في الواحدة ظهراً يرن هاتف القاضي ليكون على الخط سائلة تقول: إني أكلمك من غرفة مغلقة، وقد تقاطر الخُطَّاب وبلغت سن الأربعين وكان أبي يردهم لأنني موظفة، ويرفض نهائياً أن أتزوجهم، لأن راتبي كبير ويخشى من فقدانه برغم أني أقول له: إن راتبي لك وحدك دون غيرك، وأن كل ما سوف أكسبه سيكون لك، ولكن اتق الله ولا تدعني أحرم من الذرية فيصِرُّ ذلك الأب الجشع، يصرُّ أبي هداه الله على منع الخُطَّاب، سيدي القاضي: إنني أتمتع بجمال وأخلاق، ولكن ما يؤرقني هو أن يفوت وقت الانجاب عندي فأحرم من الذرية ولن أقف أمامك في المحكمة مخاصمة لأبي مهما كان الأمر ولا أريد أحد يعلم أني تحدثت معك عن هذه المشكلة، ولا أستطيع أن أكرر مهاتفتك أو أتحدث مع غيرك فيداي تنتفض على الهاتف خوفاً من أن يسمع أحد كلامي فيبلغ به أبي فيوسعني ضرباً بالسياط وتوبيخاً وتقريعاً وتبكيتاً، فهل يجوز لي أن أدعو على والدي بالموت؟ وهل يجوز لي أن أطلب من الله عز وجل أن ينصفني من ظلمه في الآخرة؟ فإني أعلم أن خصومتنا في الدنيا غير ممكنة، لأنني من أسرة راقية، ولأنني أعيش في مجتمع يقل فيه ويندر ظلم الآباء، ويحز في نفسي أن يعير أبي، وقديماً قالوا كل فتاة بأبيها معجبة. هكذا سألت أو نحو، منه بعد زخرفته وتزينه وقد سلمتني السؤال عظماً وسلمته لكم في الصحافة مفتاحاً فاحترت في أمرها، وقلت: إن الصبر هو من أعظم ما ينفعك الله به وعليك بالدعاء والتضرع في السجود بأن يهدي الله أباك، وإذا صدقتي اللجوء إلى الله عز وجل استجاب الدعاء وهدى أباك وأصلحه وعليك أن تسلطي على أبيك عقلاء قومك وعاقلاته، بطرق مؤدبة فقالت: قد فعلت كل شيء، ولم أفلح فقلت: إنا لله وإنا إليه راجعون، واصبري واحتسبي والى الله المشتكى، ويتعاظم السؤال عندي، وعند غيري هل لهذه الصارخة المستغيثة من مغيث؟! وهل يمكن لولي الأمر أن يبحث بطرقه السرية الممكنة عن الآباء الظَّلمة ويردعهم عن ظلمهم؟ وهل من حقه شرعا أن يتدخل في موضوع عضل البنات، تدخلاً مباشراً في الذين لا يوصلون بنياتهم إلى قطار الزواج؟، وقفت عندي أسئلة حائلة، ولكنني نظرت في أمر ولي الأمر الأعظم فوجدت أن الله جعل له مخرجاً وأتاه سبلاً شرعية يسلكها، وهي: أن يشترط الزواج في كل فتاة تدخل الجامعة، وأن يشترط الزواج في كل معلمة تريد أن تعلم، وان يشترط الزواج في كل موظفة تريد أن تتوظف، إذا لم يأت الزواج فلا زواج ولا وظيفة، فتصبر وتحتسب لأن هذه مصائر،لأني وجدت أن هذا الأمر معضلاً جداً وينبغي أن يخضع لدراسة مكثفة من هيئة كبار العلماء ولوعي ديني من أئمة المساجد والدعاة والفضلاء ولتدخل قوي من ولي الأمر، ولن يعدم ولي الأمر طريقا شرعياً مسدداً يوفق فيه لنصرة بنياته المظلومات من آبائهن الظلمة فنسأل الله أن يعين الجميع وأن يهدي الآباء الظلمة ويخرجوا عن ظلمهم ويرتدعوا عن غيهم ويرحموا بناتهم فقد قال عليه الصلاة والسلام: «إذا أتاكم من ترضون دينه وخلقه فزوجوه إلا تفعلوا تكن فتنة في الأرض وفساد عظيم»، فحرمان البنات من الزواج بغير حق ظلم خطير عقابه صارم وربما عجلت العقوبة عند الله عز وجل فنسأل الله للجميع الهداية والتوفيق والعفو والعافية وان يصلح أبناءنا وبناتنا ويرزق الأيامى من أبنائنا وبناتنا الأزواج الصالحين والزوجات الصالحات انه سميع قريب مجيب وصلى الله على محمد.