عزاء صادقاً من قلوبنا الى كل عراقي مسلمٍ فقد أحداً من أهله، إلى كل أمٍ ثكلى، وأبٍ مفجوع، ويتيم بائس، وأطفالٍ أفزعتهم قنابل الغزاة، وروَّعتهم الطائرات والدبابات، الى كل أسرةٍ عراقيةٍ بريئة عاشت زمناً تحت قسوة آخر قلعةٍ من قلاع القوميَّة العربية الزائفة الملفَّقة، وعاشت أياماً تحت نيران صواريخ ومدافع غُزاة أمريكا وبريطانيا، الى كل عراقيٍّ ذاق القسوة والجوع في ظلِّ الطاغيةِ الذي هَيمن بظلمه على عراق المجد والتاريخ على مدى سنوات عجافٍ موحشات، وذاقَ الظُّلم الغربي بما رأت عيناه من هجمات وحشية شرسة جلبت الى عراقه الدَّمار والاضطراب واختلال الأمن. عزاءً صادقاً الى الشعب العراقي، ونداءً صريحاً إليهم جميعاً أن يصبروا ويحتسبوا وأن يتَّقوا الله عزوجل في أنفسهم، وأهلهم وبلادهم فلا تصغي أذانُهم الى دعاوى الأعداء الباطلة، ولا تركن نفوسهم الى وعود الغازين الكاذبة. لقد رأى إخوتنا وأهلنا في العراق نتائج الأنظمة الظالمة المحاربة لمنهج الله في الأرض رأوا الحكم الغاشم الذي كان يستحلُّ من التعذيب والتنكيل بالناس، والقتل والتشريد للمفكرين والعلماء المعارضين لظلمه وجبروته، ما يدلُّ على أنه نظامٌ شيطانيُّ مستبدُّ، يحكم به قومٌ بارزوا الله بالمعاصي، وكابروا، وأقرُّوا من الشرائع مالا يرضى به الله عزوجل، لقد رأى اخوتنا في العراق ذلك كلَّه على مدى سنوات عجافٍ طوال ثقال، وهاهم أولاء يرون اليوم كيف تهاوى الظلم، وسقطت تماثيله، وتحطَّمت أصنامه، وكيف اختفى من الساحة اختفاءً عجيباً يوحي بأنَّ وراء آكام الظلم ما وراءَها مما لا يعلمه إلا الله العليم الحكيم، كما أنهم يرون اليوم هذه الجيوش الغازية التي جاءت الى عراق المجد بحجة إزالة النظام المستبّد، وجلبت من العتاد والرجال ما يؤكد أن لهم من المطامع ما يتجاوز ذلك، وضربت المدن العراقية بلا هوادةٍ ولا رحمة، هدمت البيوت على أهلها، وأحرقت بصواريخها المساجد، والمباني العامة والخاصة، وألقت بأطنان أسلحتها الفتَّاكة على ثرى أرض العراق التي أصبحت مزرعةً للإشعاعات والمواد السامة، والأبخرة القاتلة، وأرسلت شواظاً من نيرانها على المستشفيات والمراكز الصحية، وهي تدَّعي من خلال وسائل الإعلام العميلة وغير العميلة أنها تريد أن تنقذ العراق وشعبها من صدام وحزبه وظلمه، تريد أن تنشر الأمن والاطمئنان، وتنشر الهدوء في أرجاء العراق. يا لها من أباطيل تسري بين الناس الذين يعيشون بين غافلٍ ومتغافل، جاهلٍ ومتجاهل، كيف يتحقق أمنٌ بإراقة الدماء؟ وتهديم البيوت، وترميل النساء، وتشريد الأطفال؟، كيف يمكن أن تكون النَّارُ منقذةً للإنسان من الرَّمضاء، وأن يكون الطاعون منقذاً للإنسان من الحمَّى؟. يا أهل العراق.. لقد أسفر الصبح لذي عينين، وما عاد أمرُ الرجوع الحقيقي الى الله عزوجل يحتاج الى تفكير مفكر، ودراسة باحث، إنَّ الرجوع إلى الله ودينه وشرعه وسنة نبيه عليه الصلاة والسلام هو المنقذ الحقيقي من هذه الأوضاع التي نتألَّم لها كما تتألَّمون ونتأسَّف عليها كما تتأسَّفون. إنَّ اجتماع كلمتكم، وتآلف قلوبكم، والإسراع الى تجميع صفوفكم، والتعامُل بقوَّةٍ وحزم مع أعدائكم الذين جاءوا إليكم في ثياب «المنقذين» وعدم الانسياق من جديد وراء الوعود الكاذبة من عدوٍّ يقع تحت معنى جملة {$ّلّن تّرًضّى" عّنكّ پًيّهٍودٍ $ّلا پنَّصّارّى" ..} الآية الكريمة، وعدم الانخداع بآراء المخذِّلين من أبناء العراق الذين يضعون أيديهم في يد الغازي ويريدون أن يكونوا له في العراق، مثلما كان صدَّام للأعداء فيه مع اختلافٍ في الطريقة والمنهج وأسلوب الإخراج المسرحي، إن ذلك كله - يا أهل العراق- هو الذي سيحول بينكم وبين الانغماس من جديد في وحول الحكم بما لم ينزل الله في كتابه، وما لم يدع إليه خاتم أنبيائه ورسله. قلوبنا والله معكم، ومع أمة الاسلام التي نرجو ونرجو ألاَّتكون غافلةً عن طريق النجاة الحقيقي. إشارة كيف يرعى من حقوق الناس شيئاً