أحداث التفجير التي وقعت في الرياض يوم الاثنين الموافق 11/3/1424ه الساعة الحادية عشرة والنصف مساء أحداث اجرامية بما تحمله كلمة اجرام من معانٍ فالمستهدف أنفس بريئة حرام قتلها بنص الكتاب والسنة ناهيك عن حجم الخسائر المادية الكبيرة والهدف من وراء ذلك وان تعددت مزاعم ومبررات منفذيه ومن ورائهم نشر الذعر والخوف وزعزعة أمن هذا البلد الآمن رغم حقد الحاقدين - إن شاء الله - وهي جريمة شنيعة أخرى. إلا أن المؤسف والمحزن والمذهل و.. وما الى هنالك من كلمات الأسى والاحباط هو ان منفذي هذه العمليات الاجرامية هم من أبناء هذا البلد!! الذي لم يدخر جهداً في توعية أبنائه وفق دستور يستمد أحكامه من كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم بعيداً عن الافراط والتفريط. والأخطر من هذا كله ان هناك من يظن ان هذا النسق المنحرف هو عمل استشهادي!!! حيث تتداول ساحات الانترنت عبارات الاشادة بهذه الأعمال اضافة لما رواه لي أحد المعلمين عندما سأله طالب لم يتجاوز عمره الحادية عشرة بقوله:«يا أستاذ يقولون إنهم شهداء» مما حدا بذلك المربي للقيام بدوره تجاه توضيح معنى الجهاد والاستشهاد وما هي شروط قيامهما، أنه أمر خطير جداً أن يتم نشر هذه الأفكار المنحرفة بين النشء على أنها عمل استشهادي. والواضح ان هذه التفجيرات هي وسائل تعبير عن منهجية هذا التفكير المنحرف، والأمر لا ينبغي التعامل معه كحالة أمنية فقط، بل يجب التعاطي معه كظاهرة فكر ضال عن كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم ووسطية الإسلام، فالسؤال الذي يطرح نفسه كيف استطاع من يقف وراء هذه التفجيرات اقناع من قاموا بالتنفيذ لتقديم أرواحهم وما الايديولوجيات التي بنيت عليها هذه القناعات؟. إن الأمر يتطلب منا استصلاح أكبر قدر ممكن من أبنائنا الذين تم اقتيادهم وادخالهم في سراديب الظلام ليتم تغذيتهم بأفكار مشبوهة تطبخ بعيداً عن بيئتنا ثم تغلف بأغلفة تجد القابلية من هؤلاء المغرر بهم، ليذهبوا ضحية لفكر لا يعرفون منه إلا تأدية المطلوب منهم. أوضحت بعض وسائل الاعلام مؤهلات بعض من وجدت أسماؤهم في وكر فئة مجرمة يكاد المرء يجزم بأن لها علاقة مباشرة بحوادث التفجيرات، ومن الواضح ان بعضهم لم يتجاوز السنوات الأولى من الدراسة. إن الأمر خطير جداً ويتطلب منا جميعاً القيام بواجبنا كل فيما يخصه وحسب استطاعته وعلى كافة المستويات والفئات وفي جميع انحاء هذا البلد الآمن لمحاربة هذا الفكر وأهله أعني فكر التكفير والتفجير. فالأب والأم في بيتهما يقع على عاتقهما الشيء الكثير في تربية أبنائهما وتوضيح خطورة مثل هذه الأعمال الاجرامية،والموظف في مكتبه، والمدرس في مدرسته - وهو من يعول عليه تقويم النشء بعد الله - وأستاذ الجامعة وإمام المسجد والخطباء ورجال الإعلام والمفكرون والعقلاء وذوو الرأي.. إنها مسؤولية الجميع، إلا أنه على المستوى الرسمي يتطلب الأمر اتخاذ اجراءات عملية من قبل العلماء والدعاة لعقد الندوات والمحاضرات والاستعانة بالمتخصصين في علم النفس والاجتماع ودعوة من يحملون هذه الأفكار من أبناء هذا البلد للتحاور معهم ومناقشتهم ومقارعتهم بالحجج الشرعية وتوضيح انحراف أفكارهم وبعدهم عن منهج الدين الاسلامي القويم ومحاولة استصلاحهم ما أمكن ذلك، ويجب أن يدركوا ان ذلك لم يأت من ضعف ولكنه محاولة يمليها علينا واجبنا الديني تجاههم، فمن عاد الى صوابه فهو مبتغانا ومن استمر في ضلاله فيجب ان يلقى جزاءه الشرعي الرادع. إننا إذا لم نحاورهم للوصول لمعرفة أفكارهم وطريقة تفكيرهم فلن نمنعهم من الذهاب الى سراديب الظلام والوقوع في شباك منظمات الارهاب الدولي - التي تهدف لزعزعة الأمن الداخلي لهذا الوطن فيستغلوا أولئك المغرر بهم بدون علم منهم - وان استطعنا اغلاق المنافذ الأمنية أمامهم لتكرار أعمالهم الاجرامية علماً بأنه أصبح من الضروري لبعض أجهزتنا الأمنية مراجعة اجراءاتها لكبح هذا النوع من الجرائم الجديدة على مجتمعنا، نحن بحاجة لمعرفة حقيقة دوافعهم هل هي دينية أم اجتماعية أم ماذا؟ نحن لاندعي الكمال ولا يعني انه ليس لدينا قصور في عدد من الجوانب لكنهم إذا كانوا يعتقدون أنهم بهذه الأساليب سيحققون شيئاً من مآربهم فإنهم بذلك واهمون.. إن مثل هذه الأعمال الاجرامية ستزيد الأمة الاسلامية والسعودية خاصة ترابطاً وتلاحما وانقياداً خلف ولاة أمرها وعلمائها. الجميع يدرك ان الأمة الاسلامية عامة تمر بحالة من التشرذم والضعف ولكن هذا التشرذم وهذا الضعف لم يكن وليد العصر وإنما هو امتداد لانحطاط له أكثر من ثلاثة قرون سببه هو ابتعادها عن المنهج الاسلامي الصحيح في حقبة من حقبها الماضية نتج عنه تخلفها في العديد من المجالات، فمعدلات الفقر والجهل والبطالة تمثل أعلى معدلاتها في العالم الاسلامي دون غيره لكن نهوض الأمة لا يأتي من خلال تنفيذ مثل هذه الأعمال الاجرامية في البلاد الاسلامية الآمنة فالعصر عصر علم يتطلب منا التعلم والمثابرة على الصعيد الفردي والرسمي لتحقيق أهدافنا التي تؤدي الى نهوضنا، والدول التي تفرض هيمنتها على عالم اليوم لم تأت بالمصادفة وإنما سادت ونهضت بعقول أبنائها المتعلمين الذين رسموا لهم أهدافاً سعى لتحقيقها أجيال متلاحقة، وهذه حقيقة يجب أن ندركها حتى وان اختلفنا معهم في أمور كثيرة. إنني من هذا المنبر الاعلامي أدعو من يحملون مثل تلك الأفكار ولاسيما ممن هم من أبناء هذا الوطن لمراجعة الذات والعودة الى حظيرة الاسلام وألا يمرقوا من الدين كما يمرق السهم من النصل ليصبحوا لقمة سائغة للمنظمات الارهابية التي تمارس أعمالها الاجرامية من خلالهم باسم الغيرة على الاسلام، ويجتنبوا انحراف التفكير عن منهج العلي القدير وان يكرسوا جهودهم في المساهمة في نهضة بلادهم بدلا من السعي للتعاون مع الحاقدين لتدميرها وعليهم طرق أبواب الاتصال المشرعة لطرح أفكارهم الاصلاحية إن وجدت. أما القابعون خارج هذه البلاد الذين يقومون ببث أفكارهم الهدامة فيجب ألا نتوانى في فضح مخططاتهم وأهدافهم الرخيصة.. وفي الختام نقول اللهم احفظ بلادنا من كل مكروه ومن حقد الحاقدين.. آمين.. والسلام. e-mail:[email protected]