التنافس الإعلامي هذه الأيام يظهر واضحاً على السطح وبشكل ملموس لدى الجميع فمع تنامي الأحداث العالمية خصوصاً في منطقة الخليج والحرب الشرسة على العراق لعبت الفضائيات العربية دوراً كبيراً في تغطية الأحداث هنا وهناك، إن كان داخل العراق أو وسط القوات المتحاربة أو خارج العراق في كافة الدول العربية والأوروبية لتربط الأحداث مع بعضها البعض ولتنقل على الهواء مباشرة من كافة بقاع العالم لكل ما له علاقة بالحرب على العراق إن كان مسيرات احتجاج أو مظاهرات مناهضة للحرب. التلفزيونات العربية هذه المرة على غير مقارنة مع حرب الخليج الأولى والثانية الآن وضع الفضائيات أصبح مختلفاً، فهناك عشرات المراسلين والمصورين والإعلاميين والمحللين يتحركون في الفضاء العربي لتغطية أحداث الحرب وتحليلها ومناقشتها على كافة النواحي السياسية والاقتصادية والاجتماعية هذا إضافة إلى بروز العديد من الفضائيات العربية التي تميزت بأداء جيد وإمكانات عالية كالعربية وقناة أبوظبي مما أولد انعتاقاً كبيراً من حالة التبعية التي كان يعيشها المشاهد العربي في السنوات القليلة الماضية حيث كان يتلقى أخباره من وكالات أخبار أجنبية وأوروبية تستخدم قنواتها الإخبارية ووسائل إعلامها وتشركها معها في الحرب وهذا ما عرف بالحرب الإعلامية. فضائية العراق بدورها لعبت هذا الدور مما أجبر القوات المتحالفة على ضربها وهذا دليل واضح على مدى تأثيرها في مجريات الحرب. كذلك حظيت بعض الفضائيات العربية باتهامات شديدة اللهجة ولأكثر من مرة ووصفها بالتحيز للعراق وإن كان هذا صحيحاً أو غير ذلك فهذا تأكيد مباشر وواضح على أن الفضائيات العربية أصبحت تجد المتابعة والمشاهدة وكسبت مصداقية عالية إن كان في طريقة طرح التحاليل أو بث الخبر أو مناقشة الأوضاع أو حتى الاستعانة برأي العديد من الخبراء العسكريين والإعلاميين والسياسيين بحرفية عالية ومقدرة إعلامية مميزة أجبرت العديد من المشاهدين لمتابعتها بدقة يشاركهم في ذلك العديد من الدول غير الناطقة بالعربية التي أخذت في اعتبارها وجود مثل هذه القنوات الفضائية العربية، مما أولد تنافساً محموماً بين هذه القنوات وهذا التنافس انعكس على التفرد بالأخبار والصور والتحاليل إضافة إلى مناقشة وتحليل الأوضاع من كافة النواحي. هذا العمل الإعلامي الراقي وجد بدوره مشاهداً واعياً يتابع كل ما هو مهم بجدية ووعي ويفرز ما بين ما هو صادق وما هو غير ذلك. وهذا التقدم الإعلامي الكبير الذي نشأ في ظل ظروف ومعطيات سريعة ارتفع بامكانات الإعلام العربي وبذوق المشاهد العربي، الشيء الذي يجعل الجميع في حالة تأهب دائم فالقنوات الفضائية لا تريد أن يقل مستواها إلى الأدنى بعد الآن والمشاهد العربي كذلك.