خاض الرئيس الامريكي جورج بوش غمار عملية صنع السلام في الشرق الاوسط من خلال طرح «خارطة الطريق» التي ترمي لاقامة دولة فلسطينية بحلول عام 2005، لكن الكثير من الشكوك تحيط بهذا المسعى الجديد حيث نشطت الجماعات الموالية لاسرائيل في واشنطن من خلال تقديم 400 نائب وعضو بمجلسي النواب والشيوخ رسائل الى البيت الابيض تحذِّر من ممارسة ضغوط على اسرائيل لاجبارها على التعامل مع خارطة الطريق.. وبعد حفل تسلم رئيس الوزراء الفلسطيني الجديد محمود عباس (ابومازن) مقاليدالسلطة امر بوش بطرح «خارطة الطريق» للشرق الاوسط التي تحدد مسار السلام بدءاً من الوقف الفوري لدائرة العنف الدامية. وقال بوش انها بداية «عملية طويلة لتحقيق السلام في الشرق الاوسط» وأصدر تعليماته الى وزير الخارجية كولن باول لزيارة المنطقة في اوائل مايو/ايار ليقف على كيفية استقبال الخطة ويبدأ العمل بشأنها مع الاسرائيليين والفلسطينيين. وتحدث باول هاتفيا الى محمود عباس ورئيس الوزرء الاسرائيلي ارييل شارون. وبعد ان ضغط على الفلسطينيين لاجراء اصلاحات برفضه التفاوض مع الرئيس ياسر عرفات اعلن بوش انه حريص على العمل مع عباس. وقال بوش للصحفيين في المكتب البيضاوي حينما قابل الرئيس الكولومبي الفارواوريبي «انه رجل يمكنني العمل معه وأتطلع الى العمل معه». وجاء اعلان الخطة عقب هجوم فلسطيني وقع في تل ابيب وقتل فيه ثلاثة اشخاص على الاقل وجرح 49 آخرون. ونددت الولاياتالمتحدة بالهجوم ووصفته بأنه «انتكاسة لقضية الشعب الفلسطيني وانتكاسة للدولة» الفلسطينية. وغداة اعلان الخارطة قتلت القوات الاسرائيلية اربعة فلسطينيين بينهم طفل.. وندد اري فلايشر المتحدث باسم البيت الابيض ببيان من حركة المقاومة الاسلامية حماس تعهدت فيه بمواصلة الهجمات على اسرائيل وقال ان «الامن يجب ان يسيطر» عليه الفلسطينيون. وطرح خارطة الطريق هو اهم محاولة من جانب بوش لاقرار السلام في الشرق الاوسط منذ ان تولى رئاسة الولاياتالمتحدة قبل اكثر من عامين. ووعد بوش بأن يبذل في العملية نفس الجهد الذي بذله رئيس الوزراء البريطاني توني بليرلاقرار السلام في ايرلندا الشمالية. وحاول الرئيس الامريكي السابق بيل كلينتون جاهداً لكنه فشل في تضييق هوة الخلافات بين الاسرائيليين والفلسطينيين. وقال بوش «ان التاريخ اثبت ان عدم النجاح لا يعني الا نحاول. وأنا متفائل». وقال انه توجد ظروف ايجابية للسعي من اجل السلام منها عزم محمود عباس المعلن للتضييق على مهاجمي اسرائيل، مضيفاً حقيقة ان حرب العراق اوضحت ان من يأوون الارهابيين ويمولون الارهابيين او يحوزون اسلحة دمار شامل سوف يحاسبون على حد قول الرئيس الامريكي.. وأضاف بوش قوله انه من اجل ان يصمد السلام «يجب على كل الاطراف ان تضطلع بمسؤولياتها» ومن ذلك الدول العربية المحيطة بإسرائيل. وقال «يجب ان يقطعوا التمويل عن الارهابيين ويجب ان يخلقوا الظروف اللازمة للسلام». وبعد هذه المطالب من الدول العربية ناشد بوش اسرائيل ان تقدم بعض «التضحيات» وقال وسيتعين على اسرائيل ان تقدم بعض التضحيات لحث خطي عملية السلام. ولكن ينبغي الا تقدم اي تضحية تشجع الارهاب او تسمح بأن يستمر ويسود. وهو بذلك يتجاهل اعتداءاتها اليومية.. وقال بوش في بيان مكتوب «الاسرائيليون والفلسطينيون عانوا من الارهاب والعنف ومن فقدان الامل في مستقبل افضل للسلام والامن. توجد فرصة سانحة الآن للتحرك الى الامام. الولاياتالمتحدة ستفعل كل ما في وسعها لانتهاز هذه الفرصة». غير ان درجة مشاركة بوش الشخصية في المفاوضات غير واضحة وهو يميل الى ترك كبار مساعديه يخوضون في التفاصيل بينما يركز هو جهوده على الصورة العامة. وقال فلايشر ان بوش سيدعو عباس في مرحلة ما لزيارة واشنطن للقائه مضيفا ان الرئيس الفلسطيني ياسر عرفات لن يدعى معه.وتدعو خارطة الطريق التي وضعتها اللجنة الرباعية المؤلفة من الولاياتالمتحدةوالاممالمتحدة والاتحاد الاوروبي وروسيا لاقامة دولة فلسطينية في نهاية المطاف عام 2005 على احسن تقدير بعد الانتهاء من عملية تبدأ بوقف العنف واتخاذ اسرائيل خطوات لتحسين الاحوال المعيشية للفلسطينيين. غير ان بوش يتعرض لضغط من اغلبية من مشرعين موالين لاسرائيل في الكونجرس الامريكي ألا يفرط في التشدد مع اسرائيل. وفي تكثيف للضغط على البيت الابيض بعث 88 من اعضاء مجلس الشيوخ و313 من اعضاء مجلس النواب رسائل الى بوش تعترض على محاولات للضغط على شارون ليقدم تنازلات قبل ان يفعل الفلسطينيون المزيد لمكافحة ما تسميه واشنطن الارهاب. وحذَّر المشرعون ايضا بوش من اعطاء الاممالمتحدة والاتحاد الاوروبي وروسيا «دورا ذا مغزى» في مراقبة تنفيذ خطة السلام. ويقول المشرعون الموالون لاسرائيل ان شركاء واشنطن في اللجنة الرباعية منحازون الي الفلسطينيين. واقترحت اسرائيل عدداً من التغييرات على خريطة الطريق على امل اجبار الفلسطينيين على ضمان الامن قبل ان تتخذ اسرائيل خطوات مماثلة.وبينما تحدد خريطة الطريق جداول زمنية للتحرك يبدو ان البيت الابيض ترك التفاصيل للاطراف نفسها لتعدها. ويتعين على الفلسطينيين بموجب الخطة اتخاذ خطوات لوقف «العنف» بحلول مايو/ ايار كما يتعين على اسرائيل اتخاذ خطوات لتخفيف القيود التي تفرضها على الفلسطينيين وتجميد كل انشطتها الاستيطانية.وينبغي كذلك ان يصدر الفلسطينيون بيانا يكررون فيه بكل وضوح حق اسرائيل في الوجود في سلام وأمن على ان تصدر اسرائيل بياناً مماثلاً يؤكد التزامها بقيام دولة فلسطينية تعيش جنبا الى جنب مع اسرائيل. وقال بوش في بيانه «يتوقف تنفيذ خريطة الطريق على حسن النوايا وعلى الجهود والاسهامات التي سيقدمها الجانبان، ايقاع التقدم يتوقف تماما على اداء الاطراف».