في ليلة ظلماء اختفى فيها البدر تسودها الرياح الشديدة، وفي منزل شعبي قديم مستأجر في بلدة التنومة بالأسياح 70 كيلومتراً شرق بريدة نام الأب سمير بن عفير الحربي كعادته بعد صلاة العشاء مباشرة نام وهو لا يدري ماذا يخفي له الغد؟ نام بعدما اطمأن على أبنائه الصغار الذين فقدوا حنان الأمومة منذ الصغر وكانت عيناه إحداهما تنظر لقوت غد لأبنائه وكيف توفيره، والأخرى كانت قلبا وقالبا مع الابن الأكبر ملهي الذي كان يعول الأسرة البسيطة هذا الشاب الابن الذي نشأ وترعرع في نفود الأسياح برعي الغنم مع أخويه الصغيرين ولما بلغ مبلغ الرجال أراد أن يلتحق في السلك العسكري لخدمة المليك والوطن والحفاظ على ممتلكات الدولة وأيضا لكي يوفر لهذه العائلة البسيطة لقمة العيش فأصبح جنديا بسيطاً في الحرس الوطني في الرياض، وكان يروي لأخويه أحلام المستقبل وأنه سوف يسعدهم بعد الالتحاق بالعسكرية فلما تحقق حلمه استأجر لهم بيتاً في بلدة التنومة بالأسياح وأسكنهم فيه حتى يبتعدوا عن حرارة الصيف وبرودة الشتاء في النفود، وتزوَّج وأنجب أطفالاً، ولكن أصحاب الغدر والدمار لم يمهلوه لتحقيق الأحلام لأخويه وأختيه ووالدهم الكبير في السن أو حتى على الأقل تسديد ديونه المتراكمة. مات الحربي مخلفاً أسرة بسيطة لا تمتلك من هذه الدنيا إلا منزلاً شعبياً قديماً مستأجراً وسيارة (داتسون موديل 84) كانت معهم منذ الزمن البعيد وكأنها شاهد على ما يحدث وخلف أبناءه الثلاثة في انتظار المصير المجهول؟