في تطور اثار دهشة الكثيرين طردت وزارة الاعلام العراقية مساء امس الاول (الاربعاء) مراسل قناة الجزيرة القطرية ومنعت آخر من القيام بالتغطية الاخبارية من بغداد رغم ان مسئولين امريكيين وبريطانيين اتهموا قناة الجزيرة بالانحياز الى جانب العراق في الحرب. وردت القناة التي يبدو انها فوجئت بهذا التصرف الذي لم تتوقعه لما تقوم به من خدمة اعلامية كبيرة في رأي الكثيرين للنظام العراقي على وقف عمل مراسلها في بغداد ديار العمري وطرد مراسلها الآخر تيسير علوني بتجميد تغطيتها للاحداث في العراق طوال ليل الاربعاء ويوم امس الخميس واكتفت ببث ما يذيعه التلفزيون العراقي الرسمي وبعض الصور التي التقطها مصوروها وما تنقله عن وسائل الاعلام الاخرى مع تقارير محرريها في مقر القناة في الدوحة وفي المدن الاخرى خارج العراق. ولم تقدم الحكومة العراقية تفسيرا لهذه الخطوة كما انها لم تتراجع عن موقفها حتى مساء امس وهو ما يبدو ان الجزيرة كانت تنتظره. لكن ايا كان الدور الذي يقوم به الصحفيون على جبهة القتال فان طردهم او استهدافهم يثير الشك في نوايا الجانبين وغيابهم عن ميدان المعركة او تقييد حركتهم ينعكس سلبا على متابعة الرأي العام العالمي على ما يحدث ويفتح الباب امام طرفي القتال لانتهاك كثير من القيم التي يعتبر الضمير العالمي قيما عليها ومراقبا لمدى احترامها. العراق انتقد تغطية قناة الجزيرة والاسئلة التي توجهها للمسئولين العراقيين في مؤتمراتهم الصحفية وقيام مراسليها بجولات دون علم السلطات رغم ان المسئولين الامريكيين يتهمونها بالانحياز لبغداد في تغطيتها للحرب. ويعتبر علوني النجم البارز بين مراسلي القناة، وقام بتغطية أخبار الحرب الامريكية على أفغانستان عام 2001 وكان قد وصل إلى بغداد الاسبوع الماضي. وبصفة عامة يواجه الصحفيون الذين يغطون الحرب في العراق اوضاعا صعبة بين نيران القوات المهاجمة وتلك المدافعة وقد لقي عدد منهم حتفه وطرد العراقيون والامريكيون صحفيين لم يوافق ما يقومون به مزاجهم. وطردت شبكة التلفزيون الامريكية (ان بي سي) مراسلها الصحفي المخضرم بيتر ارنيت الذي رد على طرده قائلا انني انقل حقيقة ما يحدث في بغداد ولن اعتذر عما قلته.وارنيت (68 عاما) كان ضمن عدد قليل من الصحفيين الغربيين الذين ارسلوا تقارير صحيفة من بغداد اثناء حرب الخليج عام 1991 عندما كان مراسلا لشبكة تلفزيون (سي.ان.ان) الامريكية. وقال ارنيت في مقابلة يوم الاحد مع التلفزيون العراقي المملوك للحكومة ان القادة العسكريين الامريكيين سيحتاجون الى ادخال تعديلات على خطتهم للحرب. وتحت عنوان (هذه الحرب غير ناجحة) كتب ارنيت المولود في نيوزيلندا يقول: ما زلت اشعر بالصدمة والرعب لفصلي وفصل ارنيت من عمله لانه انتقد استراتيجية الولاياتالمتحدة لحربها على العراق. وكتبت الصحيفة دايلي ميرر المعارضة للحرب بعد ان تعاقدت مع ارنيت تقول باحرف ضخمة "صرفته اميركا لقوله الحقيقة ووظفته دايلي ميرور لمواصلة قول هذه الحقيقة. وقال في الصحيفة التي خصصت له صفحتين داخلتين ايضا "انقل الحقيقة عما يحدث هنا في بغداد ولن اعتذر على ذلك". وسبق ان فاز ارنيت بجائزة بوليتزر الصحفية وهو واحد من المراسلين القلائل الذين ما زالوا يعملون لشبكة امريكية في بغداد لكن ذلك لم يشفع له عندما خرج على الخط الامريكي . وقالت صحيفة (ذي اوستريليان) الاسترالية امس الخميس ان اثنين من صحفييها ومترجم تحتجزهم السلطات العراقية مازالوا في فندق في بغداد الى ان تقرر الحكومة ما اذا كانت ستطردهم من البلاد. وجرى اعتقال بيتر ويلسون الذي يعمل مراسلا للصحيفة في لندن وجون فيدر الذي يعمل مصورا بمقر الصحيفة في كانبيرا بمدينة البصرة العراقية بعد ظهر الثلاثاء لدخولهما المدينة المحاصرة لاجراء احاديث مع مدنيين عراقيين. ونقلت السلطات العراقية الصحفيين ومعهم ستيوارت انيس المترجم البريطاني الجنسية من اصل لبناني في رحلة استغرقت ثماني ساعات الى العاصمة بغداد ووضعوا جميعا رهن الاقامة الجبرية في فندق ميرديان فلسطين. وقال بروس لودون مدير التحرير بمجموعة نيوز ليمتد التي يمتلكها روبرت مردوخ: المعروف بتأييده للحرب وانحيازه المعلن الى جانب اسرائيل، وتتبع لها الصحيفة تم ابلاغهم بأن موقفهم قد يتحدد في غضون الساعات الاربع والعشرين القادمة .. سواء كانوا سيطردون أو سيسمح لهم بالبقاء في البلاد. وقال لرويترز: انهم في فندق فلسطين واحرار في التنقل بداخله لكن لا يمكنهم المغادرة أو العمل مضيفا ان الثلاثة في حالة طيبة.وقال لودون انه لاحظ احتجاز عدة صحفيين ايطاليين وفرنسيين في الفندق. وحاول ويلسون وفيدر التحرك بطريقة مستقلة عن القوات الامريكية والبريطانية منذ دخولهما العراق قادمين من الكويت يوم الاربعاء الاسبوع الماضي. وامرت السلطات العراقية صحفيا اخر من استراليا هو ايان مكفيدران بمغادرة العراق هذا الاسبوع بعد ان غادر فندق بغداد بدون مرافق عراقي. من جهة اخرى اتهمت زوجة مصور فرنسي يعمل لحساب شبكة "آي تي ان" البريطانية التلفزيونية فريد نيراك الحكومة الاميركية باخفاء معلومات عن اختفاء زوجها في 22 من مارس، وذلك في رسالة الى الرئيس الاميركي جورج بوش نشرت امس الخميس. وقالت فابيان نيراك في رسالتها الى بوش "اعتقد ان لديكم ربما الجواب عن الكثير من اسئلتنا، لكنكم لا تقولون لنا شيئا". واضافت: اكتب اليكم لارجوكم، باسم انسانيتكم، ان تكسروا الصمت وتقولوا لي ماذا حصل في ذلك اليوم. وكان الرئيس الفرنسي جاك شيراك طلب في 22 من مارس القيام بكل شيء للعثور على فريد نيراك. وكما هي الحال في جميع الحروب يقع الصحفيون ضحايا حرصهم على القيام بواجبهم على خطوط القتال لقي عدد من الصحفيين مصرعهم.فقد عثر على جثة الصحافي البريطاني تيري لويد (50 عاما) الذي كان برفقة فريد نيراك عندما تعرضت سيارتهما لاطلاق نار مصدره على ما يبدو القوات الاميركية والعراقية معا قرب البصرة (جنوب)، في احد مستشفيات هذه المدينة. وقتل مصور ايراني يعمل لحساب الشبكة البريطانية العامة (بي بي سي) وهو كاويه غولستان الحائز جائزة (بوليتزر)، في انفجار لغم الاربعاء في شمال العراق. ولم يتم العثور حتى الان على فريد نيراك (43 عاما) ومترجمه اللبناني حسين عثمان.و نجح مصور اخر يدعى دانيال دوموستييه في الافلات والعودة سليما. ومن ناحية اخرى قالت صحيفة ديلي تلجراف التي تصدر في سيدني ان مراسلها ايان ماك فيدران طرد من بغداد لارساله تقريرا عن هجوم صاروخي امريكي على وزارة الاعلام العراقية.وقال ماك فيدران في تقرير نشرته الصحيفة انه كان قد ذهب مع زميل له من جنوب افريقيا للقيام بتغطية اخبارية للهجوم على وزارة الاعلام. واضاف انه حصل على اذن من مسؤول عراقي للذهاب الى موقع الهجوم لكنه فشل في اقناع مسؤولين كبار اخرين بالسماح له بالبقاء في العاصمة العراقية. ويوم الثلاثاء وصل الى الاردن مجموعة من خمسة صحفيين كانوا قد اختفوا من فندق في بغداد قبل اسبوع وقالوا انهم احتجزوا في سجن بالعراق لكنهم لم يتعرضوا لاذى بدني. وقال ماثيو ماك اليستر (33 عاما) بعد وقت قصير من عبور الحدود الاردنية: مكثنا في سجن ابو غريب سبعة او ثمانية ايام لم توجه الينا اي تهم محددة. لم تكن الاقامة مريحة لكننا لم نتعرض لاذى بدني ونحن في غاية السعادة ان اطلق سراحنا. وكان ماك اليستر وهو مراسل لصحيفة نيوزداي الامريكية يتحدث من سيارة بعد وصوله الى بلدة الروشيد بالصحراء الاردنية قرب الحدود. وكان معه في السيارة ايضا موسيز سامان (29 عاما) وهو مصور لنيوزداي ومصور اخر يدعى مولي بينجهام (34 عاما) من لويزفيل بولاية كنتاكي الامريكية ومصور دنمركي يدعى يوهان سبانر.والصحفي الخامس بالمجموعة الذي رفض ذكر اسمه قال ماك اليستر انه كان في السجن ايضا. الصحفية اليونانية ايفيتا يتناراكي وأحد زملائها بعد سقوط قذيفة بجوارهما فى الاطار بيتر آرنيت