ضحايا الحرب التي تشنها القوات الأمريكية البريطانية ضد العراق عديدون، فبالإضافة إلى الشعب العراقي الضحية الأكبر.. والأكثر تضرراً وخاصة المدنيين الذين يسقط منهم يومياً العشرات من القتلى والجرحى بنيران من يزعمون أنهم جاؤوا لتحريرهم، إلا أن العراقيين أصبحوا محاصرين في الكثير من المدن معرضين في أي وقت للإصابة جراء القصف الأهوج من قبل الصواريخ والطائرات والقصف المدفعي مما أدى إلى استشهاد العديد من المدنيين في البصرةوبغداد والنجف والناصرية والزبير والموصل، حيث انقضت القنابل فوق رؤوس المدنيين وبعضهم نيام وقتلت أسراً بكاملها. إلى جانب هؤلاء الضحايا برزت مأساة أخرى أضافت إلى قائمة الضحايا فئة أخرى، لتنضم إلى الجنود والجيوش التي تخوض المعارك دون رغبة منها، وإلى أهالي المدن المحاصرة، فئة يدفعها واجبها المهني أن تنخرط في هذه الحرب لنقل أحداثها وما يجري من أحداث على أرض المعارك. جنود الحقيقة هؤلاء، الصحفيون الذين يغطون المعارك وأحداثها أصبحوا إحدى الضحايا المتضررين في هذه الحرب.. وإذا كان الصحفيون عادة ما يكونون إحدى الجهات التي تصيبها شظايا الحروب ويُقتل البعض منهم، وهذا ما حصل فعلاً لعدد من الصحفيين في المعارك الحالية فبعضهم قُتل فعلاً، والبعض الآخر أصيب بجروح، في حين اعتقل البعض، وطُرد آخرون سواء من قبل الأمريكيين والبريطانيين أو من قبل العراقيين. الأمريكيون في هذا السياق الأكثر اضطهاداً للصحفيين، إذ لمجرد إجراء الصحفي الأمريكي بيتر أرنت مقابلة مع التلفزيون العراقي، وقوله إن القوات الأمريكية فشلت في خططها بالوصول سريعاً إلى بغداد، مورست ضغوط على محطة «سي. بي اس» الأمريكية لتقوم بطرد هذا الصحفي المخضرم الحاصل على أفضل الجوائز الصحفية الأمريكية، وبيتر أرنت هذا اشتهرإبان حرب الخليج الثانية حيث ظل يغطي الحرب من العراق لمحطة سي إن إن رغم هروب كل الصحفيين الأمريكيين من العراق في ذلك الوقت، ورغم أن الأمريكيين يقولون إنهم يحترمون حرية الرأي إلا أن رأي أرنت لم يعجبهم فطُرد من عمله رغم تاريخه الحافل. أرنت بقي في بغداد بعد أن أبرم عقداً فورياً مع صحيفة الديلي ميرو البريطانية وبأجر أعلى مما كان عليه، ولكنَّ كثيراً من الصحفيين الأمريكيين الذين كانوا يرافقون القوات الأمريكية والبريطانية تعرضوا للطرد والإبعاد من مرافقة القوات لمجرد أن تقاريرهم الصحفية لم تعجب قادة تلك القوات. أيضاً صحفي محطة سي إن إن أبعد من بغداد وطُرد صحفي آخر كونه يحمل جوالاً عبر الأقمار الصناعية.. وفي المنطقة الكردية العراقية، يراقب الأكراد الصحفيين الذين تعرض بعضهم للمساءلة عن فحوى تقاريرهم الصحفية، وهو ما يتعرض له صحفيون آخرون في الدول المجاورة للعراق لمجرد أن الصحفي يحاول أن ينقل ما يجري من أحداث.. وإذ جاءت هذه المعلومات في غير مصلحة الجهة التي يوجد فيها الصحفي، فيكون مصيره الطرد.. والضغط على مؤسسته الصحفية أو الإعلامية لإنهاء عقده.. لتكون الحقيقة هي الضحية، ولهذا نرى مساحة كبيرة للكذب في هذه الحرب..!!