* جدة - خالد الفاضلي - باسم الأحمدي: أحالته الحرب إلى «نجم».. كان طوال سنوات عديدة جزءا من سلطة صدام من خلال المناصب التي احتلها.. لم يفلح في خطف الاضواء كما خطفها ابان الاسابيع القليلة التي استغرقها سقوط نظام صدام حسين.. والسبب ان شخصيته اتضحت بمعالمها الكارزمية خلال مؤتمراته الصحفية اليومية، فكان مؤثرا ومثيرا للانتباه بشكل لافت. «الصحاف» كان ذلك النجم الذي شغل العالم، بل ان «بوش» نفسه وهو يعيش لحظات حاسمة في تاريخه السياسي أبدى «بمرح» شغفه بسماع الصحاف، وقال انه كان يقطع اجتماعاته للاستماع لما يقوله هذا الرجل أثناء مؤتمراته الصحفية الشهيرة. كيف يرى شبابنا السعودي «الصحاف» كشخصية فرضت نفسها خلال الحرب، وما هي مشاعرهم وآراؤهم تجاهه؟ «الجزيرة» أعدت استبانة لاستقصاء الأمر قدمتها الى 1200 شاب سعودي، وجاءت المحصلة الطريفة وفقا لما يلي: فرضية مفقودة.. ونشوة مفتقدة رفض جميع من استقصت «الجزيرة» آراءهم فرضية أن يقدم الصحاف على الانتحار، بل وأبدوا مشاعر الافتقاد لنشوة مشاهدة مؤتمراته الصحفية، حيث انقطعت اطلالته - كما هو معلوم - منذ دخول القوات الانجلو أمريكية بغداد. واتفق 8 ،99% من المشاركين على ان الصحاف قبل الحرب على العراق كان «نكرة»، كما انه لم يك مع بداية تهديدات قوات التحالف أكثر من جسد ضخم مدفون في حلة عسكرية غير أنيقة، ثم تحول مع بداية القصف الى حقنة ادمان يتجرعونها مباشرة من شاشات الفضائيات بينما عادت بعض الاستبانات مذيلة بأوصاف غير متوقعة من فئة الوزن الثقيل «عميل أمريكي»، «شخصية مكبوتة، ومعد مسبقا لمثل هذه الأزمة»، «استحقاري»، استفزازي»، «خدعة»، «ممثل كوميدي»، وكانت أعمار غالبية المشاركين تتراوح بين 18 و35 سنة وينتمون لشريحتي الطلاب والموظفين. الانفجار.. ضحكاً!! من ناحية ثانية اتفق الجميع على انهم لو شاهدوا الصحاف سينفجرون من الضحك، وذلك اثناء اجابتهم عن سؤال افتراضي ل «الجزيرة» عن أيهما اقرب للمشاعر الضحك أم الحزن في حال رؤية الصحاف جسديا أو تلفزيونيا، كما عبر غالبيتهم عن تعاطفهم معه لدرجة تمنوا له الموت حتى لا يقتله حجم الاحراج الكبير الذي ينتظره في حال عودته للأضواء مجددا، أو حتى لا يصاب بأمراض نفسية خطيرة، في حين قال قرابة 15% فقط انهم لم يكونوا أبداً متأثرين ب«كارزما الصحاف» وأنهم تابعوا تواجده الصحفي ببلادة وعدم اكتراث، وأن مؤتمراته الصحفية بالنسبة لهم غير مقنعة أبداً، لكنهم انضموا لبقية الألف شاب بالموافقة عندما مرواعلى سؤال (هل كنت تقر محاولاته جذب مزيد من التعاطف لقضيته؟) وأنهم شهود اثبات على إيمان الرجل بقضيته والعمل عليها بحماس ونشاط لا يتوقف. عزاء.. وسخرية!! ونام على أوراق الاستبيانات عزاء آخر للصحاف يتمثل بوجود اجابات تقل عن 5% كحد اقصى لشباب قالوا ان سقوط بغداد لم يغير قناعتهم تجاهه كرجل اعلام مؤمن بقضيته وجاذب للاهتمام بينما تضمنت استبانة أحد المشتركين ان الصحاف اعلامي استطاع ان يشتهر بسرعة أكثر من صدام وابن لادن، كما حملت الاستبيانات تعليقات متنوعة تتشارك في السخرية من اسراف الصحاف في تصديق صدام حسين والايمان به رغم تساقط تماثيل صدام أمام ناظريه، بينما احتوت استبانة مختلفة على اعتقاد ان ظهور الصحاف في آخر مرة تسبب في تأجيل سقوط بغداد 24 ساعة وهو ما لم تفعله جيوش العراق قاطبة. تشارك الجميع في اختيار «نعم» في اجابتهم عن سؤال «الجزيرة» حول احتمالية ظهور الصحاف قريبا، لكن لم يقم أيٌ منهم بتوقع زمان ومكان ظهوره المرتقب، وكما اتفق غالبيتهم على انهم سينفجرون ضاحكين عندما يرونه مجددا اتفقوا على ان زمن مصداقيته ولى عدا ثلاثة شباب من الالف قالوا انهم لا يجدون مبررا لعدم تصديق الصحاف في حال استصداره تصاريح صحافية جديدة، رغم تصويت أكثر من 900 شاب على ان الصحاف خدعهم وتلاعب بعواطفهم من خلال استجابتهم لمؤثراته وكلماته المشتعلة في تصريحات وصفوها بالنارية جدا. المفردات العجيبة وترتفع درجة الفروقات كلما كان الحديث عن مصداقية الصحاف ومصيره لكنها تهدأ وتتقارب عند الوصول الى ذيل الاستبانة وتحديدا عند ثلاثة أسئلة تناولت مفردات وتعبيرات لغوية كان يتمسك الصحاف بتكرارها، واتفق الجميع على أنهم لم يسمعوا «العلوج» من قبل، ولم يعتادوا على سماع بقية المفردات المتطايرة من شفاه الصحاف كلما وضعوا أمام صدره جدارا من المكروفونات ولواقط الصوت «الأوغاد الدوليين، المرتزقة، الطراطير، جحوش الاستعمار... الخ»، كما ان قلة منهم أشاروا الى انهم حاولوا معرفة معنى «العلوج» بينما الغالبية قالوا إنهم أخذوها كما هي مفردة ذات معنى لاذع تستهدف تقريع قوات التحالف الميممة نحو بغداد آنذاك، وتقصف مكتب الصحاف في وزارة الاعلام وقصور صدام بينما الصحاف يشرق كل صباح بوجه هادئ القسمات يتحدث للعالم بثقة مفرطة ان «الوضع تحت السيطرة». قال أحد المشاركين في تعليق غير قصير أرفقه مع استبانته ان الصحاف كان يقول دوما «الوضع تحت السيطرة» لكنه لم يشر الى سيطرة من، وأضاف «المشترك» متهكما لو خرج الصحاف هذا المساء سيقول: «الوضع تحت سيطرة الامريكان» لكنه سيواجه مأزقاً حقيقياً لو عاد لاستخدام كلمة «العلوج» وخاصة لو تركها على المعنى السابق «يقصد عناصر قوات التحالف». من ناحية ثانية أشار أكثر المشتركين الى ان وزير الدفاع الامريكي لن يسمح بظهور الصحاف تلفزيونيا حتى لا يخسر «رامسفلد» شعبيته وتلذذه بانتصاره العظيم فيما لو تصدرت النشرات الاختبارية عيون الصحاف وهو يرمي بلهيب مفرداته ضد «الغزاة» و«المرتزقة»، كما لوح غالبية المشاركين في استبانة «الجزيرة» بموافقتهم على أن الشهرة في زمن الحرب على العراق كانت من نصيب الصحاف أولا وعاشرا ثم يأتي بعده الرعيل الطويل من صدام وذويه الى بوش ورفقاء البيت الابيض، وقبل ذلك بمسافة مليون ميل عن رئيس وزراء بريطانيا بلير، بينما أشارت 8 استبانات الى خشيتهم على الرجل من القتل غيلة على يد أصدقائه قبل أعدائه، وطالبوا أمريكا بتبني مشروع دولي لحمايته لانه أصبح «قيمة وطنية» تعادل محتويات متحف العراق!! مأزق.. في جدة!! في سياق مختلف، يبدو ان الصحاف سيواجه مأزقا خطيراً فيما لو رمته أقداره في مدينة جدة لأن 902 من أصل 1000 قالوا إنهم لن يساعدوا الصحاف على الهرب إذا وقع بين أياديهم، كما ان ثمة خطراً يهدد حياته في حالة وقوعه بين ايادي ابناء جدة لأن أحدهم كتب أن الصحاف مجرد أداة استخدمها صدام لتضليل الرأي العراقي العام، وانه في ذات الوقت يدرك مصير سقوط بغداد لكنه استمرأ السخرية من الشعب العراقي وبقية العرب، فيما حملت احدى الاستبانات أمنية صاحبها «أتمنى أن أقابله في أسرع وقت حتى أعاتبه على كذبه». الميول العامة.. بإيجاز لخصت 1000 استبانة ميل غالبية المشاركين الى أن الصحاف لم يك معروفا قبل طبول الحرب، مؤتمراته الصحفية كانت مقنعة للغالبية، استطاع جذب تعاطف الاكثرية مع قضيته، مخلص لقضيته مؤمن بها، استطاع اقناع الرأي العام لدرجة أنهم شعروا بالخدعة، شعبيته كانت كاسحة، لم يهرب من بغداد، لا يتواجد حاليا مع صدام، لن ينتحر، ظهوره قريب جدا، ثمة اشتياق لمؤتمراته، مفرداته تثير الفضول والضحك، وانه سيثير ضحك الملايين في حال ظهوره تلفزيونيا، اضافة الى فقدانه المصداقية بشكل قاتل، لا تزال كلماته قابلة للحياة، والتداول. يضاف لذلك جمل وعبارات بعضها جاد والآخر تهكمي يصف الصحاف بأنه سيكون اشهر وأهم مقدم برامج تلفزيونية خلال السنوات القادمة، أو ربما افضل ممثل مسرحي بينما لم تحتو اي استبانة على تلميح ولو بسيطا الى احتمالية وجود مستقبل سياسي للرجل.