وكأنك تعيش ضمن سلسلة مشاهدة أو أنك أحد أطراف القضية، ذلك الكاتب يستطيع أن يقلب الموازين فهو يمتلك القدرة على ذلك ولكن تجد أن مصداقيته تجعلك تميز ما بين الغث والسمين ففيه تلك الرائحة الزكية التي تفوح من تلك الأحرف. تلك الأمور نجدها في كتابات الكاتبة تهاني بنت عبدالكريم المنقور تلك الكاتبة التي جعلت من زاويتها اشعاع نور نحرص على متابعته فكل مقال يتميز بتلك المصداقية المنبعثة من آهات من حولها أصبحت كمرآة للقارئ.. ذلك القارئ الذي ينظر إليها بمنظار الرقيب وبعين المحاسب وتلكما النظرتان هما مجس لتلك الأحرف التي تبثها لا من أجل الكتابة بل من أجل البوح التي تميزت به عن غيرها من كتّاب جيلها. «وسام القلم» تلك الزاوية التي مازالت تنبض بالحياة.. تنبض بالأمل لا يعلم الكثير أن هناك من يقف باحثاً عن ذلكم الوسام فوسام القلم كان مرحلة للكاتبة تهاني عاشت فيها محاولة أن تبني لها تلك الشخصية المتميزة بأن تعطي زاويتها ذلك الحب الذي ينبع بالمصداقية مما حدا بي للوقوف مع بعض مقالاتها في مرحلة «وسام القلم» وهي كالتالي: المقطع الأول تقول الكاتبة تهاني: «اتفقنا.. ان النهايات.. ما هي سوى بداية جديدة..! ما هي سوى بداية البدايات.. والنهايات فصل من فصول الحياة..! قد يسدل الستار بعده.. وقد يعقبه فصول أخرى». «ردي عليها: نعم بداية النهاية قد تكون هي بداية الانطلاق ولكن على الوقوف على شفا الهاوية والتقاط الأنفاس هو بداية أيضاً أم لا». المقطع الثاني تقول الكاتبة «الكل وصل.. إلى ما وصل إليه.. وانت لا تزال تعيد رسم ملامح خارطتك في كل زمن تفقد فيه هويتك.. وتبدأ من نقطة البداية.. فتفقد أنت تلك الأنا بداخلك ذاتك وبالتالي تنمحي ملامح خارطتك.. فتتخبط كثيراً.. ثم تعود لنقطة البداية من جديد.. لتنطلق مجدداً.. انطلاقة البدء.. وماذا بعد هل ستصل؟؟ وبعض الكل وصل.. إلى ما وصل إليه بالتسلل على أكتاف ذلك الكل!! فلم يحتج لخارطة ولا لهوية تثبت ما هيته!! لكن كيف وصل! وهل تعتقدون أنه فعلاً وصل.. وصل لما يريد عن طريق قناع صغير.. ومبادئ معلبة.. وقيم خالية من المواد الحافظة..! ويعتقد اعتقاداً يصل به حد اليقين أنه وصل.. في حقيقة أنه لم يصل!!». ردي عليها: «تلك الأقنعة صنعها الانسان وهو يعلم أنها مزيفة ليزيف الحقائق.. تلك الأقنعة أصبح لها موزعون محليون ولكن السؤال هنا.. لماذا هم في ازدياد مستمر رغم تلك الأقلام المنادية بإعدامهم». المقطع الثالث تقول الكاتبة عن ذلك الانسان «لا أبحث عن تلك المدينة الفاضلة!! ولا عن ذاك الانسان المثالي!! لا أبحث عن نظرية جديدة تنادي بالمثالية والفضائل.. كل ما أبحث عنه تلك الانسانية الحقة..!! الصادقة!! ما أبحث عنه هوية الانسان التي افتقدها في أزمان متعددة!! وعن ذلك الضمير الذي طالت اجازته.. فإلى متى الضياع والتخبط أيها الانسان؟! إلى متى.. إلى متى وتلك الأقنعة تحتل الأولوية في تعاملاتنا؟! متى نتنازل عنها حتى نعيش الحياة بملامح نقية.. خالية من أي تعابير مفتعلة ومصطنعة؟!» ردي عليها: «المدينة الفاضلة نادى بها شخص أصبح طي النسيان!! ذلك الانسان يقال إنه من نسج الخيال وأن البشر يستحيل أن يكون من بينهم شخص بهذه الصفات وقد وصفت الكاتبة ذلك الضمير أنه يتمتع بتلك الاجازة التي لا يعلم أحد متى تنتهي.. وأقول والقادم مذهل!! والحزن أكثر!! والنفاق أكبر والمصداقية في ضياع والعالم لن يعبر ذلك النفق المظلم إلا أن ينير كل فرد ما حوله فبذلك يعم النور والضياء أقطاب المعمورة. المقطع الرابع تقول عن السيدة «خسارة» «لماذا نحن الذين نخسر الأشياء؟! لم لا تكون تلك الأشياء أو أولئك الأشخاص هم الذين خسرونا؟! وليس نحن من خسرهم؟ لنكن أكثر عمقاً في تفكيرنا.. ونفكرفي تلك السيدة الكريمة «خسارة» ونرى معها ماذا خسرنا.. ولماذا خسرنا.. ومن خسرنا!! لن أرهق تفكيري.. ولا ترهقون تفكيركم لا تتعجبوا.. فعلاً سأبتعد عن تلك الارهاقات.. وسأبعدكم معي!! وفكروا في.. من انتم الآن؟؟ بعد تلك الخسارة؟؟ على كل واحد منكم أن يغوص في أعماقه ويقول «من أنا الآن»؟؟ من أنا؟؟ بعد كل الذي حملته تلك السيدة «خسارة»!!». ردي عليها: أتعلمين لماذا لأننا بعنا تلك المبادئ التي شربناها عبر العصور في لمح البصر مقابل أن نبقى.. أن نعيش.. أن نستمر في الحياة ولكن وللأسف ها هي تلك الأرواح الميتة تمشي على الأرض تخالطنا تجاوزنا تحاول بشتى الطرق تثبت لنا أنهم أحياء ولكنهم في حقيقة أمرهم أموات بعدم قدرتهم على العطاء وخروجهم إلى ذلك العالم المجهول نتيجة أن السيدة «خسارة» أصبحت معهم بل رفيقة دروبهم.. ولكن ستبقى السيدة الفاضلة «أمل» تمد بعضنا بتلك الطاقة التي يفتقدها أمثال هؤلاء. المقطع الخامس تقول الكاتبة: «ليست كل الأشياء.. تُفهم!!» وليس كل ما حولك لا بد من أن تمارس عليه طقوس الفهم!! فأبجديات الفهم.. لا ترسم في كل ملامح العالم!! ولا تحوي جميع المحابر.. والقرطاس!! ليس كل من كان صاحبك فهمك.. وليس كل من أحببته فهمته!! الفهم.. وابجدياته فلسفة عميقة لا نخرج منها إلا بالارهاقات المرهقة للسيد «الفكر» وحرمه «الذاكرة»!! فلا تتعبوا في عمليات الفهم!! واقتنعوا بأن ليس كل شيء لا بد من أن يفهم!!». ردي عليها:« تلك الأمور الفلسفية تقف أمام ذلك المفترق لتعلن للجميع بأن الفهم هو تلك الصخرة التي ينسكب عليها الماء على مر السنين تلك الصخرة سيخرج منها ذات يوم ذلك النبات الأخضر الذي قد تعصف به تلك الرياح. المقطع السادس تقول الكاتبة :« دعوة لاكتشاف الذات.. وبوح الملامح عن طريق مرآة صغيرة.. فقط قف أمامها.. قل من أنا؟؟ تأمل ملامحك.. عندها ستجد من البوح الكثير.. وربما من القليل بوحاً!!». ردي عليها: «المرآة عندما تقف أمامها ترسل إليك تلك الاشارات الغريبة التي هي انعكاسات لصورتك لذا لن أقف أمامها لأنها ستشوه صورتي وتعكس تلك الحقائق. المقطع السابع تقول الكاتبة تهاني: «أرأيت لقد أصبح ذلك اليافع «العطاء» وذلك السيد «انسان» يحكمهما قانون «من أنت من البشر؟؟» إذا كنت ستعطيني بسخاء وترضخ لقوانيني.. فأنت الرائع!! وان كنت ستعطي وفق مبادئك وقناعات «الأنا العليا» فاسمح لي أنت ستكون كما «طعام معلب» ستنتهي فترة صلاحيتك من مجرد انتهاء حاجتي معك!! لا أبالغ فهذه هي حقيقة من حولنا وما أكثرهم بيننا برائحتهم النتنة!!». ردي عليها: «عندما أقف أمام الغابة أعلم أنني سأدخل في معتركاً مع تلك الكائنات التي تقطن بها ولكن لم أكن أعلم أنني كنت أعيش مع تلك الكائنات إلى أن أخبروني بأن تاريخ صلاحيتي قد انتهى وأنني أصبحت من هذه اللحظة خارج نطاق الحياة. تلك عبارة عن مجموعة قليلة جداً من المرحلة الأولى «وسام القلم» مع بعض الردود عليها وهي ردود أحببت أنم أوجهها للكاتبة المنقور قد تخالف بعضها ما ذهبت إليه الكاتبة ولكن تبقى هي نظريات قابلة للقبول والرفض، وقد يلاحظ القارئ أن الكاتبة أرادت توضيح معالم معينة يستنتجها القارئ من خلال ذلك السرد الأدبي بكل يسر وسهولة وأن تكون تلك المساحة التي تحتلها ذلك القلم الذي أصبح وساماً أو أنه ذلك الوسام الذي تحول إلى قلم فلا أعلم أيتشرف الوسام بالقلم أم العكس، ولكن قد أكون مصيباً عندما أقول بأن تلك الزاوية أصبحت قلماً يصرخ.. قلماً يُرى نوره من بعيد.. ذلكم هو القلم الذي نريد أن يشبع ثقافتنا.. نريده أن يكون تلك الصورة لذلك القارئ الذي يدرك بأنه يعيش مرحلة خطيرة أمام تلك التحديات ولكي يدرك بأن تلك الكاتبة وما تسطره لنا هو بمنزلة طوق النجاة فهي تبعث خطابات من تلك الأحرف منبعها صدقها ممزوجة بتلك الصراحة التي تشبع رغبة القارئ. المرحلة الثانية: «ببغائية مشاعر».. هي نقلة في حياة القارئ قبل الكاتب انتقلت به الكاتبة من مرحلة الدروس المباشرة إلى مرحلة الإنكار لتلك العادات.. تلك العادات التي حولتها إلى شخوص فبدأت بمقال «ببغائية مشاعر» فامتطت ذلك الجواد الجامح بتلك المشاعر وكأنها تقول «كذبتم يا من تدعون تلك المشاعر فمشاعركم زائفة كاذبة.. فلم تسلم منكم حتى المشاعر فقد أشبعتم العالم كذباً.. فاتركوا لنا تلكم المشاعر بلا زيف أو خداع». فالمتعارف عليه أن طائر الببغاء دوماً يردد ما يسمع وكأنك تقف أمام شخص عاقل ولكن في حقيقة أمره انه لا يفقه شيئاً حيث إنه يردد تلك الكلمات وهو يحلق خارج السرب فهماً وعرفاً.. وكنت دائماً لا أجد ذلك الرابط الذي ترمي إليه الكاتبة تهاني المنقور فلم أستطع أن أربط بينهما بشيء غير الهذيان!! ولكن هل كانت الكاتبة تريد ذلك لا أعتقد فالهذيان صفة تجدها حتى فيمن ذهب عقله!! ولكن وبعد عدة محاولات باءت أولاها بالفشل اكتشفت مؤخراً أن هناك رابطاً وعلاقة يربطان بين ذلك الطائر وتلك المشاعر!! ذلك الرابط القوي كان غائباً كل هذه الفترة وبعيداً عنا كل البعد مع أنه لا يغيب عمن ارتوى من تلك المشاعر الببغائية أو كان أحد ضحاياها والغريب أن تلك العلاقة من أقوى العلاقات بين تلك المشاعر وذلك الطائر فالببغاء يحلق عالياً في السماء ويسبح بين الناس ومن صفاته التحليق المنخفض ويبحث عن مكان يأوي إليه وفي الغالب أن الطيور ومنها الببغاء يجعل ذلك المسكن ملجأ له إذا حل الظلام وهو لا يختلف عن تلك المشاعر فهي تسبح في الفضاء حتى إذا وجدت ذلك المسكن الذي تعتقد أنه سيكون مكان آمن لها أسكنت نفسها فيه تتغذى من تلك الشرايين وتنمو فيه كما ينمو صغار ذلك الطائر في عشه الذي اختاره ليكون مهبطاً لصغاره. تهاني والدكتورة خيرية السقاف تقول الدكتورة خيرية إبراهيم السقاف في إحدى مقالاتها عن بعض الكاتبات ومن ضمنهن الكاتبة تهاني المنقور: «تشاكسني بعض الصغيرات اليافعات فأطرب لمشاكساتهن.. ذلك لأن مبعث طربي هو نموهن السريع.. وتطاول سيقانهن جذوع أشجار أحلامنا العريضة في غابة جيل ناضج واع يعرف هدفه، ويتقن وضع قدمه في درب هذا الهدف بحذر، وفهم، ووعي، ونضج.. هؤلاء الجميلات الطامحات لا أدري لماذا أتطلع لأن يقفزن فوق كل الحواجز.. ليس لأن تجربتنا تقافزت الحواجز فقط، بل لأننا وجدنا الوقت الذي تقلب بنا كل موقف، وعاصرتنا كافة المحبطات المثبطات بمثل ما تحقق لنا من الحوافز والدافعيات الكثير.. ربما لأن زمننا أتاح لنا أن نكون كما كنا.. ولكن لأن زمنهن توسعت فيه رقعة المسافات والمساحات، وتزاحمت فيه المناكب والأيدي.. وامتد كثير من الطاولات، ولم تعد فيه منافسة «العمل» و«التفرد».. بمثل ما هي فيه منافسة ما تحت الطاولات.. وما وراء الازدحام.. ولأنني أطمح لهن إلى أن يكنُ ما يردن لا ما يراد لهن.. فاطمة الرومي، تهاني المنقور، البندري العتيبي، مها العتيي، فاطمة باسماعيل، فوزية الحربي، وعبير، وحنين، وسلام، وفاطمة، وجميلة...»انتهى.. عندما ذكرت الدكتورة خيرية تلك الأسماء وأنها تملك تلك القفزات استناداً إلى تلك القاعدة الثقافية أو الجهد المبذل في ذلك العمل أرادت أن تخط تلك الخطوط التي يجب أن يتمتع بها الكاتب وهي بقولها «أطمح لهن إلى أن يكن ما يردن لا ما يراد لهن» تقول ان هناك من يسير تلك الكاتبة أو ذلك القلم أو تلك الزاوية لأمر ما.. ولكن هناك أمر معين يجب أن تدركه الكاتبات أن ذلك القلم أمانة وأن القارئ سيحاسبكم على كل كلمة فاجعلوا ذلك القلم رسالة منكم للقارئ يستشف من خلالها رسائلكن وليس رسائل تملى عليكن. وقفة مع الكاتبة تهاني المنقور عندما يحلق الابداع الأدبي في احدى الصحف وعندما يخرج ذلك الابداع عما عهدناه ثقي بأنها بداية لحياة هي حياة جديدة منبعها تلك الثقافة ممزوجة بتلك البراءة في الطرح يضاف إليها تلك المصداقية التي تخرجنا عن المألوف. وقفة مع جريدة الجزيرة هل سنتابع بوح الكاتبة تهاني كل يوم أحد أم أن بوحها الببغائي سيظل محلقاً.. فنحن ننتظر ذلك البوح فلا تحرمونا منه. * ملاحظة: استخدمت كلمة «وسام المشاعر».. لأمزج بين مرحلتين للكاتبة تهاني بنت عبدالكريم المنقور..