سألني احدهم بدافع من فضول: ما تحب؟؟ فأجبته متحدثاً: احب الليلة المقمرة في واحة خضراء تتوسطها عرصات من العشب الاخضر الندي، تحيط بها جداول المياه، ينساب فيها الماء بين الصخور محدثا بخريره صوتا موسيقيا، صادرا من موسيقى الطبيعة.. لا تلك الاصوات التي تصدر عن قيثارة «المغنى» عندما يحرك أوتاره. احب كل هذا عندما تشرق الشمس بخجل كخجل الغادة الهيفاء - بعد ان تنقشع الغيوم والسحب - على أودية مخضرة من الاشجار البارضة ا لندية. تتخللها اعواد الخزامى المبتلة من المطر، وزهيرات من الاقحوان، احب كل هذا عندما يهب النسيم عليلا بليلا يداعب الاغصان والازهار فتناجيه بما يصدر عنها من حفيف، وتحييه برقصات عندما تتحرك. احب كل هذا عندما تكون الأوراق ندية مبتلة تحاكي عيون الاحبة عندما يرسلون الدمع من شدة الفرح. احب كل هذا لأنني اشعر معها بالفرح والمرح والسرور. احب كل هذا لأنه يطرد الهم والحزن.. احب هذه المخلوقات والمناظر.. لماذا؟؟ لأنها لا تنقل النميمة ولا تنافق ولا تتملق في الكلام.. لأنها لا نعمل على ملايين الموجات الطويلة والعريضة التي ادخلها بنو البشر في معاملاتهم واخلاقهم.. أولئك الصنف من البشر اصحاب الشاشات الفضية النفسية والفحمية.. انها فضية بحضورك، وفحمية بغيابك. نعم.. إنني أكرههم من سويداء قلبي.. نعم أكرهم واحب تلك المناظر وتلك الاماكن عندما تكون خالية من شياطين الانس والجن. ناهيك عن هذه الصفات التي لا يتخلق بها الا من كتب عليهم قلة الراحة وهدوء البال في الحياة الدنيا والعذاب في الآخرة.. ناهيك عن هذه الصفات التي ما تخلقت بها امة من الامم او جيل من الاجيال الا وأصيبت بالتفكك والانحلال.