«كان شتاء لندن عام 1962م زمهريراً مثلجا قاسيا واجتمعت مع ثلوجه آلام الغربة والوحدة والحنين، فاذا برسالتها ترف كالأمل في قلب اليائس والبسمة على شفتي المحزون- ولكنها رسالة شاكية عاتية ثائرة، ينبعث منها الدفء كما تنبعث منها الدموع». «حبيبي تعال» - تبوح له في انفعال- «عيشي بدوك شيء محال» ودمع.. وسهد وانهاك بال عين تضمك بين الجفون وعين تسائل عنك النجوم بعيدا تحلق خلف التخوم وراء التلال كف تعانق كفك دوما وأخرى تهيم.. تفتش عنك تضم الخيال ويهزأ بي كل شيء هنا أريكتنا مضجع للعدم ومذياعنا جف فيه النغم ومقعدنا واجم في أسى بقايا ابتسامة أمس مضى «فيروز» و«الليل» و«الميجنا» وتضحك مني المرايا أحدق فيها وأبسم أظنك خلفي تبسم تداعب في الغرور وألهب فيك هوايا ويطرق باب.. فأعدوا اليه.. وكلي اشتياق تسابق ظني خطايا ذراعاي أفق يحن لشمس وفي شفتي اختلاج نوايا وأفنى خواء وأهزم أعيد الذراع.. وأطوى الشراع وأنهر حلما أثار الشفاه ونزوة ذكرى أطاحت بمعصم *** فأنت هناك وراء البحار أتحسب أني نسيت هنالك أنت بعيد.. بعيد وراء الحدود وراء البحار خطابك يرجف فيه الثليج وتهدر فيه مياه المحيط وريح الشمال وأحضنه بين كفي كطفل يئن فيلهب في الأنين وأدفىء رعشاته- يارفيقي- بحمى اشتياقي وألقى عليه دثار الحنين فتهدأ فيه النقاط وتبسم فيه السطور اليها أمد جفوني فتعرش حول الجفون وكلمة.. وكلمة أتذكر؟ كلمة سحر دسست صعدت عليها النجوم وكلمة عطر سكبت تفتت فيها الوجوم *** ولكنني.. لكنني رغم صمتي أثور أعد الشهور وتفني الشهور تقول وعدت بألا أخور اني أخور اني أثور ها قد عرفت بأني نكثت العهود فعيشى بدونك شيء محال فهيا تعال