نشرت صحيفة «ريفورما بمدينة مكسيكو سيتي» رسما كاريكاتوريا مؤخرا يظهرمسؤولا مكسيكيا جزعا وهو يمد يده الى موظف امريكي غير مبال له «ويقول له بخجل ..» اصدقاء؟ وغداة الحرب العراقية التي عارضتها حكومة الرئيس فوكس بشدة تسأل المكسيك من الناحية الجوهرية جارتها الكبيرة في الشمال عما اذا كان يمكن في الوقت الحالي طرح الماضي جانبا حتى يمكن ان تعود الدولتان الى تعاملاتهما المرتقبة وهو السؤال الذي تطرحه مجموعة من اصدقاء وحلفاء امريكا الذين عرقلوا خطتها لتكوين تحالف عريض في اطار الاممالمتحدة لمساندة الحرب الامر الذي قوبل بدرجات متفاوتة من الردود من الولاياتالمتحدة بعد انتصارها وبشكل يسمح لها باظهار التسامح. أمريكاوفرنسا وفي الوقت الذي تبدي فيه الولاياتالمتحدة قدرا من الازدراء تجاه فرنسا بشكل خاص وتظهر رغبة في تسوية الخلافات مع روسيا وعدم التسامح مع اي تحد لدروها الدبلوماسي في الشرق الاوسط فإن الفترة التالية لحرب العراق اخذت تتشكل باعتبارها ابرز عملية اعادة تنظيم جيوسياسية منذ سقوط سور برلين. يقول شارلز كوبشان احد الخبراء الدبلوماسيين في جامعة جورج تانون بواشنطن «تلك نقطة تحول تاريخية لها انعكاسات خاصة على العلاقات عبر الاطلنطي و تبدو مختلفة تماما عن الماضي. ان حديث الولاياتالمتحدة عن معاقبة الذين لم يسلكوا طريقها يشير الى ان ذلك لن يكون مجرد صورة تليفزيونية. ويضيف قائلا: «ان الكيفية التي تخطط بها الولاياتالمتحدة لوضع النظام العالمي الجديد الذي تريده وكذلك الرد المتوقع من الدول المناهضة للحرب ازاء مايقلقهم بشأن قيام امريكا قوية واكثر استقلالاً بدأ في الظهور خلال الاسبوع الماضي في الوقت الذي تقدمت فيه الولاياتالمتحدة بمشروع قرار جديد الى مجلس الامن لرفع العقوبات المفروضة من قبل الاممالمتحدة على العراق. المصالح والعواقب ويقول جويلومي بارمينتييه مدير المركز الفرنسي لشؤون الولاياتالمتحدة في باريس «ان دولا مثل فرنسا ترى ان هناك فرصة محدودة للتأثير على السياسة الامريكية في فترة مابعد الحرب بل وفوائد قليلة من محاولة القيام بذلك.. لذا دعوهم يعملون مع الامريكان عندما يستطيعون ذلك في الوقت الذي يسعون فيه من اجل تحقيق مصالحهم الخاصة بغض النظرعن العواقب». ومن المحتمل ان تعيد المناقشات التي اعقبت ذلك في الاممالمتحدة والتي قد تستغرق فترة كبيرة من شهر مايو / ايار صياغة دور بريطانيا اكبرحيلف للولايات المتحدة للقيام بالوساطة وهو الدور الذي يستسيغه توني بلير رئيس الوزراءالبريطاني بصعوبة لأن بريطانيا قد تجني عائدات قليلة اذا ما شعرت الولاياتالمتحدة ان حاجتها الى الاصدقاء المناهضين للحرب اصبحت قليلة. نفوذ بلير يقول واين جرانت استاذ السياسة العامة في جامعة وارويك في بريطانيا «طوال هذه العملية كان لتوني بلير بعض التأثيرعلى الموقف الامريكي.. والسؤال هو ما اذا كان بوسعه حاليا ان يمارس نفوذا على واشنطن.. انه امر غير محتمل حالياً لأن مسألة العراق قد انتهت». ان الاختبار المبدئي للاصدقاء سوف يظهر في مجلس الامن حيث تحتاج الولاياتالمتحدة لرفع العقوبات المفروضة على العراق لضمان استمرار عملية اعادة بناءالعراق ماليا وسياسيا الا ان المسؤولين الامريكيين اوضحوا انهم لن يرضخوا كثيرا من اجل امتصاص حالة القلق لدى اولئك الذين تقاعسوا عن المشاركة في الحرب خاصة فرنسا التي تعتبرها واشنطن زعيمة التمرد المناهض للحرب. تهميش فرنسا لقد اوضح وزير الخارجية الامريكية كولن باول ان فرنسا سوف تعاني من «عواقب» اعمال تعتقد واشنطن انها قوضت العلاقات عبر الاطلنطي في الوقت الذي يقول فيه المسؤولون الامريكيون انه من المحتمل ان تشمل الانعكاسات الطويلة الامد بالنسبة لفرنسا تهميشها داخل حلف الناتو الى جانب الجهود الامريكية للحد من دورها في عملية سلام الشرق الاوسط. ان الولاياتالمتحدة تشير بالفعل الى انها تخطط للقيام بدور بارز في متابعة خطة خارطة الطريق الخاصة بعملية السلام بين الاسرائيليين والفلسطينيين رغم ان هذه الخطة وضعتها اطراف اللجنة الرباعية وهم الولاياتالمتحدةوروسيا والاتحاد الاوروبي والاممالمتحدة. اجتماعات كلينتون يقول هيرست هانوم المتخصص في العلاقات الدولية في كلية فليتشر للقانون والدبلوماسية بجامعة توفتس في سومرفيل بولاية ماساشوسيتس «ربما لايكون ذلك سوى محاولة للابقاء على فرنسا بعيدا في الوقت الذي يتم فيه الاعتراف بقيام الولاياتالمتحدة بدور بارز حيث ان الاجتماعات التي عقدتها ادارة كلينتون في كامب ديفيد كانت من جانب واحد ولكن ذلك لم يدفع احد الى الشكوى». يبدو ان جزءا من الاجراءات الامريكية يهدف الى التأكد من عدم تكتل القوى المناهضة للحرب ضد القوة العظمى في العالم مرة اخرى ويتفق معظم الخبراء على ان خصوم الولاياتالمتحدة الثلاثة فرنساوروسياوالمانيا عارضوا الحرب لأسباب مختلفة من الناحية الجوهرية لذا فان اي دافع للمحافظة على استمرار تضافرهم معا في الاشهر التالية للحرب سوف يكون امرا صعبا ورغم ذلك يقول كوبشان ان شكل الوحدة الظاهر بين الدول الثلاث يشير الى «ان شيئا ما اساسي يجري هنا لن ينتهي قبل مرور فترة من الوقت غير انه يبدو انهم يرغبون في التفكير في الحياة بدون امريكا». أغراض مختلفة وينظر الى فرنسا فقط من بين الدول الثلاث على انها خاضت القتال ضد شن الحرب لسبب اساسي هوالحد من الاجراءات الامريكية والنهوض بالدورالفرنسي في العالم بينما كانت المانيا تتصرف تلبية لسياسات محلية داخلية وفق مايقوله الخبراء اما روسيا فقد كانت تشعر بالقلق اساسا على مصالحها المالية في العراق وان كانت معنية بالحد من الهيمنة الامريكية. مهمة كوندوليزا ربما يفسر هذا الوضع السبب في ايفاد كوندوليزا رايس مستشارة الرئيس الامريكى للامن القومي الى موسكو اثناء العمليات الحربية في العراق بينما لم تتم زيارات مماثلة لمسؤولين امريكيين الى باريس بل ان الرئيس جورج بوش قال للصحفي توم بروكاو من شبكة (ان. بي. سي) انه ليس من المحتمل ان يتلقى الرئيس الفرنسي جاك شيراك دعوة في وقت قريب للقائه في منتجع كراوفورد الحالة الروسية ويؤكد هانوم ان محاولة تفريق الذين ربما يلتقون معا للعمل ضدك تعد خطوة جيدة من الناحية السياسية.. وبالنسبة لحالة روسيا بشكل خاص فإن الولاياتالمتحدة ترى ان هناك مصلحة قوية في تطويرالعلاقات معها بدون اي تدخل من اوروبا غير ان حجم التعاون الذي من المحتمل ان تحصل عليه الولاياتالمتحدة من موسكو فيما يتعلق بموضوع العراق لايزال غير واضح فقد قال السفير الروسي لدى الاممالمتحدة سيرجى لافروف في الاسبوع الماضي انه لا يمكن رفع العقوبات قبل ان يثبت خلو العراق من الاسلحة غير التقليدية. عودة المفتشين ويريد الروس عودة مفتشي الاممالمتحدة الى العراق للتأكد من ذلك وهي الخطوة التي تعارضها الولاياتالمتحدة بينما يبدو ان بريطانيا تفضلها حيث قال وزير الخارجية البريطاني جاك سترو انه يجب السماح بعودة مفتشي الاسلحة الى العراق للقيام بدور رائد في تعقب اسلحة الدمار الشامل كما ان رئيس الوزراء البريطاني توني بلير اكثر استعدادا من بوش لرؤية دور محوري للامم المتحدة في عملية التفتيش حيث يرى ان عملية بناء الدولة سوف تكون افضل عندما يشارك فيها المزيد من الدول. و قال بلير «انه ليس من مصلحتنا امريكاوبريطانيا وجود حكومة في العراق لا تحظى بشرعية دولية واضحة». (*) خدمة كريستيان ساينس مونيتور - خاص بالجزيرة