منذ أن تفتحت عيناه، كان الدرس الأول الذي وعاه الملك عبدالعزيز - رحمه الله - في صباه هو القرآن الكريم، وظل ملازماً له طيلة حياته، في عسره ويسره، فرحه وحزنه، سفره وإقامته، حربه وسلمه، يبدأ يومه بالقرآن ويختمه بالقرآن، لم تضعف صلته به، أُبَّهَةُ ملك، ولا عظم سلطان، بل كان كلما اتسع ملكه وقوي سلطانه، ترقى وتقوى صلته بالقرآن. ربَّى أبناءه على حب القرآن والتمسك به، وتعهده بالتلاوة والحفظ، وكان يوماً عظيماً ذلك اليوم الذي يختم فيه أحد أبنائه قراءة القرآن الكريم، يحتفي به احتفاءً عظيماً. جاء في جريدة أم القرى «ع1066، الجمعة 14/8/1364ه، الموافق 3 أغسطس 1945م» أنه في صباح يوم الأحد 12 شعبان عام 1364ه احتفلت مدرسة الأمراء بختم صاحب السمو الملكي الأمير سلمان بن عبدالعزيز قراءة القرآن الكريم، وأقيم احتفال كبير بهذه المناسبة حضره ولي العهد آنذاك الأمير سعود، وعدد من الأمراء والأعيان، وتلا الأمير سلمان في هذا الحفل آخر حزب بقي عليه من القرآن الكريم، ثم تلا الأمير تركي شيئاً من دعاء ختم القرآن، ثم تقدَّم للخطابة الأمراء: عبدالرحمن، ومتعب، وطلال، ومشاري، وبدر، وتركي، ونايف، معبرين عن سعادتهم بختم أخيهم الأمير سلمان لتلاوة القرآن الكريم. لقد كان لهذه التربية الصالحة التي ربَّى بها الملك عبدالعزيز أبناءه عليها أثرها الطيب في نفوسهم، وحبهم للخير، ونشر الفضيلة، وفي مقدمتها التشجيع على تعلُّم القرآن الكريم وتلاوته وحفظه. فمنذ خمس سنوات تفضَّل صاحب السمو الملكي الأمير سلمان بن عبدالعزيز - حفظه الله - بتخصيص جائزة قيِّمة لحفظة كتاب الله تعالى من البنين والبنات، يتسابقون عليها من مختلف أنحاء المملكة. وفق ضوابط ومعايير دقيقة بإشراف وزارة الشؤون الإسلامية والأوقاف والدعوة والإرشاد. وقد أثمرت هذه المسابقة نتائج طيبة في تشجيع الناشئة، على تعلُّم كتاب الله تعالى، وأصبحت شرفاً كبيراً يحرص كل طالب وطالبة على حصوله إضافة إلى شرف حفظ القرآن وتعلُّمه، وتتسابق الأسر في حث أبنائها وبناتها على التقدم لهذه المسابقة لأنها تعد الحصول عليها مفخرة لها ولأبنائها، وخصوصاً أنها تحمل اسم صاحب السمو الملكي الأمير سلمان بن عبدالعزيز حفظه الله. فهنيئاً لسمو الأمير سلمان هذا العمل الجليل، الذي يعد من أهم الروافد الخيِّرة والعطاءات المباركة لحفظة كتاب الله تعالى. ومزيداً من الأعمال الجليلة في خدمة هذا الوطن الغالي في ظل قيادة الخير والعطاء خادم الحرمين الشريفين، وسمو ولي عهده، وسمو النائب الثاني حفظهم الله. (*) الأمين العام لمجمع الملك فهد لطباعة المصحف الشريف